حالة الطوارىء؛ هو مصطلح تم استخدامه من قبل الرئيس الأميركي دونالد ترامب في عناوين قراراته الـ80 الرئاسية، وهي المصوغات التي وقع عليها وسط الحشود الشعبية في فصول الطاقة والصحة والتعليم والحدود والهجرة والحريات، وهذا ما يعني أن الرئيس ترامب يدخل للبيت الأبيض مستنفرًا يريد إلغاء حقبة جو بايدن الرئاسية بكل ما فيها من سياسات وكل ما تضمنته من قرارات، على اعتبارها على حد تعبيره ليست شرعية في بيان تشكيكه بشرعية انتخاب الرئيس بايدن السابقة.
الأمر الذي جعل من خطاب الرئيس العائد في بيان التنصيب يكون حادًا للرئيس بايدن، وغير مناسب في احتفال التنصيب على الرغم من أجواء الاستقبال الدافئ الذي حظى به في البيت الأبيض، ودخول الجميع في سيارة رئاسية واحدة من البيت الأبيض إلى الكابتول لكن الخطاب الرئاسي حمل الكثير من الرؤية التي يصعب عليه تنفيذها عبر سياسة الإذعان في جملة إقران بيان أقواله إلى أفعال.
على الرغم مما يتمتع به الرئيس ترامب من شرعية انتخابية، وما تقف عليه أميركا من نفوذ سياسي واسع، لكن خطاب الرئيس ترامب يجده كثير من السياسيين أنه تخطى كل حدود اللباقة الدبلوماسية وغلا في مسألة توسيع حدود أميركا وفي أتون فرض سياساته بالقوة الاقتصادية أو حتى بالقوة العسكرية، لا سيما وأن سياساته تبعد دول الاتحاد الأوروبي ومظلة الناتو عن أميركا، ودخوله في حالة انفصال في العقدة الأنجلو أميركية، وهذا ما يجعل من أميركا بسياسات الرئيس ترامب تحمل ظلاً ثقيلاً على العالم أجمع وهو استهلال يجده مراقبين غير محمود.
ويعلم متابعين إن سياسة الرئيس ترامب تقوم على رفع الصوت وإيجاد غبرة قبل الدخول في بيان التفاوض للحصول على نتائج أفضل في ميزان التقدير السياسي، لكن هذا الأسلوب أصبح معلوم للجميع ولا يرسل رسالة استقطاب، بل يحمل رسالة استنفار، وهذا ما جعل من المشهد العام مشهد محتقن كما يجعل من الجميع يعيش أجواء غير صحية، وهو ما سينعكس على طبيعة المشهد ويجعل من مراكز الإرسال وحواضن الاستقبال تعيش أجواء محتقنة غير صالحة لإنجاز ما يراد إنجازه، ولن تحمل في المحصلة جملة توافق ولن ترسو في حواضنها حالة استدامة يمكن البناء عليها في خطوات استراتيجية لاحقة، وهذا ما يجعلها مبتورة ومجزوءة العنوان، فالجملة التجارية مغايرة في صياغتها عن الجملة السياسية، لا سيما وأن مسألة الربح والخسارة في المقام السياسي قد تكون معنوية استراتيجية وليست مادية مرحلية.
خلاصة القول، الذي يريد إبقاء معادلة التعامل تقوم على أسس مرحلية وترسم سياستها على قواعد مرحلية وليست استراتيجية، فإن التعامل مع هذه السياسات من قبل الجميع سيكون في القطعة أي خدمة مقابل خدمة ولن يكون بمقدور أميركا وحدها العيش في قلعة أميركا الشمالية، حتى لو حصلت عليها جمعيها بكل دولها من كندا شمالاً إلى بنما جنوبًا ومن غرينلاند إلى ألاسكا، لأن أميركا وإن كانت تحمل شرعية إقرار القوانين بحكم قوتها فلن تستطيع تنفيذها كونها تفتقد لمشروعية القبول، وهذا ما يجب على الإدارة الجديدة أن تدرك أبعاده عند تعاملها مع قضايا مفصلية فى الشرق الأوسط الذي قد يستدير فيه الرئيس ترامب لسياساته وينهي القضية الفلسطينية ويحقق طبيعة علاقات بين شعوب المنطقة ويحصل على "جائزة نوبل للسلام" عن استحقاق وجدارة في حينها، على أن يأتي ذلك كله ضمن توافقات تستند للشرعية الدولية وفي محصلة التفاوضات يمكن الاعتماد على الأردن في إنجازها بثلاثية أبعاده المصرية والسعودية، وهذا ما يمكن أن يكون عنوان المحطة الأولى في جولة وزير الخارجية الجديد ماركو روبيو بعد حالة الهدوء التي تخيم على غزة القطاع، وبيان الإنجاز الذي يتوق إليه الجميع من أجل أن تنعم المنطقة بالسلام الذي تحفظه الأجيال وتصونه.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها