لم تكن استقالة رئيس هيئة الأركان من الجيش الإسرائيلي الأولى، بل سبقته استقالات وستتبعه أخرى من قيادة وأذرع في الجيش الإسرائيلي، لقد جاءت هذه الاستقالة نتيجة ضغوطات من الجانب السياسي في الحكومة الإسرائيلية التي يتصدرها اليمين الإسرائيلي. وكان الجيش ومنذ نشأة إسرائيل محسوبًا على اليسار الإسرائيلي، وهو اليوم يفقد أهم قواعده في الدولة الإسرائيلية، وهو التحول الذي بموجبه سيحدث التغيير الإيدولوجي لصالح اليمين الذي سوف تتاح له اليوم الفرصة على تعيين قيادة أمنية وعسكرية تتوافق مع تطلعاتهم وسياستهم اليمينية، ومع أن الجيش الإسرائيلي في تكوينه الحالي يقدم كل التسهيلات والحماية للمستوطنين، إلا أن هذا التحول اليوم يضع إيدولوجيا المستوطنين في قيادة الجيش الإسرائيلي مما يجعله أكثر عدوانية مع الفلسطينيين، ويعمل على تطبيق المفاهيم والفكر الإيدولوجي للمستوطنين وتسود الكراهية والعنصرية، وتؤول الدولة إلى نظام الأبارتهايد والفصل العنصري.
يمارس اليمين الإسرائيلي ضغوطه على رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، ليجري هذا التغيير في قادة الأمن والجيش الإسرائيلي، تحت ذريعة الاخفاق في السابع من أكتوبر 2023، بما يعني أن المستوى السياسي في إسرائيل يتنصل من مسؤولية ما يسمى بالاخفاق في السابع من أكتوبر 2023 ويحملها إلى المستوى الأمني والعسكري في الدولة. التغيير في عقيدة الجيش الإسرائيلي يأتي ليخدم مصالح وأطماع اليمين الإسرائيلي في الاستيطان والضم وطرد الفلسطينيين من بيوتهم ومزارعهم وأراضيهم وممتلكاتهم. كما أن اليمين الإسرائيلي، يسعى إلى أن يقوم الجيش الإسرائيلي باجتثاث التهديدات التي تواجه إسرائيل بدل التعايش معها.
هنا أود التوضيح للرأي العام الفلسطيني والعربي والدولي، إلى أين تتجه الأمور هنا، وأن مجريات الأمور تأخذ منحنى جديد، أهم أوجهها أن هذا التغيير له ما له وعليه في المنطقة سواء على الصعيد مع الفلسطينيين، أو مع الدول العربية المجاورة، حيث الأطماع اليمينية في التوسع للحدود في دولة الكيان الإسرائيلي، في الضفة الغربية، وقطاع غزة، هذا من جانب ومن جانب آخر فإن الجيش الإسرائيلي سوف يلج إلى ارتفاع في وتيرة العنف بشكل واسع تحديدًا مع الفلسطينين في الضفة الغربية، وإذا عاد إلى الحرب في قطاع غزة ولبنان سوف يبدو المشهد أكثر دموية مما عليه في الحروب السابقة.
هذا المشهد ينبئ إلى أين تتجه الأمور، وأن التغير في دولة الكيان سوف يطال على ما يبدو قطاعاتها التي مثلت لعقود وجه الديمقراطية والعدالة في إسرائيل، وهذا تحول استراتيجي من دولة تباهت لعقود بأنها الدولة الوحيدة رمزًا للديمقراطية، لتنهي هذا المفهوم في ظل اليمين الإسرائيلي الذي يفرض إرادته والتغير في كل مفاصل الكيان الإسرائيلي ليحوله أكثر عنصرية، ودولة الفصل العنصري الذي نبذها العالم منذ عقود مضت.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها