بقلم: فاطمة إبراهيم
كانت والدة الشهيد مجدي عرعراوي تستعد لاجتياز الحدود بين الأردن والمملكة العربية السعودية، في طريقها لإتمام مناسك العمرة، برفقة ابنتها وزوجة ابنها، ليصلها اتصال من العائلة يفيد بقصف منزلها في مخيم جنين، الذي كان بداخله ابنها الشهيد محمد "33 عامًا" وابن عمه أحمد عرعراوي "37 عامًا".
دوت صرخات أم مجدي داخل الحافلة التي تقل المعتمرين "ابني في البيت قصفوا ابني"، وبعد عمليات تنسيق أجراها ضُباط الحدود الأردنيين في مدينة الحجاز "المنطقة المخصصة لاستقبال المسافرين المتجهين لأداء العمرة الى مكة"، تمكنت أم مجدي وابنتها وزوجة ابنها من العودة إلى المخيم، لتودع جثمانه وتشارك في تشييعه.
بقيت أم مجدي طوال الطريق على تواصل مع أقاربها تتوسلهم بأن لا يشيعوا جثمان محمد، وهو الشهيد الثاني لها، حيث فقدت نجلها مجدي قبل عامين بينما كان يستعد لاستقبال نتائج الثانوية العامة، قتله حينها قناص إسرائيلي خلال اقتحام مخيم جنين.
وفي ذلك الوقت وبعد أيام قليلة على استشهاده، أعلنت وزارة التربية والتعليم عن نجاحه وحصوله على معدل 94 في الفرع الصناعي، تقول الأم: أنه "كان يحلم بدراسة الهندسة الصناعية، وأنه درس واجتهد كثيراً لتحقيق حلمه".
اليوم تفقد أم مجدي نجلها الثاني محمد، وتعود إلى حارة الدمج، إلى منزلها المدمر بفعل قصف طائرات الاحتلال الإسرائيلي، الذي دمرته بشكل كامل أمس الأربعاء.
وعلى مدخل حارة الدمج كان الشبان يحملون جثمان الشهيد محمد وابن عمه أحمد الذي استشهد برفقته، استقبلت والدته موكب التشييع بالبكاء والتكبيرات، أصرت على أن تشارك في حمل جثمانه والسير به في أزقة المخيم، وعند وداعه، بكت الأم بحرقة.
وبكثير من الرضى تقول: إن "محمد كان سببًا في ذهابها لأداء مناسك العمرة، فقد قال لها اذهبي لتتحسن حالتك النفسية، كوني لم أنسَ بعد شقيقه مجدي".
وأضافت بعد أن حملت طفلته التي لم تكمل عامها الأول: "هذه قطعة منك يا محمد، هذه أمانتك وقطعة منك يا حبيبي".
أمام المنزل المدمر بفعل الصواريخ، وقف أطفال الشهيد أحمد العرعراوي الأربعة يتفقدون بقايا المنزل، قالت طفلته الكبرى: أنهم "كانوا في زيارة لمنزل جدهم في نابلس لحظة القصف، وأنها لم تكن تعلم أن والدها في المنزل في ذلك الوقت".
واستشهد أمس 6 مواطنين، وأصيب اثنان بجروح حرجة، في قصف نفذه طيران الاحتلال الإسرائيلي على مخيم جنين.
وقالت وزارة الصحة: إن 6 شهداء وصلوا إلى مستشفى جنين الحكومي من موقع القصف في المخيم، والشهداء هم: محمد يونس عرعراوي (33 عاماً)، وأحمد ياسين عرعراوي (37 عاماً)، ومحمود أحمد فياض (22 عاماً)، وأسامة عبد الكريم أبو دروبي (26 عاماً)، ومصطفى محمد فياض (26 عاماً)، وعوض صبحي أبو زيد (27 عاماً).
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها