دولة النازية الصهيونية المنفلتة من عقال القوانين الإنسانية الدولية والدينية لم تنفك عن انتاج وإعادة انتاج الإبادة والموت والتطهير العرقي العنصري والدمار للشعب الفلسطيني عمومًا وفي قطاع غزة خصوصًا. انعكس ذلك في رسالة وقع عليها ثمانية نواب كنيست أعضاء في اللجنة الخارجية والأمن يوم الخميس 2 كانون الثاني/يناير الحالي 2025 سلموها لوزير الإبادة، يسرائيل كاتس، طالبوا فيها جيش الموت والإرهاب المنظم الإسرائيلي بتدمير كافة مصادر الماء والغذاء والطاقة في قطاع غزة. زاعمين بأن عمليات الإبادة التي نفذها الجيش طيلة الـ457 يومًا الماضية، والتي أودت بحياة نحو 46 ألف شهيد، وما يقارب الـ109 ألف جريح في القطاع، بالإضافة لما يزيد عن 10 آلاف من المفقودين تحت الأنقاض، والتدمير غير المسبوق لمئات الآلاف من الوحدات السكنية ومعالم الحياة كافة لا تسمح بتحقيق أهداف الحرب التي وضعها المستوى السياسي.
وفي انفلات وحشي من القيم الإنسانية والقانونية والأخلاقية، اعتبر أولئك النواب، أن جرائم الإبادة الجماعية في قطاع غزة وخاصة شماله، التي نفذها جيش الإجرام والوحشية لتهجير سكان محافظة الشمال إلى جنوب القطاع "لا تنفذ بالشكل اللائق".

وكأن لسان حالهم يدعوا إلى المزيد من سعار وحرب الأرض المحروقة لسحق الأطفال والنساء والشيوخ والأبرياء، وحرمانهم من الغذاء والماء والكهرباء والوقود والمأوى في الخيام، التي لا تقيهم من البرد وحر الصيف وقنابل الإبادة الأكثر وحشية وفتكًا بالإنسان، بما فيها القنابل النووية التكتيكية لإجبارهم على النزوح إلى الجنوب.
وطالبوا وزير الحرب بإعادة النظر في خططته، ليس هذا فحسب، بل شددوا على توسيع وتعميق محاصرة السكان في الشمال لدفعهم للتهجير القسري إلى الجنوب، وعلى الجيش أن يدمر مصادر الطاقة والغذاء والمياه في المحافظة، وقتل أي شخص يتنقل في المنطقة، ولا يخرج رافعًا راية بيضاء.
وأضافوا: أنه "يجب العمل بهذا الشكل ليس في شمال القطاع فقط، وإنما في أي منطقة أخرى".
والأسئلة التي تطرح نفسها على النواب القتلة، ومؤسسة الإبادة الإسرائيلية الأميركية العسكرية والأمنية ومن خلفها القيادات السياسية، صاحبة قرار وتنفيذ الإبادة الجماعية، ماذا تبقى في جعبة القيادات الموغلة في النازية؟ وهل هناك أعمال وحشية وجهنمية لم يرتكبونها في إبادة أبناء الشعب الفلسطيني في غزة والضفة؟ وهل تمكنوا من تحقيق "هدف النصر الكامل" هدف نتنياهو وأقرانه من مجرمي الحرب، رغم كل فظائع الموت المعلن بالقنابل والأسلحة الفتاكة، أسلحة الدمار الشامل، وأسلحة التجويع من خلال تقنين دخول المساعدات الإنسانية للحد الأقصى والأمراض والأوبئة والنزوح والحرمان من كل إمكانية للبقاء؟ ماذا بعد الإبادة الجماعية وحرب الأرض المحروقة، التي فاقت كل عناوين النازية التي شاهدها وسمع بها الإنسان؟. وماذا عن المجتمع الدولي، وإلى متى سيبقى يراوح بين التنديد، وإصدار القرارات الأممية دون رصيد ولو متواضع للتطبيق ووقف الحرب اللا إنسانية؟ وماذا عن مواقف الأشقاء العرب؟ ألا يسمعون، وألا يقرأون تصريحات ومواقف قادة دولة الإبادة الجماعية الإسرائيليين؟ وأي سلام يمكن أن يكون مع هكذا دولة مارقة وخارجة على القانون، ترعاها وتقودها الولايات المتحدة الأميركية، وتمدها بكل أسلحة الدمار الشامل، وآخرها أمس السبت في الرابع من كانون الثاني/يناير الحالي أُبْرِمت صفقة بثماني مليار دولار أميركي، وفق ما أبلغت إدارة بايدن الأكثر وحشية ونازية الكونغرس حتى تجاوزت المساعدات العسكرية الأميركية الـ30 مليار دولار من بداية الإبادة في الثامن من تشرين الأول/أكتوبر 2023؟.

آن الأوان أن تنتهي المهزلة العالمية، وأن ترتقي هيئة الأمم المتحدة بمجلس أمنها وجمعيتها العامة من خلال تبني سياسات أكثر حزمًا وقوة ورصيدًا في قراراتها ضد نازيو العصر الحديث، الذين يهددون السلم والأمن الإقليمي والدولي، وأن تصدر قراراتها استنادًا للفصل السابع، وتشكيل قوة دولية تفرض على إسرائيل وقف حربها الهمجية على الشعب العربي الفلسطيني. وكذلك مطلوب من الأشقاء العرب أن يغادروا موقف المراوحة والانتظار وتفعيل أوراق القوة الموجودة بأيدهم ضد إسرائيل والولايات المتحدة، وهذا في مصلحتهم الوطنية والقومية، وليس في مصلحة الفلسطينيين فقط. وقبل الجميع على القوى الفلسطينية كافة أن تخرج من شرنقة الانقسام والانقلاب الأسود، وتذهب لتجسيد الوحدة الوطنية تحت راية منظمة التحري الفلسطينية، وأن تكف حركة حماس عن سياسة اللف والدوران في متاهة الانقلاب وإدارة المفاوضات لوحدها، وأن تتوقف كليًا عن التحريض والتخوين والتكفير ودفع أدواتها المضللة في المخيمات وخاصة مخيم جنين، والجامعات وخاصة جامعة بير زيت للتوقف عن إثارة الفتن والاقتتال الداخلي. لأن كل هذه الانتهاكات لا تخدم سوى العدو الإسرائيلي الأميركي، ولن تفيدهم بشيء، ولن تعزز موقعهم في المشهد السياسي، بل العكس صحيح. ولتستخلص قيادة الحركة الدروس والعبر، كما فعل أقرانهم في سوريا، بتوحيد كل الفصائل العسكرية في إطار الجيش الوطني الفلسطيني، أجهزة الأمن الفلسطينية: أمن وطني وشرطة ووقائي ومخابرات وتحت راية النظرية الأمنية الوطنية لحماية الشعب والمشروع الوطني والقضية والنظام السياسي الواحد.