في تحد لإعاقتها وشعور غامر بزهوة الانتصار تعيش ياسمين مصطفى النجار (17 عاما) بعد تمكنها من الوصول إلى أعلى قمة "أوهروا" بجبل كلمنجارو على ارتفاع 6000م في السادس عشر من كانون الثاني الماضي، لتثبت "للعالم أن العجز بالعقل وليس بالجسد" كما قالت.
ياسمين النجار من قرية بورين جنوب مدينة نابلس وتلتحق بإحدى مدارسها، تعرضت بعمر ثلاث سنوات لحادث سير بترت ساقها اليمنى على إثره، لم تقف عند حدود إعاقتها فجعلت من التصميم والثقة بذاتها طريقا لخوض المغامرات، وكانت إحداها تسلق جبل كلمنجارو في أفريقيا (تنزانيا)، وهو رابع أعلى قمة في العالم ويرتفع عن مستوى سطح البحر6000م.
تأتي مشاركة ياسمين النجار ومعتصم أبو كرش من قطاع غزة، كمشاركة إنسانية لأطفال العالم من ذوي الاحتياجات الخاصة لتوجيه العدسة إليهم لما يجري في العالم من اضطهاد للأطفال وعنف يمارس بحقهم، وفق ما قاله القائمون على النشاط لوسائل الإعلام.
قالت النجار "بدأت رحلتنا من افريقيا بقيادة المتسلقة الفلسطينية سوزان الهوبي أول امرأة عربية تتسلق قمة جبل إفرست عام 2011، بالتعاون مع صندوق رعاية الأطفال الفلسطينيينPCRF، وهو منظمة اميركية فلسطينية غير حكومية تعمل مع أطفال من جميع الجنسيات في مناطق الحرب بالشرق الأوسط".
وأردفت النجار أنها حين وصلت "أوهروا" وزعت أعلاما فلسطينية على رفاقها ورفعت علم فلسطين عاليا كتعبير عن الحرية لتثبت للعالم أن "الحرية ممكنة، حتى على جبال بورين التي لا تستطيع الوصول إليها بسبب المستوطنات المقامة عليها رغم بعدها 700 متر فقط عن منزل العائلة".
تواصلت رحلة الصعود إلى أعلى الجبل 6 أيام صعودا ويومين نزولا، عبر طريق وعرة وظروف جوية متقلبة و"منحدرات سحيقة لم أعتدها"، على حد قولها.
وتضيف: كان برفقتي الطفل الفلسطيني من قطاع غزة معتصم أبو كرش، وهو أيضا موصول بطرف صناعي، وفريق يضم 12 شخصا من أصول عربية.
وأوضحت النجار أن التسلق بدأ يزداد صعوبة بعد اليوم الرابع، حيث تراكم الضباب والغيوم وبدأ الغطاء النباتي يتلاشى على ارتفاع 4800م.
وبينت النجار أن التسلق كان يبدأ من الساعة الخامسة صباحا، وكانوا يستريحون في "المخيمات"، وهي عبارة عن مجموعة من الخيام موزعة في مناطق معينة من الجبل تمثل نقطة انطلاقهم في كل يوم.
ووصفت النجار لحظة وصولها إلى قمة الجبل بعد مشي حوالي 80 كيلو مترا "بالانتصار الممزوج بالفرح والبكاء في ظل الأجواء الباردة والهواء السريع ونقص الأكسجين"، وبقوا على القمة 20 دقيقة فقط.
وعانت النجار أثناء تسلقها من بعض التقرحات التي أصابت قدمها وصعوبة التنفس كلما صعدت مسافة نحو القمة، ومن صعوبات الطقس المتقلب حيث عاشت أربعة فصول باليوم الواحد، عدا عن وجود الحصى والغبار والانحدارات العالية، وكانوا يمشون 1000 متر بـ15 ساعة.
تستذكر دور والديها اللذين وقفا إلى جانبها منذ صغرها من "خلال تربيتي على الثقة بالنفس والعيش في المجتمع كأي فرد آخر لا يعاني من شيء".
تقول النجار، "الإعاقة إعاقة العقل وليس الجسد، لا للمستحيل في ضوء المثابرة والمواصلة في تحقيق المراد، وسوف أسعى لتحقيق حلمي بدراسة هندسة الأطراف الصناعية في ألمانيا بعد إنهاء الثانوية العامة".