طبعا ، نحن على حق حين بذلنا الجهد الصادق والمخلص في سبيل مغادرة الانقسام الأسود ، وفتح أبواب المصالحة !!! ومؤكد أيضا أننا على حق حين ذهبنا إلى الأمم المتحدة لنطالب العالم كله بعضوية كاملة لدولة فلسطين على حدود الرابع من حزيران ، وأن العثرات التي واجهناها لم تثنينا عن استمرار المحاولة الشجاعة والعادلة لتحقيق هذا الهدف . 

وطبعا نحن على حق حين رفضنا استئناف المفاوضات بطريقتها القديمة ومعاييرها القديمة ، ونصر على تأكيد وتنفيذ المرجعيات التي نطالب بها من أجل أن تكون هذه المفاوضات ذات جدوى ، توصلنا إلى طريق السلام الحقيقي الذي نريده ونشبث به ، والقائم على حق شعبنا في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس . 

وأكبر إثبات بأننا على حق ، هو هذا السلوك الهستيري والعدواني من قبل ائتلاف الذئاب الحاكم في إسرائيل الذي يقوده بنيامين نتنياهو ، وهو ائتلاف يزايد فيه أعضاءه على بعضهم ، أيهم أشد تطرفا وعدوانية ضد الشعب الفلسطيني وحقوقه ، وأيهم أشد كراهية للسلام الحقيقي ، وأيهم أكثر استهانة بالقانون الدولي والإنساني ورفضا لقرارات الشرعية الدولية !!! 

في الأيام الأخيرة : 

وفي أعقاب الحوارات الناجحة التي أجرتها حركتا فتح وحماس في القاهرة مع بقية الفصائل ، برعاية مصرية كريمة ، ونتج عنها هذا التوافق الإيجابي الكبير الذي ترجم إلى ورشة عمل كبرى لإنجاز المصالحة على أرض الواقع ، والمضي قدما إلى الانتخابات ، وتكريس منظمة التحرير الفلسطينية وتعزيز دورها من خلال مشاركة الجميع تحت سقفها الوطني ، رأينا ائتلاف نتنياهو يكاد ينفجر من الغيظ والحقد والكراهية ، فيتنافس أعضاءه الكبار مثل سلفان شلوم نائب رئيس الوزراء ، وأفيغدور ليبرمان وزير الخارجية ، وجدعون ساعر وزير التربية والتعليم ، فيخرجون علينا وعلى العالم بهجوم مجنون ضد الرئيس أبو مازن !!! لماذا ؟؟؟ لأنه يسعى إلى المصالحة وتشكيل حكومة وحدة وطنية فلسطينية !!! ولأنه تقدم خطوات هامة جدا لإنهاء الانقسام !!! ولأنه كرر موقفه الإيجابي العميق من المفاوضات حين تتحقق مرجعياتها المحقة التي نطالب بها فلسطينيا !!! فأصبح الرئيس أبو مازن في نظر هذا الائتلاف الذئبي رجلا معاديا ، وأشد خطورة ، وليس شريكا في السلام ، وهو المعرقل الأكبر للسلام !!! وبقية المعزوفة القديمة الجديدة التي يكررها أعضاء هذا الائتلاف الحاكم في إسرائيل . 

بربكم ، هل هناك إثبات أكثر من هذا بأننا على حق حين نريد الخلاص من الانقسام الأسود ، والتقدم إلى المصالحة الوطنية ؟؟؟ 

هل تريدون إثباتا أكبر من هذا ، بأن الانقسام كان من الأساس صناعة إسرائيلية مئة فالمائة ، وأنه كان أداة إسرائيلية استيراتيجية لتصفية القضية ، وكان هدفا إسرائيليا ، وفائدة إسرائيلية المحضة ، وأن الخلاص منه يشكل ضربة قاسمة لهذه الاستيراتيجية الإسرائيلية العدوانية ؟؟؟ 

ولكن هذه الحقيقة :

الحقيقة البسيطة والعميقة في آن واحد ، التي يعترف بها قادة إسرائيل صراحة أو من خلال ممارساتهم ، هذه الحقيقة البسيطة العميقة لا يكفي أن نعرفها فقط ، ولا يكفي أن نعلنها فقط ، بل يجب أن توجه وعينا الجمعي الفلسطيني إلى مزيد من الحرص والحذر والانتباه ، ومراقبة كل ما يجري داخلنا وحولنا في آن واحد . 

فنحن نستطيع الاستنتاج بسهولة لماذا هذا السباق الاستيطاني المجنون داخل القدس وفي عموم الضفة الغربية ، ولماذا هذه البشاعة والانحدار الأخلاقي في السلوك الإسرائيلي اليومي الذي وصل إلى حد إحراق مساجد القرى !!! ولماذا المستوطنون يتحولون إلى قطعان سائبة بتشجيع من حكومة نتنياهو ، ومن الجيش الإسرائيلي ، ومن أجهزة الأمن الإسرائيلية ، بل وحتى من الكنيست الإسرائيلي نفسه ؟؟؟

بل أكثر من ذلك :

علينا أن نراقب بعمق ودقة ما يجري في داخلنا ، فإن كل صوت يعكر أجواء المصالحة إنما هو صوت يخدم جوقة الاحتلال الذي لا يريد المصالحة !!! وكل سلوك رديء واستفزازي وينكأ الجراح- حتى لو ادعى أصحابه أنهم مخلصون تنظيميا لفصائلهم- إنما هو في خدمة هذه الهستيريا الإسرائيلية الحاقدة التي لا تريد لنا المصالحة ، والتي تريد لنا أن نظل غارقين في وحل وعبثية الانقسام . 

يجب أن نراقب التصريحات ، والممارسات ، والإجراءات ، والعرقلات ، والتوتيرات التي تجري في الداخل الفلسطيني الآن ، ما هي وجهتها ؟؟؟ ومن يقف وراءها ؟؟؟ وما هو هدفها المعلن وهدفها الخفي ؟؟؟

بعد هذه الحوارات الناجحة التي بدأت منذ الرابع من مايو الماضي ، ثم تكرست بعد خطاب الرئيس أبو مازن فوق منصة الأمم المتحدة في أيلول الماضي ، ثم اللقاء الهام الذي جمع الأخ الرئيس أبو مازن مع الأخ أبو الوليد خالد مشعل في القاهرة في الرابع والعشرين من نوفمبر الماضي ، ثم حوارات الأيام الأخيرة في القاهرة ، حين وضعنا أقدامنا على الطريق وتبلورت إرادتنا في المصالحة ، وأصبحنا قابة قوسين أو أدنى ، يجب أن نكون متنبهين وحذرين جدا ، لأن الخطأ هنا في هذه اللحظات الحاسمة قد يكون قاتلا ، ولأن الحريق قد يأتي من مستصغر الشرر الذي لا نلقي له بالا عند حدوثه !!! ولأن الشياطين كلها قد تحتشد في جزئية صغيرة مثل استدعاء مناضل وإهانته ، أو تنزيل علم عن باب بيت ، أو إطلاق تصريح متشنج ، أو تعطيل اجتماع يعتبر انعقاده خطوة بداية هامة ، أو افتعال حادث سلبي بخبث كبير !!!

لقد أصبح الطريق واضحا ، وأعدائنا بسلوكهم الهستيري يقدمون لنا البرهان الأكبر بأننا على حق ، ولهذا يجب أن تكون الهمة عالية ، والإصرار والانتباه بلا حدود .