بقلم: إياد الطويل
تعاني البلدة القديمة في القدس المحتلة من تراجع حادٍّ في النشاطين السياحي والتجاري، نتيجةً للإغلاقات المتكررة التي يفرضها الاحتلال على المسجد الأقصى والبلدة القديمة عمومًا، ما زاد من صعوبة الحياة اليومية على التجار والمقيمين خلال الحرب على غزة.
ويعتبر المسجد الأقصى المبارك شريان الحياة الاقتصادية للبلدة القديمة، لكن إجراءات الاحتلال والتضييق على المواطنين أدت إلى تراجع حركة الزوار بشكل كبير، ما زاد من معاناة التجار ودفعهم للتعبير عن قلقهم على مستقبلهم ومستقبل مدينتهم.
يقول عدنان جعفر، صاحب محل في سوق خان الزيت منذ أكثر من 70 عامًا: "أنا من مواليد البلدة القديمة، وعمرنا ما شفناها في وضع بهذا الشكل"، مشيراً إلى أن الأوضاع السياسية تلقي بظلالها على الوضع الاقتصادي بشكل كبير.
ويضيف: "لم تتأثر أي منطقة بالحرب كما تأثرت البلدة القديمة"، معرباً عن أمله أن ينتهي العدوان على غزة ليعود الوضع إلى سابق عهده ينبض بالحياة والحركة التجارية.
فمنع الاحتلال المواطنين من التوجه إلى أداء الصلاة في المسجد الأقصى ترك آثاراً اقتصادية مدمرة على الوضع التجاري في البلدة القديمة، فالمسجد الأقصى رمز ديني وسياحي يحرك العجلة الاقتصادية في البلدة القديمة، وفي ظل استمرار الاحتلال في إجراءاته المشددة تبدو البلدة القديمة خالية من السياح والمتسوقين، الأمر الذي أثقل كاهل التجار ووضعهم في حالة صعبة.
يقول أمين أبو عمر، تاجر في خان الزيت: "الحركة أصبحت خفيفة جدًا بسبب حواجز الاحتلال وإجراءاته التي تمنع المواطنين غالباً من دخول المنطقة بالكامل، موضحاً أن البلدة تعتمد بشكل أساسي على الزوار من الداخل الفلسطيني والسياح الأجانب، لكن الأوضاع الأمنية الحالية تمنع الكثير من الوصول إلى البلدة، ما يؤثر بشكل كبير على دخلهم اليومي.
وتحاول بعض الجمعيات المحلية مثل جمعية برج "اللقلق" تقديم المساعدة للتجار من خلال برامج تدريبية على التسويق الرقمي، لدعمهم في مواجهة التراجع الحاد في الحركة على الأرضوتقديم حلول بديلة للتجار الذين يعتمدون بشكل أساسي على المبيعات المباشرة من السياح والزوار.
ويسعى التجار وأحمد دنديس منهم إلى تعزيز تجارتهم عبر الوسائل الإلكترونية، في محاولة للتكيف مع الظروف الصعبة وتجاوز الحواجز المفروضة.
ويؤكد دكيدك أن هذه المبادرات تساهم في دعم التجار، لكنها ليست كافية لتعويض الخسائر المستمرة، خصوصًا مع القيود المفروضة على دخول المسجد الأقصى، مشيرًا إلى أن الإغلاقات في فترات المواسم الدينية، خاصة في الأعياد الإسلامية، تؤدي إلى تراجع حاد في مبيعات المنتجات السياحية.
وتظهر إحصائيات وزارة السياحة الفلسطينية انخفاضاً في عدد الزوار إلى البلدة القديمة بنسبة تتجاوز 50% مقارنة بالعام السابق، فيما انخفضت نسبة إشغال الفنادق إلى 20% فقط، ما يبرز الأزمة الكبيرة التي يمر بها القطاع السياحي في القدس.
ويؤكد رائد سعادة، رئيس التجمع السياحي في القدس، أن أكثر من ثلث المحال التجارية في البلدة القديمة قد أغلقت نهائيًا نتيجة لتراجع عدد الزوار، مشيرًا إلى صعوبة استمرار التجار دون تقديم دعم فعّال.
ويقول سعادة: إن "خسارة السياحة المحلية والخارجية تعني فقدان مصادر دخل حيوية للتجار والمؤسسات السياحية، حيث كانت السياحة تسهم بما يقارب(750) مليون دولار سنويًا".
وفي ظل هذه الظروف القاسية، يبقى التجار في البلدة القديمة صامدين، مؤكدين على ضرورة توفير دعم أكبر للحفاظ على هوية القدس كوجهة دينية وسياحية فلسطينية. ويأمل التجار أن تنتهي الحرب ويعود الأمان إلى القدس، ليظل المسجد الأقصى والبلدة القديمة رمزًا للصمود ونبضًا حيًا يحافظ على الوجود الفلسطيني العربي فيها.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها