افتتحت الكنيست دورتها الشتوية يوم أمس الإثنين 2024/10/28، ويطرح الائتلاف الحكومي خلالها مجموعة من مشاريع القوانين التي تندرج ضمن خطة "الإصلاح القضائي" لإضعاف جهاز القضاء، ومشروع قانون يهدف إلى منع الأحزاب العربية من خوض الانتخابات للكنيست، وآخر يسمح بإغلاق وسائل إعلام نقدية تجاه الحكومة مقابل دعم وسائل إعلام داعمة للحكومة وما إلى ذلك.

والقانون الأبرز خلال دورة الكنيست الحالية هو قانون التجنيد للجيش الإسرائيلي بصيغة تستمر في إعفاء الحريديين من التجنيد رغم أن إسرائيل تخوض حروبا ضد غزة ولبنان وإيران والوضع الأمني يتصاعد في الضفة الغربية، بحسب المحلل السياسي في صحيفة "يديعوت أحرونوت" ناحوم برنياع.

ويتوقع برنياع، أن تنجح الحكومة في سن هذا القانون بهدف إرضاء الأحزاب الحريدية ومنع انسحابها من الائتلاف، وأشار إلى أن رئيس حزب الصهيونية الدينية ووزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، سيؤيد هذا القانون رغم أنه يتعارض كليًا مع مشاعر ناخبيه الذين يحاربون في لبنان وغزة، وهو ما يؤدي إلى تراجع هذا الحزب في الاستطلاع التي تتوقع أحيانًا أنه لن يتجاوز نسبة الحسم في الانتخابات المقبلة.

وقال برنياع: أن "سموتريتش ليس غبيًا، ورغم أنه تهرب من الخدمة العسكرية، إلا أنه يتفهم الإهانة التي يشهر بها ناخبوه. وعلى الرغم من ذلك، فإن المهمة التي وضعها أمامه أهم بنظره، فقد انضم إلى الحكومة من أجل تغيير الواقع اليهودي – لعربي في الضفة، وتقويض الجهاز القضائي ودفع رؤيته لحربه. وهو ليس فئويًا وحسب، إنه خلاصي. وتطبيق رؤيته ممكن فقط في حكومة يمينية – حريدية، ويسمح رئيسها بما لم يسمح به أي من أسلافه. وإذا كان الثمن المطلوب هو التهرب من الخدمة أثناء الحرب لقسم كبير من السكان اليهود، فليكن".

وأضاف: أن "نتنياهو يعمل بموجب منطق مختلف، فقد أقام كتلة سياسية مستقرة، وهو الذي لديه الصلاحية فيها، وهذا أكبر إنجازاته في حياته السياسية الطويلة، فبعد سنة من كارثة 7 أكتوبر، هو في ذروة قوته، وباستثناء يوآف غالانت، لا أحد في الائتلاف يجرؤ على أن يتحداه، المعارضة منقسمة وضعيفة، الاحتجاجات عاجزة، وضمنها احتجاجات العائلات (عائلات الاسرى في غزة)، وحراس العتبة مذعورين أو تم سلب قوتهم، والحكومة تتجاهلهم، وقيادة الجيش، التي كان دورها طوال تاريخ الدولة إجراء توازنات، أضعف من أي وقت مضى، واستمرار الحكم الفردي لنتنياهو مشروط الآن بمشيئة شخص واحد، هو الحاخام من غور"، (أي الزعيم الديني للحريديين الأشكناز الذي يرفض تجنيد الحريديين).

وتابع برنياع: أنه "بالنسبة لنتنياهو، فإن القرار الأنجح الذي اتخذه خلال هذه السنة كان الاستمرار في الحرب من دون تحديد غاية يمكن تحقيقها من أجل إنهائها، وقد استخلص العبرة من أخطاء أسلافه: غولدا مئير أنهت حرب يوم الغفران (1973) بعد 19 يومًا، وأرغِمت على الاستقالة، إيهود أولمرت أنهى حرب لبنان الثانية بعد 34 يومًا واضطر إلى الاستقالة، نتنياهو استمر في الحرب ولم يرغم على فعل شيء كي يواجه الفشل، ولم يشكل لجنة تحقيق أيضًا".

إلا أن برنياع اعتبر أن الفجوة السحيقة بين أجندة الجنود في الجبهة وأجندة السياسيين في الكنيست من شأنها أن تؤدي إلى تمرد صامت، وجنود لن يمتثلوا في الخدمة العسكرية، ولكل منهم ذريعة. والعائلات ستمارس ضغوطًا عليهم كي يبقون في البيت، ومكان العمل سيطالب بحقه، وليس بإمكان أي حكومة أن تخوض حربًا بدون جيش، وخاصة حكومة منشغلة بعرقلة حياة المواطنين إلى هذه الدرجة.