اختلط لحم الضحايا مع بعضه بعضًا، جمعه الناجون، وكفنوه قطعًا جثامين عديدة، بلا أية هوية، فما ثمة ملامح تدل على أحد منهم، مجرد لحم تقطع، وبات أشلاء تكومت كذبائح، على طاولة جزار محترف. وليس بوسع اللغة التي نعرف، وصف هذا الحال، وما كان للموت أن يكون بهذه الطريقة.

الحاج أحمد، والفتى سامر، والشاب علي، ربما باتوا في كفن واحد، من يدري، وما من دالة واحدة تميز اللحم، وتمنح كل قطعة منه اسمه، وهويته.

كانت الصلاة جامعة لكن قذائف الاحتلال الإسرائيلي، لا تريد جمعًا وتجمعًا للفلسطينيين، أيًا كان نوعه، وأيًا كانت حالته، وحتى لو كان في لحظة التعبد، والتقرب إلى الله العلي القدير، رفع الأذان، وما أن اعتدل صف المصلين، حتى انهالت عليهم قذائف الحرب، وفرقتهم أشلاء فتعالى نحيب النازحين من حولهم، الذين راحوا يجمعون أشلاء الضحايا الشهداء، بما لديهم من أغطية، كانت لنوم كسير.

أبشع من مجزرة، وأكبر من مقتلة، ما حدث في مدرسة التابعين، إنها الحرب، بلا أية قيم أخلاقية، وإنها أيضًا شيء من نكران الطوفان، لواقع هذه الحرب، وما تخلف حتى اللحظة، حيث بيان العسكر الحمساوي، في وادٍ، والواقع في وادٍ آخر.

ستتوقف هذه الحرب عاجلاً أم آجلاً ولن نتوهم توقفًا بنصر مؤزر لإسرائيل، إسرائيل في المحصلة باتت مهزومة أخلاقيًا، و"حماس" لم تعد لها غاية سوى النجاة برأسها، حتى لو بصفقة تهدئة، التي لن تكون بلا شروط إسرائيلية، فالطوفان لم ولن يصل للأقصى، وخطاب "حماس" في التفاوض، لم يعد غير خطاب المرونة، التي ربما ستكون بعد قليل بلا أي حدود، هذا ما يؤلف في الواقع رواية الفاجعة، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.