تكشف ردود الفعل الإسرائيلية الغاضبة والمنددة بقرار محكمة العدل الدولية الذي أكد أن وجود الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية غير شرعي، عن حقيقة جدوى النضال الوطني، في دروبه السلمية المشروعة والشعبية، والسياسية والدبلوماسية، بلا رصاص، ولا صواريخ، وبلا خطب تهدد، وتتوعد، يدق هذا النضال، المسمار تلو الآخر، في نعش الاحتلال الإسرائيلي، ويجعل من إسرائيل عرضة لكل المساءلات القانونية، والسياسية، والإنسانية والدولية، والأهم هو التأكيد على أنها دولة لا يمكن لها أن تبقى فوق القانون، وأن تشريعاتها في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ومستوطناتها، تبقى باطلة، وغير شرعية.

هذا إنجازٌ تاريخي وانتصارٌ للعدالة ما كان له أن يتحقق، لولا هذه السياسة الحكيمة للقيادة الفلسطينية، التي تقود هذا النضال، من خلال إطارها الشرعي، منظمة التحرير الفلسطينية، التي ما زال هناك من يشاغب عليها، ويدعو إلى استبدالها بمجموعات تجارية، تسعى لاستثمارات سياسية، إقليمية، في الشعارات الإصلاحوية.

قرار محكمة العدل الدولية الذي تكمن قوته وأهميته في تفصيل رأيها الاستشاري بشأن الاحتلال والتداعيات القضائية بشأن الاحتلال وممارساته، وهذا ما سيجعل من أي "تشريع" إسرائيلي في هذا الإطار، لا قيمةً قانونيةً له، وبهذه المناسبة على الكنيست الإسرائيلي الذي شرعن الأسبوع الماضي، قرارًا برفض ومنع قيام دولة فلسطينية أن ينقع قراره هذا، ويشرب ماء نقيعه، فقرار العدل الدولية، نص على أن الأراضي الفلسطينية المحتلة، ذات وحدة وتواصل وسيادة، يجب احترامها، وللشعب الفلسطيني المعترف به بموجب معاهدة أوسلو، الحق في تقرير مصيره، وإقامة دولته المستقلة ذات السيادة.

نعرف جيدًا أن الكنيست الإسرائيلي لن ينقع قراره هذا، فالعنصرية الصهيونية التي يقودها "نتنياهو" مع أقرانه "سموتريتش" و"بن غفير" سيواصلون نكران الواقع وسيتوغلون في أوهام مخططاتهم العنصرية الاستحواذية العدوانية، ولكن ذلك أيضًا لن يفيدهم بشيء، لأن حتمية التاريخ، لا راد لها، بمشيئة العلي القدير أولاً، وبإرادة شعبنا الفلسطيني في مواصلة نضاله المشروع، تحت راية ممثله الشرعي والوحيد منظمة التحرير الفلسطينية، وعلى هذا نعرف الآن الأهم، وهو أننا أمام مهمات جديدة لكي نجعل من قرار العدل الدولية نافذًا على نحو فعال، والخطوة الأولى هي الذهاب إلى الجمعية العمومية للأمم المتحدة، للعمل على تنفيذ توصية محكمة العدل الدولية.

خطوة إثر خطوة، ومسمار تلو الآخر، تمضي فلسطيننا في دروب الحرية والاستقلال ضد الحرب والعنف والفوضى ولأجل السلام العادل وهذه هي سياسة منظمة التحرير الفلسطينية بالتزاماتها الدولية ومسؤولياتها الوطنية.