هل بات إنهاء الانقسام وعودة المصالحة الوطنية معضلة حقيقية يستعصي حلها كونها أصبحت إقليمية الحل, واكبر من الفصائل الفلسطينية المختلفة والمطلوب بقاء الوضع على ما هو عليه إلى ما شاء الله.

هل استسلمت القيادات والفصائل الفلسطينية على اختلافها لموضوع الانقسام وبات الشغل الشاغل لهم كيفية العيش والتعايش مع هذا الانقسام على انه من طبائع الأمور, وهل كل ما يقال عن التفاهمات والاجتماعات المتكررة بين الفصائل لا تعدو كونها اجتماعات من اجل الخروج بصيغة تجمع بين إدارة الانقسام وتجميله أمام الجمهور الفلسطيني الذي كان ولا زال المتضرر الحقيقي من نتائج هذا الانقسام البغيض.

إن إنهاء الانقسام له عنوان واحد ووحيد ولا يجب أن نقبل بأي صيغة توافقية لا تتوافق مع هذا العنوان وهو العنوان الذي يتلخص " بعودة الشرعية" وتعني قيادة واحدة وتشريع واحد ومؤسسة أمنية واحدة وسلاح شرعي واحد وقضاء فلسطيني واحد عادل ومستقل وبرنامج سياسي ووطني موحد يحمل الهم والتطلعات الفلسطينية للوصول إلى إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران العام 1967م.

وهنا من حقنا أن نضع العديد من الشكوك على التوافق على بقاء الأجهزة الأمنية المختلفة المرجعيات والأهداف, ومن حقنا أن نضع الشكوك على نتائج الانتخابات القادمة ونزاهتها كونها ستحدث بحماية أجهزة أمنية لا تتلاقى ولا بأي صورة في توجهاتها ومرجعياتها وهي تحمل الوجه والعقيدة الفصائلية بامتياز, وهنا لنا أن نستذكر كيف قامت الأجهزة الأمنية " الشرعية" بحماية الانتخابات واستخلص الجميع في حينها على أنها من أكثر الانتخابات نزاهة وشفافية بشهادة المتنافسين أنفسهم وبشهادة المؤسسات الدولية وقد أفرزت نتائج لصالح حركة حماس رغم أنها كانت بعيدة عن سدة الحكم وبعيدة عن التحكم بأي  جهاز أو مؤسسة أمنية فلسطينية في ذلك الوقت, وعليه من سيضمن شفافية هذه الانتخابات في قطاع غزة حيث السيطرة الأمنية الكاملة للأجهزة التابعة لحركة حماس والكل يعلم أنها أجهزة فصائلية بامتياز ولا تؤمن بالتعددية السياسية ولا بحقوق المواطن وحرية الفكر الذي يحمله في حال خالف توجهاتها السياسية, ومن سيضمن أن تحترم نتائج الانتخابات في ظل التمسك الأعمى لحركة حماس بمقاليد الحكم هناك في غزة. ومتى ستختلف العقيدة التي يحملها عناصر الأجهزة هناك والتي تحمل الولاء المطلق للحركة ولا تؤمن بالولاء الوطني الجامع, وقد شاهدنا ذلك عندما تحولت البنادق إلى صدور القادة الأمنيين عندما انقلبت حماس على الشرعية عام 2007م.

المطلوب التريث والتمهل قبل تطبيق أي اتفاق يعمل على إنهاء الانقسام على طريقة التجميل والإدارة له وذلك لان التجميل لا يعني أن الوجه أصبح مشرق ولا يعني أننا على الطريق الصحيح وهنا لنا أن نتوقع الأسوأ وسنكون أمام انقسام أعمق واخطر من ما نحن عليه الآن وسيكون المشروع الوطني الفلسطيني كله في مهب الريح وسنكون عرضة للتدخل الإقليمي الأخضر والذي يناصبنا العداء المطلق لصالح الاحتلال.

وأخيرا أتمنى من الله أن نصل إلى إنهاء الانقسام الفكري المتجزر في عقولنا قبل أن ننهي الانقسام أو تقسيم المناصب والمصالح الحزبية, وان نصل بهذا الشعب الذي لم يبخل علينا يوما لا بأمواله ولا بأبنائه في سبيل الوصول به إلى بر الأمان واستعادة الحقوق المسلوبة ويا رضا الله ورضا الوالدين.