للمرة الثانية خلال اربعة ايام يتم اغتيال ثانٍ لمرافقي قائد الكفاح المسلح محمود عبد الحميد عيسى (اللينو)، حيث اغتيل امس عامر فستق وسط السوق وفي وضح النهار، وهو ما يشير إلى الاصرار من قبل قوى التخريب على تفجير الاوضاع في المخيم الفلسطيني الاكبر، الذي يضم في جنباته حوالى (80,000) ثمانين الف مواطن فلسطيني، للزج بالمخيم في محرقة حرب داخلية تهدد مستقبل الوجود الفلسطيني في لبنان.

مخيم عين الحلوة، المحاذي لمدينة صيدا من جهة الجنوب، كانت العين التخريبية مسلطة عليه قبل الاحداث الاليمة، التي فجرتها جماعة «فتح الاسلام» في مخيم نهر البارد عام 2007 وبعدها. ووفق معطيات القيادات الوطنية الامنية والسياسية ان جماعة «فتح الاسلام» وجماعة «جند الشام» وغيرها من القوى العملية والمأجورة عادت تطل برأسها مجددا لتهديد الاستقرار، الذي يشهده المخيم، وإحداث فتنة سياسية تستهدف التواجد الوطني.

ومما لا شك فيه، ان الجماعات التخريبية المذكورة ليست معزولة عن قوى في داخل وخارج الساحة اللبنانية تستهدف تفجير الاوضاع في الساحة اللبنانية عبر البوابة الفلسطينية، ليضرب أكثر من عصفور بحجر، أولاً تصفية الوجود الوطني الفلسطيني من خلال تدمير المخيم الاكبر في لبنان.

وثانياً خلط الاوراق بين القوى الفلسطينية في لبنان بما يسمح لاتجاه سياسي محدد باستلام زمام الامور في المخيم كمقدمة للتمدد على كل المخيمات، لتكون ورقة إضافية في يده لاستعمالها في خدمة اغراضه السياسية داخل الساحة اللبنانية وخارجها.

وثالثا بالتلازم مع ما سبق، السماح لبعض اللاعبين اللبنانيين لوضع اليد على بقايا المخيم، ومن ثم التمدد لفرض السيطرة على مدينة صيدا، كمقدمة لاحداث اوسع واكبر في لبنان. ورابعا هناك قوى قد لا تكون منخرطة مباشرة في اللعبة، ولكنها لن تكون بعيدة عن اقتناص الفرصة لفرض اجندتها على الوجود الفلسطيني في لبنان.

لا سيما ان هناك مخططات قديمة - جديدة تستهدف نقل المخيمات الفلسطينية من الجنوب الى منطقة الهرمل وعكار لتحقيق غايتين: ابعاد شبح الفلسطينيين عن الجنوب، وبالتالي الحؤول دون اي عمل عسكري ضد دولة اسرائيل، وتحقيق هدف التوطين، رغم كل ضجيج القيادات اللبنانية المتضررة من التوطين.

مجموع الاهداف الخبيثة المذكورة، تستدعي من القوى الوطنية الفلسطينية المختلفة وخاصة فصائل منظمة التحرير وبالتنسيق مع القوى الاخرى «حماس» و «الجهاد الاسلامي» العمل على:
أولاً- توحيد الجهود الوطنية ووضع خطة عمل مشتركة لمجابهة التحديات المطروحة والحؤول دون نجاح خطة التخريب الاجرامية.
ثانياً- الاستنفار الوطني العام، وفتح الأعين على كل الاشخاص والجماعات، التي تدخل وتخرج من والى المخيم وطرد كل من لا صلة له بالمخيم.
ثالثاً- التنسيق مع قوات الجيش اللبناني والاجهزة الامنية المعنية لتكريس الامن داخل المخيم، خاصة وان قوات الجيش اللبناني تقف على بوابات المخيمات، وتقوم بتفتيش كل داخل او خارج من المخيم، ومطالبتها بمنع دخول اي مشتبه به للمخيمات جميعا وخاصة عين الحلوة لابعاد شبح الجريمة عن المخيم.
رابعاً- شن حملة وطنية واسعة إعلامية وسياسية وثقافية في اوساط المواطنين من خلال اللجان الشعبية والنوادي والمنابر المختلفة لتبيان مخاطر وجود جماعات «فتح الاسلام» او «جند الشام» في اوساطها، وبالتالي هي مطالبة (الجماهير) بتحمل مسؤولياتها في حماية نفسها وابنائها والمخيم عموما من خلال تصديها لتلك الجماعات، وكشفها لجهات الاختصاص لتقوم بتحمل مسؤولياتها بملاحقة واعتقال كل من يهدد امن وسلامة المخيم.
خامساً- التعاون الوثيق مع القوى السياسية الوطنية في مدينة صيدا للمساعدة على تضييق الخناق على الجماعات المتطرفة الموجودة في المدينة، والتي تتسلل الى داخل المخيمات، ومحاصرتها بكل الوسائل، لأن حماية المخيم مصلحة وطنية لبنانية لقوى صيدا تحديدا. 

بالتأكيد هناك نقاط واساليب أخرى قد تستخدمها القيادات السياسية والامنية الفلسطينية ومنظمات المجتمع المدني داخل وخارج المخيم، وفي المخيمات الاخرى، حيث من المفترض تنظيم فعاليات سياسية واعلامية وثقافية ودينية لارشاد ابناء المخيمات للتصدي لتلك الجماعات التخريبية، وقطع الطريق على مخططاتها ومخططات من يقف خلفها او من ينتظر لاقتناص الفرصة للدخول للحلبة الفلسطينية لتنفيذ مآربه ومآرب اسرائيل والولايات المتحدة.

مخيم عين الحلوة في خطر، وهو خطر لن يتوقف حتى لو نجحت القوى في اللحظة السياسية الراهنة في وأد الجريمة، لأن القوى المتضررة من الوجود الفلسطيني، او التي تريد الامساك بورقة المخيمات او الذين يريدون تنفيذ مخطط التوطين، ستبقى تعمل، الامر الذي يفرض على الجميع مواصلة اليقظة والاستعداد لمواجهة الاخطار، لا سيما ان الاخطار قد تكون خلفها أياد داخلية لتصفية حسابات خاصة تلبس ثوب الجماعات المتطرفة لتغطية جرائمها واهدافها الرخيصة والباقي عند القائمين على امن المخيمات وخاصة مخيم عين الحلوة.