في خضم الصراع المحتدم مع العدو الصهيو أميركي تخوض منظمة التحرير الفلسطينية وحكومة دولتها الوطنية حربًا ضروس على الجبهات كافة: السياسية والديبلوماسية والكفاحية والاقتصادية المالية والثقافية التربوية والدينية والبيئية، على الأرض وتحتها، ومنها ما تم أمس الجمعة 10 مايو بشأن أحقية دولة فلسطين بالعضوية الكاملة، وتعزيز مكانتها في المنظومة الأممية، أسوة بباقي دول العالم، ويوصي مجلس الأمن بإعادة النظر في الأمر بشكل إيجابي. وحاز القرار على الغالبية ب143 صوتا واعتراض 9 دول وامتناع 25 دولة عن التصويت.
والتصويت من الدول الأعضاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة كان بمثابة استفتاء دولي لمدى الدعم لصالح الدولة الفلسطينية ولصالح الحق الفلسطيني وطلب العضوية الكاملة في هيئة الأمم المتحدة استنادًا إلى المادة 4 من ميثاق الأمم المتحدة، التي تكفل حق تقرير المصير للشعب العربي الفلسطيني، وأحقية دولته بالمساهمة الفاعلة في بناء السلام العالمي من خلال منظمات وهيئات الأمم المتحدة من خلال إعادة التصويت في مجلس الأمن الدولي لرفع مكانتها لدولة كاملة العضوية أسوة بدول العالم الأعضاء.
وكانت دولة فلسطين قد قدمت في مطلع إبريل الماضي طلبًا لمجلس الأمن للنظر مجددًا في الطلب، الذي قدمته في 2011 لنيل العضوية الكاملة. ولكن الولايات المتحدة الأميركية حالت دون تمرير القرار باستخدامها حق النقض "الفيتو" في 18 ابريل الماضي. رغم تصويت 12 دولة لصالح القرار، وامتناع دولتين هما بريطانيا وسويسرا، وهو ما يشير إلى أن الدول دائمة العضوية وغير الدائمة وقفت إلى جانب رفع مكانة دولة فلسطين لدولة كاملة العضوية، مما يؤكد انعزال الولايات المتحدة وربيبتها إسرائيل في المنابر الدولية المختلفة، ويكشف انتهاكها الفاضح لميثاق الأمم المتحدة.
لكن الجمعية العامة للأمم المتحدة بتصويتها لصالح القرار بغالبية ساحقة، كان تصويبًا لبلطجة الإدارة الأميركية على مجلس الأمن، والقرار الجديد شكل انتصارًا لفلسطين والعدالة الدولية والسلام ولميثاق الأمم المتحدة، وانصافا تأخر 76 عامًا، مع أن الدولة الفلسطينية كان يفترض أن تحصل على عضويتها الكاملة واستقلالها السياسي استنادا لقرار التقسيم الدولي 181، الذي على أساسه تم اعتراف الجمعية العامة بإسرائيل. بيد أن تأخر التصويت لصالح أحقية رفع مكانة فلسطين للعضوية الكاملة لم يسقط حق دولة فلسطين في نضالها الديبلوماسي والسياسي والقانوني لتصويب الظلم التاريخي الذي لحق بالشعب الفلسطيني، الذي واجه التطهير العرقي والتمييز العنصري على مدار ما يزيد عن سبعة عقود وحرب الإبادة الجماعية التي تقودها الولايات المتحدة ودولة إسرائيل وحلفائها لليوم 2017 على قطاع غزة، وستواصل دولة فلسطين نضالها للحصول على مكانتها اللائقة في الأمم المتحدة ومنظماتها، وحقها في التصويت على القرارات الدولية.
وكان المندوب الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة جلعاد اردان استباقًا للتصويت على مشروع القرار أمس، دعا الولايات المتحدة يوم الثلاثاء 7 إبريل إلى وقف الولايات المتحدة تمويل المنظمة الدولية ومؤسساتها، لأنه كان يعلم علم اليقين بانتصار فلسطين والتصويت لصالح أحقيتها في إعادة تصويت مجلس الامن الدولي، ورفع مكانتها لدولة كاملة العضوية. ولم يكتفِ بذلك، وإنما أدلى بكلمة أمس الجمعة أمام الجمعية العامة بكلمة مليئة بالتفوهات النابية التي تعكس إرهاب الدولة الإسرائيلية النازية، وتشويهه لميثاق الأمم المتحدة، وعكسه روح الغطرسة والهمجية، التي تتنافى مع أبسط معايير القانون الدولي مع تمزيقه القانون الدولي من على منصة الهيئة الدولية.
أضف إلى أن بتسليئل سموتيرش، وزير المالية الإسرائيلية كان هدد في حال إقرار القرار لإعادة التصويت في مجلس الامن، وأحقية فلسطين بالعضوية الكاملة في الأمم المتحدة، بأنه لن يحول أموال المقاصة بشكل كامل لموازنة دولة فلسطين، مع أن الأموال، هي أموال فلسطينية، وتمت القرصنة عليها بذرائع وحجج واهية. وهو ما يؤكد أن إسرائيل الفاشية لن تتورع عن استخدام الوسائل والانتهاكات كافة لتبديد مشروع السلام وخيار حل الدولتين على حدود 4 يونيو 1967، إلا أن الشعب الفلسطيني وقيادته الشرعية ستواصل الدفاع عن الحقوق والمصالح الوطنية مهما كانت التحديات.
وفي تناغم مع ممثلي الدولة العبرية، قال الناطق باسم البعثة الأميركية في الأمم المتحدة نيت أيفانز "تظل وجهة النظر الأميركية (ترى) أن الطريق نحو إقامة دولة للشعب الفلسطيني يمر عبر المفاوضات المباشرة". وتابع "نحن على علم بالقرار، ونكرر مخاوفنا بشأن أي جهد لتقديم فوائد معينة إلى الكيانات، عندما تكون هناك أسئلة لم يتم حلها حول ما إذا كان الفلسطينيون يستوفون حاليًا المعايير المنصوص عليها في الميثاق الأممي، وهو انعكاس واضح وفج للمعايير المزدوجة، والكيل بمكيالين". لأن الولايات المتحدة تعي جيدًا أن المنبر الأساس للاعتراف بعضوية الدول، هي الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي هي ذاتها من اعترف بإسرائيل. وبالتالي بلطجتها وغطرستها واستقواءها على العديد من الدول، التي امتنعت، أو التي تساوقت معها في رفض القرار، لم تحل دون انتصار دول العالم بالتصويت بغالبية ساحقة لصالح القرار الاممي الجديد.
شكرًا لكل الدول التي صوتت وانتصرت للعدالة والقانون الدولي ولميثاق الأمم المتحدة والسلام.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها