تتزامن قمة البحرين مع ذكرى مرور 76 عامًا على النكبة التي حلت بالشعب الفلسطيني من تهجير قسري خارج وطنه التاريخي والإعلان عن صناعة الكيان الاستعماري الاحلالي الإسرائيلي على أرض فلسطين كواجهة وأداة وقاعدة تهديد وأداة توظفها القوى الاستعمارية خدمة لمصالحها وأهدافها لضمان تقويض إمكانية تحقيق نظام عربي موحد وما يتطلبه من إدامة وترسيخ الإنقسام والخلافات البينية العربية سياسيًا وجغرافيًا التي أفرزتها نتائج الحرب العالمية الأولى عقب إتفاقيات سايكس بيكو وسان ريمو وكرستها نتائج الحرب العالمية الثانية التي لا زلنا نعيش نتائجها مع ما رافقها ويرافقها من خطط وسياسات استعمارية تهدف إلى تعزيز النزعة القطرية على حساب الإنتماء القومي العربي الشامل.
- قمة البحرين والنظام العالمي الجديد:
بعد أيام تلتئم القمة العربية في البحرين والوطن العربي يغرق في أزمات وخلافات بينية تعصف في حال استمرارها بالأمن القومي القطري كما عصفت بالأمن القومي العربي بل وبوحدة واستقرار أقطاره مما يستدعي أن تؤسس قمة البحرين عملاً لا قولاً للعمل على:
أولاً: الخروج من مربع المفعول به والتبعية إلى مربع الفاعل ومن مربع الانقسام والضعف إلى مربع الوحدة والقوة على كافة الأصعدة التي تمتلك الكثير من عناصرها وأدواتها.
ثانيًا: رفض عملي للخضوع لأي شكل من أشكال التبعية لأي من أقطاب القوى العالمية قديمها وجديدها وفرض مصالح وأمن الوطن العربي الكبير بأقطاره المتعددة من موقع القطب الفاعل المستقل على الساحة العالمية مع قرب ولادة نظام عالمي جديد متعدد الاقطاب التي بدت ملامحه تظهر وتتضح.
ثالثًا: التأسيس لإحداث نهضة علمية وتكنولوجية وصناعية بما فيها بالتأكيد " الصناعات العسكرية " تطور من حيث إنتهى العالم تعتمد على قوانا ومواردنا واستثمار وحشد طاقات جميع الكفاءات من أبناء الشعب العربي.
رابعًا: تعزيز وتحفيز وبناء مؤسسات بحثية على قاعدة التكامل في مؤسسات الدولة وفي الجامعات والمعاهد مع إعادة النظر بالمناهج التعليمية ومخرجاتها على مراحلها المختلفة.
خامسًا: ترجمة التكامل الإقتصادي العربي من شعارات إلى واقع عملي فهذا سيؤدي إلى إحداث تنمية مستدامة حقيقية على مستوى قومي يعزز من مكانة الدور والفعل العربي على الساحة العالمية.
سادسًا: وضع رؤية وإستراتيجية للتعامل مع العالم بلغة المصالح فللدول الإقليمية والدولية مصالح في الوطن العربي تفوق مصالحنا لديهم مما ستؤدي حتما إلى تغيير إيجابي بشكل العلاقة القائمة حاليا إلى العلاقة القائمة على الندية وبالتالي إلى تعزيز الأمن والإستقرار القطري والقومي على حد سواء والقدرة على مواجهة التحديات والمخاطر الإقليمية والدولية.
- قمة البحرين والقضية الفلسطينية:
في الوقت الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني في عموم أراض الدولة الفلسطينية المحتلة والمعترف بها دوليًا وخاصة في قطاع غزة لحرب إبادة وتطهير عرقي يشنها العدو الإسرائيلي دون خوف من المساءلة والعقاب ضاربة عرض الحائط بجميع القرارات الدولية وبالمناشدات العربية والإسلامية المباشرة وغير المباشرة برسالة واضحة تعبر عن إستخفاف وما تضمنته رؤيا مجرم الحرب نتنياهو وزمرته إلا دليل راسخ على هذه الإستراتيجية العدوانية التوسعية والعنصرية الناجمة عن الإنحياز الأميركي اللامحدود ولغياب إجراءات عملية عربية عقابية وسياسات تؤدي لعزل ومقاطعة الكيان الاستعماري الإرهابي الإسرائيلي يرافقها إجراءات دبلوماسية وإقتصادية ضاغطة على أميركا احتجاجًا على مواقفها المنحازة والرافضة لوقف العدوان الهمجي الإسرائيلي "حرب الإبادة والتطهير العرقي" أو اتخاذ خطوات عملية نحو إلزام سلطات الإحتلال الإسرائيلي الإستعمارية لتنفيذ القرارات الصادرة عن مجلس والامن والجمعية العامة للأمم المتحدة الداعية لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي ولتمكين الشعب الفلسطيني من حق تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس وتمكين اللاجئين الفلسطينيين من العودة إلى مدنهم وقراهم التي طردوا منها عنوة عام 1948.
الشعب العربي بغالبيته الساحقة ومن منطلق إيمانه الراسخ بحق الشعب الفلسطيني بالحرية والإستقلال والتحرر من نير المستعمر الإسرائيلي الإرهابي المدعوم أميركيًا وأوروبيًا وبحقه الأساس بإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف وإيمانه العميق أن المشروع الاستعماري الإسرائيلي العنصري الصهيوني أداة القوى الاستعمارية العالمية يمثل خطرًا حقيقيًا ليس على فلسطين فحسب بل على أمن ووحدة واستقرار الوطن العربي بأقطاره وهذا ما عبر ويعبر عنه تصريحًا وتلميحًا قيادات أميركية وإسرائيلية يتطلع أن تغادر قمة البحرين مربع الاكتفاء بإصدار بيان عام في تكرار لقرارات وبيانات ما سبقها إلى دائرة الفعل أولها التقدم لاستصدار قرار بتجميد عضوية إسرائيل بالأمم المتحدة وقطع كافة أشكال العلاقات مع الكيان الاستعماري الإسرائيلي التي أثبتت الأحداث أن لا ثقة بالكيان الإسرائيلي بوعوده او إتفاقياتاته المبرمة فإنقلابه وتنصلاته من الالتزامات المترتبة عليه بموجب إتفاق اوسلو وعلى المعاهدة الأردنية الإسرائيلية وعلى إتفاقية كامب ديفيد إلا دليل وهذا ينسحب أيضًا على التعهدات الأميركية التي سرعان ما تتنصل منها تحت ذرائع ومبررات واهية.
قمة البحرين بتوفر إرادة سياسية للقادة قادرة على أن تشكل قاعدة إنطلاق نحو ولادة نظام عربي قوي مؤهل لمواجهة التحديات الإقليمية والدولية، فلسطين كانت وستبقى العنوان والبوصلة والتحدي، حرية فلسطين وإستقلالها قوة للعرب أقطارًا وشعبًا، ومغادرة مربع الضعف والخلافات والتواكل ضرورة للأمن والاستقرار والازدهار؟!
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها