أي استرخاص هذا لطوفان دماء الشعب الفلسطيني وجروحه النازفة ولنكبته الجديدة؟! متى سيكف مستخدمو الدين لأغراضهم الدنيوية السلطوية عن تشريع وتحليل التهلكة تحت عنوان الجهاد؟ ومن ذا الذي منح خدام الأجندات الخارجية الأجنبية، شرعية تجيير الحق الفلسطيني  وتسليم القرار الوطني الفلسطيني لقوى ودول إقليمية، لم تفعل لفلسطين، سوى استخدامها دماء الشعب الفلسطيني لعبور سفنها السياسية للوصول إلى موانئ الدول الاستعمارية العميقة، لتتقاسم مع مافيا النفوذ الحصص والمكاسب.


ما يحدث خيانة للقيم الأخلاقية الانسانية، ولمبادئ الشرائع السماوية التي قدست روح الانسان وحرمت قتل النفس بغير حق، أو دفعه نحو دائرة الهلاك  تحت عنوان التضحية وافتداء الوطن، ما يحدث أن قيادات في فرع جماعة الإخوان المسلمين المسلح في فلسطين المسمى حماس، يأخذون دماء ومقدرات وأرواح ومعاناة ومآسي الشعب الفلسطيني كحقل للتجارب، حتى لو كان الثمن عشرات آلاف الشهداء وأضعافهم من الجرحى والمبتورة أطرافهم اكثرهم أطفال ونساء ومسنون في أقل من مئة يوم !! وكأن الشعب الفلسطيني  لم يدفع من دماء رجاله ونسائه فاتورة تجاربهم الفاشلة في الحكم، والعمل المسلح منذ انقلابهم سنة 2007 وما قبله حتى! أما المصيبة الكبرى فهي اعتبارهم نتائج أعمالهم العبثية اللامحسوبة، وسياساتهم المجردة من ابعادها الوطنية، التي كان ثمن أحدثها في سجل الذاكرة  الفلسطينية حتى الآن أكثر من 37 ألف شهيد وإلى جانبهم حوالي 8 آلاف مفقود لا يعرف أحد مصائرهم، وحوالي 70 ألف جريح، وقطاع غزة المدمر. كل هذا مجرد تجربة للعمل المسلح على طريقتهم !! ويذهب عضو المكتب السياسي لحماس محمد نزال لمكان لا يستطيع عقل إنسان عاقل تصوره لما فيه من استرخاص لدماء الشعب الفلسطيني والاستهتار غير المسبوق بقيمة الروح الانسانية، فيعتبر هذه الأرقام التي صعقت كل ذي لب وضمير من كل الأعراق والأجناس والمؤمنين بالعقائد السماوية، والفلسفية  في العالم  بأنها ( مجرد فاتورة ) يجب دفعها، مرتكزًا على  فهم  نائب رئيس مكتبه السياسي موسى أبو مرزوق لمعنى ( المسؤولية ) عندما رد أبو مرزوق على سؤال بخصوص الانفاق، بقوله هذه  لحماية حماس وقادتها، وأن حماية المواطنين في غزة تقع على عاتق دولة الاحتلال إسرائيل، ووكالة الأونروا.


الأخطر الذي يواجهنا الآن، أن تشريع هؤلاء لهذا الاسترخاص وإشهاره، قد دفع رؤساء وساسة في دول عديدة بالإقليم، وقادة تنظيمات، وشخصيات محسوبة للأسف أكاديمية، ومصنفة في قائمة المثقفين، إلى الانحراف، وأخذ هذا المسلك سبيلاً لإبراز مواقفهم الكلامية الهلامية فقط! من حملة الإبادة الاستعمارية الصهيونية بحق الشعب الفلسطيني، لدرجة أنهم  باتوا يقيسون مستوى الصمود بقيمة الفاتورة!! وكأنهم غافلون عن حقائق ووقائع الابادة الدموية المبثوثة على الهواء مباشرة لحظة بلحظة من فلسطين كلها بدون استثناء، لكن أفظع أهوال هذه النكبة في قطاع غزة، حيث لا مقومات حياة لازمة كشرط للصمود، فلا ماء ولا كهرباء ولا دواء ولا غذاء، وعشرات آلاف النازحين في العراء، وتجار الحرب ينهشون لحم ونفوس الأحياء الذين تبقوا من عائلات الشهداء، أما اصحاب  مقولتي " التجربة والفاتورة " فإن عرضهم على كبار اساتذة الطب النفسي، وتصويرهم بأحدث تكنولوجيا التصوير الطبي، سيمنح هذا الشعب الفلسطيني، المعرفة الثابتة بأنه ضحية آدميين، استُبدِلَت أدمغتهم  وقلوبهم وأكبادهم بأخرى صنعت من البلاستيك.