فشِلَ مراسل "وفا" سامي أبو سالم، في التقاط إشارة انترنت دولية عبر تقنية "الشريحة الالكترونية"(esim) ، ولم يستطع إرسال قصته الصحافية للمكتب الرئيسي للوكالة في رام الله بعد أن قطعت قوات الاحتلال خدمات الاتصالات والانترنت عن القطاع لعدة أيام.
للمرة الخامسة في غضون شهرين ونصف من العدوان الإسرائيلي الدموي على قطاع غزة قطعت قوات الاحتلال خدمات الشبكة العنكبوتية والاتصالات الهاتفية والخلوية عن قطاع غزة، الثلاثاء الماضي، فانعزل القطاع عن العالم.
وينتشر عدد من الصحافيين في المستشفى يرفعون هواتفهم النقالة أعلى رؤوسهم، يمعنون النظر في شاشاتها ويتنقلون من زاوية لزاوية، وفوق سياراتهم ويتزاحمون على سلم طوارئ في المستشفى بحثًا عن إشارة الشريحة الالكترونية.
وقال ابو سالم: يلجأ الصحافيون لتقنية الشريحة الالكترونية لإرسال معلومات وصور، لكن ليس بالضرورة أن تنجح محاولاتهم في كل مرة.
وتابع: "أرسل لي أصدقاء شريحة إلكترونية أكثر من مرة وقمت بتثبيتها على الهاتف أكثر من مرة، ولم أفلح، لا أعرف لماذا، لكن غيري نجح".
وأشار إلى أن بعض الصحافيين يلجأون أحيانًا لاستخدام شرائح لشركات إسرائيلية، لكنه لم يستخدمها.
وقال الحسن سلمي، مهندس الكترونيات يعمل مع شركة خدمات اعلامية: أنه بالعادة يعتمد في الطوارئ على شرائح لشركات إسرائيلية أو (esim) للالتفاف على الأزمة.
وأضاف: أن الشرائح الاسرائيلية تلتقط إشارة في غزة من مناطق عالية أو بعيدة عن الحد الفاصل بين غزة وإسرائيل زهاء ١ أو ٢ كيلومتر، لكن كثيرًا ما يتم إغلاقها فيضطر لتشغيل شرائح جديدة وشحنها برصيد عبر زملاء في الضفة الغربية.
وكشف أنه تسلل أكثر من مرة قرب الحد الفاصل ونجح في التقاط إشارة وإرسال مواد مصورة، كما وأنه يلجأ لشرائح شركات إسرائيلية للبث الحي المباشر عبر الانترنت من عدة شرائح في جهاز خاص.
ولفت مراسل "وفا" أبو سالم، إلى أن الزملاء ينجحون أحيانًا في إرسال صور وفيديوهات لدقائق لكن عند كتابة القصص الصحافية فهي غير ناجحة لأن الكتابة تحتاج عادة للتحقّق من معلومات وهذا يلزمه اتصالات وانترنت دائم، لاسيما في ظل انتشار الإشاعات والأخبار غير الدقيقة خلال العدوان، إضافة لارتفاع معدل الخطر لأن الصحفي سيستعيض عن الاتصال بمزيد من التحرك الميداني.
وقال المصور مجدي فتحي: إن انقطاع الاتصالات والانترنت يجبره على استخدام شريحة إسرائيلية أو (esim) وأحيانًا ينجح وأحيانًا يفشل، مشيرًا إلى أن استخدام الشريحة الالكترونية يلزمه أماكن مفتوحة وعالية وهذا يزيد من المخاطر المحدقة به كصحافي.
وتابع: "أمس صعدت لسطح مدرسة قرب شارع صلاح الدين وهذا خطر كبير فأي حركة على أي سطح تعرض صاحبها للموت".
وقتلت قوات الاحتلال أكثر من 90 صحافيًا في غزة منذ بداية العدوان في السابع من أكتوبر الماضي وفقًا لنقابة الصحافيين الفلسطينيين.
وكشف فتحي (43 عامًا)، أن لديه بعض القصص والصور "القوية" لكنه لم يستطع إرسالها وذهبت أدراج الرياح لأنها إخبارية وليست قصصية.
ولفت فتحي إلى أنه نجح في ارسال بعض المواد من سطح مستشفى ناصر بخان يونس لكن في مستشفى شهداء الأقصى الأمر أكثر صعوبة.
ويلجأ صحافيون للعمل من المستشفيات لتوفر الطاقة الكهربائية من مولد المستشفى في ظل قطع الاحتلال للكهرباء، فيستغلونها لشحن هواتفهم وأجهزتهم الالكترونية، بجانب أن عددًا منهم يقطن في خيمة بساحة المستشفى بعد أن نزح من بيته واتخذ من المستشفى ملجأ.
وقال مهندس الاتصالات محمد أبو القمصان، الذي يعمل في قناة الجزيرة الفضائية: إن الأمر معقد من الأساس، فالوضع الطبيعي وفي حالة أي استقرار يفترض أن يعتمد الفريق على البث عبر الانترنت باستخدام تقنية 4G و 5G لكن هو لا يفضلها لأن هذه الخدمة ممنوعة في قطاع غزة من قبل الاحتلال.
وتابع، أن فريق الجزيرة يضطر لاستخدام تقنية (جمع أخبار عبر الأقمار الصناعية) [ Satellite News Gathering (SNG) ] عبر مركبة البث.
ومن مساوئ ال (SNG) قال أبو القمصان: أنه يحتاج معدات كبيرة وتثبيت ووقت للتجهيز وكذلك عند الانتهاء من الرسالة الإخبارية تحتاج أيضًا لوقت وجهد وهذا يزيد من الخطر.
وتابع: "كنا في تغطية لقصف مربع سكني في مخيم البريج وخلال عملنا تعرضت المنطقة لقصف آخر فكان من الصعب لملمة أغراضنا والهرب".
وحول الاتصالات الهاتفية أشار إلى أن الاتصالات أيضًا لا غنى عنها في العمل سيما لإرسال معلومات أو للتواصل بين القناة والمراسل فنضطر للاعتماد على خط صوتي راجع من خدمة القمر الصناعيSNG.
ويقول مراسل القدس العربي أشرف الهور: إنه منذ بداية العدوان في السابع من أكتوبر الماضي والاتصالات غير ثابتة سواء بسبب تضرر الشبكات بفعل القصف أو بسبب قطع الاحتلال لها، وهذا يسبب تأخير وإرباك للعمل.
وحتى لو عادت الاتصالات وخدمة الانترنت فإنها تعود منقوصة كما قال عدد من الصحافيين.
وقال مراسل تلفزيون فلسطين فؤاد جرادة: أنه وفريقه يقفزون على أزمة الانترنت عبر "as live" (تصوير مقاطع مسجلة وكأنها مباشرة) ويتم ارسالها للمقر الرئيس في رام الله في حال توفر انترنت في مستشفى الأقصى.
وأضاف: أن زملاءه في مشفى ناصر بخان يونس جنوب غزة، يستخدمون تقنية البث عبر الانترنت، وإذا انقطعت الخدمة يتوقف البث.
وقالت مصادر في وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات: أن قوات الاحتلال دمرت مقاسم اتصالات وخطوط "فايبر" في مناطق متعددة من القطاع.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها