أن يقف العالم على قدميه شاخصًا نحو فلسطين وشعبها المثخن بحرب الإبادة الصهيو أميركية منذ 66 يومًا خلت، ويعلن احراره من مختلف القوميات والأمم والشعوب والدول والنقابات والاتحادات الشعبية تضامنها مع قضية العصر الفلسطينية الدعوة لاضراب عام عالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني عمومًا ومحافظات قطاع غزة خصوصًا، التي ذبحت من الوريد إلى الوريد من خلال عمليات القصف الوحشية للطائرات الحربية من مختلف أنواع القنابل والصواريخ والنبالم والفسفور الأبيض الأميركية والأوروبية الغربية وربيبتهم إسرائيل، التي أودت حتى لحظة اعلان الاضراب يوم السبت الماضي بحياة نحو 18 ألفًا من الشهداء، وقرابة تسعة وأربعين ألفًا من الجرحى، اضف إلى عمليات تدمير هائلة طالت نحو 60% من الوحدات السكانية في قطاع غزة، ودحرجة الوضع هناك إلى الكارثة الحقيقة مع انعدام ابسط مقومات الحياة، وردًا على استخدام واشنطن حق النقض الفيتو يوم الجمعة الفائت (8 ديسمبر 2023) ضد القرار العربي الداعي لوقف الحرب فورا لدواعي إنسانية.


كانت الدعوة للإضراب العالمي يوم أمس الإثنين (11/12/2023) خطوة أممية غير مسبوقة في تاريخ التضامن مع الشعب الفلسطيني، وبغض النظر عن حجم ومدى شمولية الإضراب، فإنها تعتبر انتصارًا لفلسطين وشعبها وحقوقه الوطنية، وحقه في الحرية والاستقلال والعودة وتقرير المصير، وارتقاءً إلى مستوى المسؤولية الأخلاقية والقانونية والسياسية والإنسانية تجاه شعب صغير وضعيف، لا يملك سوى إرادة البقاء والحياة والدفاع عن الهوية والشخصية الوطنية، ورفض الظلم والاستعمار الإجلائي الاحلالي الصهيو أميركي الأوروبي الغربي، ومحاربة العنصرية والأبرتهايد وعمليات التطهير العرقي والاستعلاء الديني والتغول والاستئثار بما تبقى بين يديه من ترابه الوطني لنفيه واستكمال عمليات التهجير القسري للفلسطيني من وطنه الأم.


نعم إعلان الإضراب العالمي "رفضًا للحرب على غزة" يعكس أهمية ومكانة الشعب العربي الفلسطيني بالنسبة للعالم، الذي أخذ يكتشف يومًا تلو الآخر مدى وحشية الدولة الإسرائيلية اللقيطة، التي زرعها الغرب الرأسمالي في الوطن الفلسطيني عام 1948دون وجه حق، ودون اعتبار للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، وتمكنه من انتزاع قرار التقسيم 181 عام 1947 بفضل بلطجته واستخدام نفوذه على العديد من دول العالم، وسقوط بعض القوى الدولية آنذاك في حسابات فئوية ضيقة، ونتيجة ضعف وتبعية الدول العربية لذلك الغرب المتوحش. وأدرك العالم أن ما يجري من عمليات إبادة وحشية طالت ما يزيد على 70 % من الأطفال والنساء والشيوخ من مجمل عدد السكان، واستباحة المستشفيات والمدارس والمساجد والكنائس والبني التحتية، وقطع المياه والكهرباء والوقود، وتهجير السكان القسري تحت التهديد بالقتل والموت، وفرض العقاب الجماعي ورفض وقف الحرب وفقًا للقانون الدولي، إدراكه أن العدالة الإنسانية تنتهك على مرآى ومسمع منهم جميعًا من قبل الولايات المتحدة الأميركية والغرب الأوروبي الرأسمالي وأداتهم الوظيفية إسرائيل، مما حرك وجدان الضمير العالمي، وهز نبض قلب العالم من أعماقه، ودعا أولئك الأبطال من انصار السلام والعدالة الإنسانية إلى تمثل دورهم ومكانتهم الإنسانية للرد على قراصنة البحار والمحيطات وغلاة الفاشية والنازية القديمة الجديدة من الصهاينة، ورفع الكرت الأحمر في وجوههم جميعًا، والقول لهم: كفى حربًا وقتلاً وتدميرًا لحياة الإنسان الفلسطيني، وكفى كذبًا وتزويرًا للحقائق، وكفى غطرسة وتخندقا في مدارات الغابات وقوانينها، وعودوا لجادة انسانيتكم، واحترموا القوانين والمواثيق والمعاهدات الأممية التي وقعتم عليها، واعيدوا للإنسانية ملامحها وهويتها.


هذا وتكمن أهمية اعلان التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني في دعوة أبناء الشعب وقواه ونخبه السياسية والاقتصادية والثقافية والأكاديمية والإعلامية والدينية والجندرية الى الوحدة، والكف عن دوامة الانقسام والانقلاب والتخلي عن الاجندات الفئوية والحسابات الضيقة، وتعظيم التماسك والتلاحم بين كل قطاعات الشعب، وتعميق التكافل والتكامل والشراكة في اطار منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد، وتعزيز عوامل الصمود لمواجهة التحديات الصهيو أميركية ومن لف لفها من عرب وعجم، والتقدم بخطى ثابته نحو اهداف ومصالح وثوابت الشعب العليا وصولا لاستقلال الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من يونيو 1967، وضمان حق العودة للاجئين على أساس القرار الدولي 194 والمساواة الكاملة لأبناء الشعب في الجليل والمثلث والنقب والمدن المختلطة.


شكرًا من أعماق القلب الفلسطيني النابض بالحياة والأمل لكل إنسان بغض النظر عن عرقه أو لونه أو دينه أو جنسه أو مكانته وخلفيته السياسية والحزبية وهويته الثقافية شارك وساهم في يوم التضامن العالمي، وشكرًا أيضا لمن لم يتمكن من المشاركة لأسباب ذاتية وموضوعية، وشكرًا لكل نظام سياسي استجاب للدعوة وسمح لأبناء شعبه بممارسة حقه في التضامن مع فلسطين وشعبها، وشكرًا للأمين العام غوتيريش الذي ساهم في استنهاض الرأي العام العالمي. لأن فلسطين ستنتصر بفضل دعمكم واسنادكم للعدالة وبجهود وعطاء أبنائها الابطال المدافعين عن الحرية والاستقلال وتقرير الصمير والعودة والمساواة.