بقلم: سامي أبو سالم

ما أن علمت "فرح" أن أهلها دفنوا توأمها "مرح" حتى انفجرت بالبكاء حزنًا وألمًا عليها سيما وأنها لم تتمكن من إلقاء نظرة الوداع عليها.

تقول فرح حودة (13 عامًا)، وهي ترقد في مستشفى شهداء الأقصى بمدينة دير البلح: أنها فقدت نصفها "مرح" وأيضًا فقدت نصفًا آخر، ساقيها، في قصف إسرائيلي على بيت عائلتها في قرية المغراقة جنوب مدينة غزة.

ولم تخف فرح قسوة دفن توأمها دون أن تشاهدها، فقد تم انتشالها ودفنها دون أن تتمكن من رؤيتها "كنت أتمنى رؤيتها وتقبيلها قبل أن يدفنوها، حبيبتي مرح".

وكانت طائرات الاحتلال الحربية قد استهدفت عدة منازل، بينهم منزل عائلة حودة، في ضربة جوية في المغراقة سقط على أثرها العشرات بين شهيد وجريح منهم لا يزالوا تحت الركام، كما قال محمد حودة، عم فرح.

وتستذكر فرح "أجمل الأوقات" مع بعضهما عندما كانتا تتحدثان قبل النوم، ومشوار المدرسة اليومي.

وتقول فرح، إن هناك بعض الاختلافات بينهما: "كانت ترغب في دراسة الهندسة وكنت أرغب في دراسة الطب".

وحول استهداف البيت قالت فرح: أنها لا تعلم لماذا استهدفوا بيتها مع أنهم كانوا على وشك الرحيل بانتظار سيارة كانت ستنقل العائلة ومتاعهم، لقد ضربوا بيتنا بصاروخين، الأول كانت أمي في غرفة الضيوف هربت عندها، والصاروخ الثاني شاهدت قدماي مدليتان لكن لم أشعر بهما، لا أعرف ماذا جرى لمرح، لكن الجميع تحت الركام.

كما واستشهدت كل من مرام وسهيلة ابنتي عم فرح، فيما أصيب أفراد عائلتها والدها "مهند" ووالدتها "مادلين" وأخوة وأخوات، ويرقد والدها في الطابق الأعلى من المستشفى.

وقال عمها محمد: "في الصاروخ الأول حاولت انقاذ مرح كانت تحت الركام لكن رأيتها فاقتربت منها فهبط الصاروخ الثاني وضاعت مني."

وقال عمها: "حملت فرح وساقيها مدليتان وذهبت بها لأقرب مدرسة إيواء ثم نقلناها للمستشفى".

وانتشل المواطنون 160 مواطنًا على الأقل منذ بداية الهدنة، وأشلاء لم يعرف أصحابها، جزء منهم كانوا في الشوارع حول وادي غزة الذي يفصل شمال القطاع عن جنوبه.

ولا يزال أهالي الضحايا يحاولون انقاذ ما يستطيعون فيما تعجز فرق الإنقاذ والدفاع المدني عن انتشال آلاف الضحايا شمال وجنوب القطاع.

وقال رجل الإنقاذ أحمد خضير: إن فرق الإنقاذ لا تستطيع انتشال الجميع لعدة أسباب أهمها غياب المعدات الثقيلة، وعدم وجود وقود، والعدد الضخم تحت الأنقاض، وعدم تمكن الفرق من الوصول لأماكن الدمار بسبب تدمير الطرق.

ويُذكر أن فرق الإسعاف والطوارئ تلقت قرابة 6500 بلاغًا عن مفقودين سواء تحت الأنقاض أو بات مصيرهم مجهولاً، منهم 4700 أطفال ونساء.

قرب ثلاجة الموتى، كانت عائلة "قيطة" تستعد لدفن طفلتهم "مي" ابنة الستة شهور.

وكانت الطفلة قد اختفت آثارها في قصف الاحتلال لمجموعة منازل في مخيم المغازي جنوب مدينة غزة.

وقال حاتم قيطة، والد الطفلة: أنه لجأ لمنزل أنسابه في المخيم، لكن المنطقة تعرضت لقصف جوي شرس أدى لسقوط العشرات من الشهداء والجرحى.

وأضاف: أن الجيران كانوا يفتشون عن حاجياتهم تحت الركام لكنهم وجدوا طفلته مي صدفة بين جدارين.

وأكد والد الطفلة أن زهاء 20 مواطنًا لا يزالوا تحت الركام ولا يستطيع أحد انقاذهم بسبب غياب المعدات الثقيلة التي تستطيع رفع قطع الردم الكبيرة، لكن بعض المواطنين يحاولون لملمة حاجيات لهم أو رفع الركام الصغير بأيديهم.