وطدت المغربية عبير عزيم "14 سنة" صداقة عميقة مع الكتب باعتبارها خير جليس، واختارت السفر على أجنحة الصفحات، فكانت الثمار مجموعة قصصية أسمتها "زورق الموت"، تلتها مجموعة "درع الوطن"، فرواية أصدرتها مؤخراً بعنوان "شمس بحجم الكفّ".
تلّقت عزيم تهنئة ملكية أثنت على تجربتها الإبداعية والأدبية، ما منحها حافزاً قويًا لمواصلة تحقيق أحلامها وطموحاتها بعد أن تُوجّت بلقب "أصغر كاتبة في العالم العربي"، حين كان عمرها لا يتجاوز 11 سنة، كما حصدت جوائز وطنية وعربية عديدة في القصة القصيرة والشعر والإلقاء، ومثّلت الطفولة المغربية في مهرجانات وملتقيات دولية.
يتسّع منظور الأديبة المغربية الصغيرة للحياة والإنسان والكون، وهي تقرأ وتتأمل وتتساءل وتكتب، وتسعى إلى مراكمة عناصر تجربة ينميها البحث والسؤال، فتختار الكتب العلمية تارة والأدبية تارة أخرى، كما تقرأ مؤلفات الخيال العلمي، وكتب التنمية الذاتية، وتعمد إلى اختراق آفاق جديدة، والاستفادة من تجارب سابقة من خلال نظرة واعية للواقع والمجتمع، كما تبدي شغفها بعالم القصة القصيرة والرواية ويستهويها عالم الصحافة والإعلام.
قبل ترسّخ فعل القراءة كعادة يومية لدى عبير، كانت تساعدها أسرتها في اختيار الكتب وأحياناً يقرأ والداها معها، ويناقشون الكتاب الذي وقع عليه الاختيار وبحسب عزيم، فإنّ أبرز الكتب التي تستهويها تشمل أعمال الأديب جبران خليل جبران، ورائد الرواية العربية نجيب محفوظ، وأدى ذلك إلى تفتح وعيها على قضايا اجتماعية ومواضيع إنسانية حرّكتها نحو الكتابة التي تصفها بأنها جسر يمكنها من إيصال أفكارها للقراء.
وتناولت مجموعتها القصصية الأولى "زورق الموت" ظاهرة الهجرة وتداعياتها، وتم توثيقها إلكترونيًا من قبل جمعية "إبداع" الثقافية المصرية، ثم مجلس الكتاب والأدباء والمثقفين العرب، وفي عمر 14 سنة صدرت روايتها "شمس بحجم الكفّ" والتي تقول: إنها "تنقل واقع ذوي الهمم، والمشاكل الاجتماعية التي يواجهونها، حاولت أن أوضح أن الإعاقة الحقيقية في الفكر لا الجسد، وأن الاختلاف شيء إيجابي ينبغي تقبله، وركزت على ذوي الهمم لأنني كنت ألاحظ معاناتهم، والنظرة الدونية التي يتعرضون لها ومن بينهم الطفل الموهوب زكريا اشميط الذي يتحدى الإعاقة ليواصل موهبته في الرسم، وهو أحد أبطال الرواية".
تمكّنت الكاتبة الصغيرة بفضل دعم وتوجيه أسرتها، أن تربط علاقة وطيدة مع الكتب فأبدعت في الكتابة جنبًا إلى جنب مع تفوقها الدراسي وأحرزت معدلات أشاد بها معلموها، كما أصبحت قادرة على المناقشة والنقد، فضلاً عن اكتسابها معارف كثيرة تتعلق بثقافات وحضارات وآفاق مغايرة.
كسرت عبير عزيم الصورة النمطية عن الجيل الذي يقال إنّ القراءة آخر اهتماماته وإن وسائل التواصل التهمت كل وقته، وجعلته سطحيًا يبحث عن المعلومة السريعة الجاهزة.
تقول: "مواقع التواصل الاجتماعي سيف ذو حدين، ومن هذا المنطلق أحاول بمساعدة والدي أن أستغل الأنترنت فيما يعود علي بالنفع، وأيضًا إيصال أفكاري للمتصفحين، لا يمكن التخلي عن كل ما هو إلكتروني، لكنني أنصح الأطفال والشباب بالتقليل من استخدام الهواتف والأجهزة الإلكترونية، وملء أوقات فراغهم بما يعود عليهم بالنفع ويغذي عقولهم، وعلى الأهل أن يزرعوا في أبنائهم حبّ الكتب، وأن يقربوا إليهم القراءة في سنواتهم الأولى عبر القصص والحكايات المصورة، حتى يتمكنوا لاحقًا من اكتساب هذه العادة التي تحصنهم ضد الجهل وضد مخاطر مواقع التواصل الاجتماعي أو إدمان الهواتف".
وتشارك الفتاة المغربية بورشات للقراءة للأطفال في المؤسسات التعليمية، فضلاً عن حضورها فعاليات المعرض الدولي للنشر والكتاب في العاصمة الرباط، لتشجيع الصغار على القراءة واكتشاف ذواتهم عبر الإبحار في عوالم مختلفة.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها