بقلم: سامي أبو سالم
على باب منزله في مخيم المغازي، وسط قطاع غزة كان سالم عبد الهادي منهمكا في "سلخ" عدة دجاجات ذبَحها للتو، وعمد لسلخها ليوفر أي كمية مياه ربما تستخدم في نزع ريش الدجاج بالماء الساخن.
وقال عبد الهادي "58 عاما": "إنه ليس من اليسير الحصول على أي كمية مياه بعد أن قطعها الاحتلال عن غزة وأيضا بسبب انقطاع التيار الكهربائي".
ويقول: "إنه يستضيف 5 عائلات من الأقارب الذين هربوا من شمال غزة باتجاه الجنوب بعد تهديدات الاحتلال للمواطنين بالمغادرة".
ونزح آلاف المواطنين من محافظتي غزة وشمال القطاع إلى جنوبه فيما بقي السواد الأعظم في بيوتهم رفضًا لأوامر الاحتلال ولسياسته التهجيرية.
ويبلغ عدد سكان قطاع غزة زهاء 2.2 مليون نسمة، زهاء نصفهم في محافظتي غزة وشمالها.
ويقضي والد الستة أبناء عبد الهادي ، وقته بشكل يومي لتوفير بعض الماء لأبنائه وللعائلات الأربع التي بلغ عدد أفرادها زهاء 30 شخصًا، غالبيتهم نساء وأطفال.
قال عبد الهادي: "الكثير من الأقارب والأصدقاء من شمال غزة اتصلوا ليأووا إلى بيتي لكن للأسف لا متسع لدي، والأهم لا مياه".
وأشار إلى أن في بيته بضع خضار ومعلبات والأكل مشكلة، فالوجبات شحيحة والأولوية للأطفال لكن المشكلة الكبرى في المياه.
ويمر قطاع غزة المحتل بأزمة مياه وأغذية ووقود بعد أن أغلقت دولة الاحتلال أنابيب المياه والوقود وإمدادات الغذاء، منذ بداية هذا العداون.
وكان مسؤول الطاقة والبيئة في دولة الاحتلال قد صرح أنه سيقطع المياه والكهرباء والوقود عن قطاع غزة مع بداية العدوان على غزة الذي بدأ قبل 9 أيام، والذي أسفر عن استشهاد 2808 فلسطينيين غالبيتهم من النساء والأطفال وإصابة 10950 مواطنًا وفقا لمصادر طبية.
ويعتمد قطاع غزة في استهلاك الماء على 50% من المياه المشتراة من دولة الاحتلال، و50% من الآبار الارتوازية، لكن شبكات المياه والصرف الصحي تضررت بشكل كبير بسبب القصف الإسرائيلي العنيف المستمر على القطاع.
وفقًا له، وضع عبد الهادي قيودًا صارمة على استخدام الماء في بيته، فالأولوية للشرب والوضوء بالتيمم أو المسح للفرائض دون السنن، ولا توجد فرصة لغسل الملابس أو الاستحمام أو أي من هذا "البذخ".
وقالت زوجة عبد الهادي فاطمة: إن" شح المياه يغير من سلوك ربة المنزل في البيت، فالبيت مليء بملابس بحاجة لغسيل كلها مؤجلة واستخدام الأواني بالحد الأدنى، حتى استخدام (التواليت) ممنوع فيه ضرب السيفون، والاستحمام للضرورة فقط باستخدام الأواني وليس الدّوش".
وأشارت إلى أنها تستخدم الأكواب والأطباق البلاستيكية والورقية ذات الاستخدام لمرة واحدة، حتى هذه الأواني تستخدمها أكثر من مرة، وفقًا لفاطمة التي أكدت على أن "الشرب أولا."
أعلى الأسطح شبان يناولون بعضهم دلاء مملوءة بالماء ينقلونها من سطح إلى سطح عبر البيوت المتلاصقة في المخيم.
عشرات الفتية يحملون غالونات وزجاجات فارغة يبحثون عن أي مكان لتعبئتها بالماء، توجهوا لأحد الآبار الارتوازية الخيرية لكن خاب سعيهم بسبب توقف البئر عن العمل لانقطاع التيار الكهربائي.
توجه آخرون إلى منطقة أخرى لتعبئة مياه تعمل بالطاقة الشمسية وغالبيتها قطاع خاص.
وقال الطبيب إبراهيم أبو سالم: إن شح المياه ينذر بكارثة إنسانية لأنه يؤدي لانخفاض مستوى النظافة وزيادة فرصة الإصابة بالأمراض.
وتابع: أن "نقص المياه سبب رئيس للأمراض الجلدية والجهاز البولي والكلى والأعضاء ذات الأغشية الحساسة سيما العين والجهاز التنفسي."
وقال المواطن سعدات جمعة "66 عاما"، "إنه يعاني من مشاكل صحية في الكلى، ولا يستطيع إلا أن يشرب مياه منقاة لكنها غير متوفرة، إذا استمرت أزمة المياه ستتفاقم مشكلتي وربما تؤدي لفشل كلوي، قطع المياه سلاح فتاك".
مدخل المخيم تجمهر مواطنون بانتظار شحنة مياه معدنية تصل لأحد المحال، وصلت على متن شاحنة نقلتها من مخزن منفصل تهافت المواطنون واشتروها قبل أن يتم إنزالها في المحل.
وقال وائل جبر "37 عاما": "أحد النازحين من شمال غزة وكان بانتظار الماء، إن أفراد عائلته لا يفكرون في غسيل ولا اغتسال".
وتابع: "أهل الدار عطشانين ومن يستضيفوننا لم يعد لديهم ماء وهناك أطفال بحاجة لتحضير الحليب، وأن المياه التي يحصل عليها سيستخدمها أيضا لتنظيف الأطفال بعد تغيير الحفاظات فقط".
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها