بقلم: يامن نوباني
توقفت، اليوم الأربعاء، محطة توليد الكهرباء الوحيدة في قطاع غزة عن العمل، وهي الكارثة التي سينتج عنها توقف جميع الخدمات الصحية والإنسانية، وسط ظلام دامس بدأ يعيشه القطاع منذ المساء.
2 مليون و300 ألف مواطن فلسطيني، يعيشون في قطاع غزة المعزول كليا عن العالم، لليوم الخامس على التوالي، وسط عدوان تشنه آلة الحرب الإسرائيلية على مدار الساعة، بقصفها لمئات المباني السكنية المدنية، وإبادة أحياء بأكملها عن خارطة القطاع، كحيي الرمال والكرامة.
منذ اليوم الأول لعدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، السبت الماضي 7 تشرين الأول/أكتوبر، والتي قرر فيها قطع الماء والكهرباء والوقود عن القطاع، بدأت بوادر كارثة صحية وإنسانية بالظهور تدريجيًا، في الوقت الذي يهددد فيه الاحتلال بقصف أي قافلة مساعدات خارجية.
وأعلنت وزارة الصحة، اليوم الأربعاء، عن بدء العمل بإجراءات تقنين الخدمات الصحية والمساندة، وتوجيه طاقة المولدات الكهربائية المحدودة لاستمرار الخدمات الطارئة وإنقاذ الجرحى والمرضى في الحد الممكن.
من جهته، قال رئيس سلطة الطاقة ظافر ملحم، خلال اجتماع لخلية المتابعة الحكومية لتداعيات العدوان المتواصل على قطاع غزة: "في الوضع الطبيعي كان يتوفر لدينا في قطاع غزة "200 ميغاواطا"، وحاليًا المتوفر "صفر ميغاواطا"، وذلك بعد أن توقفت محطة التوليد عن العمل حوالي الساعة الثانية والربع ظهرًا، والخطوط الناقلة والمغذية لقطاع غزة من إسرائيل أوقفت السبت الماضي، هذا يعني أن الحياة غير ممكنة في القطاع، والوضع خطير جدًا، ولن تعمل المستشفيات وتقدم الخدمات لحالات الطوارئ، وستكون هناك كارثة بيئية نتيجة عدم إمكانية معالجة مياه الصرف الصحي، لأنها ستختلط مع المياه العذبة وستؤثر سلبًا على جميع مناحي الحياة".
وأضاف: إسرائيل تمنع إدخال أي من المساعدات إلى قطاع غزة، ونحن على أتم الاستعداد لتوفير المواد اللازمة لإعادة تأهيل وبناء شبكات التوزيع وإدخال الوقود، لكن بحاجة إلى قرار للسماح لنا، ونعمل مع المجتمع الدولي للضغط على إسرائيل لإبقاء الكهرباء خارج الصراع، وهذا ما كان متفقا عليه في السابق.
من جهته، قال القائم بأعمال الوكيل المساعد لشؤون المستشفيات والطوارئ معتصم محيسن: إن وزارة الصحة تواصلت مع مختلف المنظمات الدولية ومنظمة الصحة العالمية والصليب الأحمر، لإيصال الأدوية والمستلزمات الطبية إلى المحافظات الجنوبية التي تعاني من أزمة حقيقية، لكن الاحتلال رفض هذه الجهود، محذرًا من كارثة إنسانية في حال قطع التيار الكهربائي.
وأكد أن هناك 13 مستشفى حكوميًا، و7 مستشفيات خاصة تعمل في قطاع غزة، وخرج مستشفيان عن الخدمة وهما بيت حانون والكرامة جراء القصف، وخلال ساعات ومع انقطاع التيار الكهربائي، ستتوقف المستشفيات بالكامل عن العمل، مشيرًا إلى أن غرف العناية المكثفة وأجهزة التنفس الصناعي وغرف العمليات لا تعمل إلا من خلال الكهرباء.
وتابع محيسن: أن المنظومة الصحية في قطاع غزة تعاني جراء الحصار الإسرائيلي المتواصل منذ 18 عامًا، والمستشفيات استقبلت مئات الشهداء وآلاف الإصابات جراء القصف الإسرائيلي على المحافظات الجنوبية منذ بداية العدوان، ووصلت نسبة الإشغال في المستشفيات إلى ما بين 150-200%، ما يهدد قدرة الطواقم الطبية على التعامل، خاصة في حال تعرض القطاع لعملية برية.
وكان رئيس سلطة الطاقة والموارد الطبيعية ظافر ملحم، أعلن أن المغذيات القادمة من الاحتلال، والتي تعطي 120 ميغاواطًا، فصلها منذ السبت الماضي، ما يعني أن هناك 80 ميغاواطًا فقط في قطاع غزة، منها 65 ميغاواطًا من محطة التوليد.
وأوضح أنه بعد قرار منع سلطات الاحتلال إدخال الوقود، ستتوقف أغلبية مصادر الطاقة البديلة والمقدرة بـ15 إلى 20 ميغاواطًا، بسبب منع دخول الوقود أيضًا.
وأضاف: أن المتوفر في محطة التوليد 400 ألف لتر من الوقود، وهي كافية لتشغيل المحطة ليوم واحد فقط، مشيرًا إلى أن إسرائيل هددت بقصف محطة توليد الكهرباء في حال إدخال أي كميات من الوقود، حتى لو كان الوقود المصري، ومن المتوقع أن تتوقف عن الخدمة غدا بشكل كامل.
ولفت إلى أنه في حال توقفت محطة توليد كهرباء غزة عن العمل، فإن جميع الخدمات الإنسانية في قطاع غزة ستتوقف بالكامل، منها: المستشفيات وجميع المرافق الصحية التي لن تتمكن من تقديم الخدمات إلى الجمهور، ومحطات المياه، والمياه الصالحة للشرب ستختلط مع مياه الصرف الصحي، وجميع الخدمات الأخرى.
وعن الطاقة البديلة، فقد أشار إلى أن الحصار المفروض على قطاع غزة دفع المواطنين إلى اقتناء ألواح الطاقة الشمسية ووضعها على أسطح البنايات السكنية، لكنها هي الأخرى تتعرض للقصف، إضافة إلى المولدات الكهربائية المنزلية التي ستتوقف عن العمل خلال ساعات محدودة بسبب منع إدخال الوقود.
ولفت إلى أن قطاع غزة يحتاج إلى 500 ميغاواط من القدرة الكهربائية، وأنه يعاني من انقطاع التيار الكهربائي لساعات منذ سنوات، بعد تعرض محطة التوليد في غزة للقصف 3 مرات في أعوام 2006، و2008، و2014.
وأوضح أن سلطة الطاقة راسلت جميع الدول والدول المانحة والأونروا للضغط على إسرائيل لتُبقي الكهرباء خارج الصراع، مؤكدا أن قرار منعها مخالف للأعراف الدولية والقانون الدولي الإنساني.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها