بقلم: سامي أبو سالم

ضرب الصاروخ الأول منزل سعيد أبو صلاح المكون من 5 طوابق، في مدينة بيت حانون أقصى شمال غزة. طار الطفل عابد ابن الأعوام السبعة بجانب باب الشقة، وسقط عليه كرسي وامتلأ الجو بالغبار.

أزاح عابد الكرسي جانبًا ونزل على الدرج ليهرب فوجد أخاه يحيى غارقًا في دمه.

قال الطفل عابد: "صرت أحكي معه وأنادي عليه لكن مردش [لم يستجب]، تركته وهربت".

واصل الطفل طريقه نحو باب البيت لكن الركام أغلقه، وتابع عابد قائلاً: "قفزت من فوق الباب ولحقت أبي، الذي كان ينزف وذهبنا مشيًا إلى المستشفى".

وقصفت طائرات الاحتلال منزل أبو صلاح، ما أدى إلى استشهاد نجليه يحيى (28 عامًا) وإبراهيم (27 عامًا) ونجل إبراهيم "عبيدة" الذي يبلغ من العمر عاما ونصف العام.

قال أبو صلاح: "كان إبراهيم وطفله نائمين بعد تناول الغداء".

وقال أبو صلاح (58 عامًا)، الذي ودع للتو أحد أبنائه "يحيى" في ثلاجة الموتى في المستشفى الإندونيسي، إن ولده الثاني وحفيده تحت الركام ولا يستطيع أحد أن يصل إليهما.

وتابع أبو صلاح: إن بيته المكون من 4 طوابق يؤوي 40 فردا من أطفال ونساء، وأنه تعرض للقصف دون أي إنذار.

وأضاف: "بعد الصاروخ الأول، ملأ الغبار المنزل ولم يرَ ساكنوه شيئًا، توقعت صاروخًا آخر فتحسست حافة الدرج وناديت الأولاد ليهربوا، خرجت وهبط الصاروخ الثاني ولا أعرف كيف خرج البقية أحياءً، ربما الملائكة أنقذتهم، مشيت إلى المستشفى وابني الطفل عابد يمشي بجانبي وكان مصابًا أيضًا".

وكشف أن بيت حانون تتعرض لقصف عشوائي للمنازل المأهولة، لا سيما في المنطقة الشرقية.

وحول عدم انتظاره للإسعاف قال أبو صلاح: "لا يوجد إسعاف يستطيع أن يصل إلينا، فالطريق مغلق بالركام".

وكما قالجارهم، أحمد أبو عودة: أنه حاول تقديم المساعدة بسيارته "الصغيرة" ونقل أكثر من 15 طفلاً وامرأة داخل السيارة وفي صندوقها الخلفي، دخل في أزقة وشوارع فرعية لا تتسع لسيارة الإسعاف.

في الطريق، سقطت إحدى الفتيات من الصندوق فتوقف وأرجعها ثانية.

رأى أناسًا على الأرض ولم يعرف ما إذا كانوا أحياءً أو أمواتًا، لكنه فضل إنقاذ الأطفال.

وتابع أبو عودة: "أكملت الطريق تحت القصف ومن طرق متعرجة، لقد كانت لحظات من أهوال يوم القيامة".

وشنت طائرات الاحتلال الإسرائيلي الحربية، عشرات الغارات العنيفة بما يشبه سياسة الأرض المحروقة، ضد قطاع غزة، وألقت خلالها عشرات الأطنان من المتفجرات في المناطق الحدودية شمال القطاع وشرقه، وألحقت دماراً في ممتلكات المواطنين، وتكونت سحابة من الدخان الأسود العميق في أجواء القطاع.

وارتكبت طائرات الاحتلال مجزرتين في مخيمي جباليا والشاطئ راح ضحيتهما عشرات الشهداء والجرحى وألحقت دمارا كبيرا في المنازل والممتلكات.

ومنذ بدء العدوان، دمرت طائرات الاحتلال بالكامل 4 مساجد في مدينة غزة، ومسجدًا في خان يونس، وآخر في بيت لاهيا، وثلاثة مصارف في قطاع غزة، كما قصفت أربع مدارس تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، ودمرتها تدميرا جزئيا.

وحتى الساعة الحادية عشرة من صباح اليوم الإثنين، وصل عدد الشهداء حسب وزارة الصحة إلى 493 شهيدًا بينهم 91 طفلاً و61 سيدة، وأكثر من 2700 جريح في قطاع غزة، و15 شهيدًا بينهم طفلان ونحو 80 جريحًا في الضفة الغربية.