بقلم: سامي أبو سالم

كانت منطقة "الترنس" التجارية، في قلب مخيم جباليا، شمال غزة، مكتظة بالمتسوقين عندما أطلقت طائرات الاحتلال صاروخين، على الأقل، ليرتقي عشرات الشهداء من السكان والمتسوقين وأصحاب المحال التجارية والعمال.

شهداء ارتقوا في هذه المجزرة الجديدة للاحتلال، وسط الشارع وأشلاء تطايرت على المركبات المتوقفة التي احترقت بفعل القصف الإجرامي.

متطوع خرج من بين الأنقاض يحمل رضيعًا ملفوفًا بقماش، لحق به مجموعة من الشبان يحملون جثة مغطاة بـ"بطانية" ظهرت من تحتها يد غضة لا يزيد صاحبها عن عشرة أعوام تقديرا.

على الجهة المقابلة انتشل فريق الإنقاذ جثة متفحمة من بين النيران داخل محل تجاري اختفت معالمه.

قال أحد رجال الدفاع المدني: "ليس لدينا إحصاء ولا نعرف كم شخص كان في المحل، نضطر للبحث بين الأنقاض".

مجموعة من الشبان حملوا مطارق كبيرة وكسروا قطع باطون لإنقاذ من تحتها.

نادى أحدهم أن هناك أحياء أسفل الركام في المنطقة التي يخرج منها دخان كثيف. هرع المتطوعون لإنقاذهم قبل موتهم خنقًا.

لم تكف "الحمالات" مع طواقم الإسعاف، فاستخدم المواطنون والجيران بطانيات وألواح خشبية لنقل الشهداء.

المصادر الطبية لم تحدد عدد وأسماء الضحايا لأن عددًا منهم لا يزال تحت الأنقاض التي تحيط بها النيران والدخان الكثيف، ومنها متفحم ومنها تقطعت أوصاله.

لكن مصادر محلية قالت تم نقل 50 ضحية على الأقل بين شهيد وجريح منهم حرقًا.

قال مسعف: "لم نصادف أحدًا حيًا أو قادرًا على الكلام مما نقلناهم ليخبرنا كم شخص كان معه في البيت".

وقال إبراهيم رابعة، صاحب بقالة قريبة من المكان: إن القصف استهدف أكثر من مبنيين دون أي تنبيه ودمرا بشكل كامل ودمرت منازل أخرى ومحال تجارية في المحيط "هذه مجزرة".

وأشار رابعة إلى أن المباني تعود لعائلتي أبو شقفة وأبو اشكيان فيما بيوت أخرى تدمرت تعود لآل الغوراني ورابعة وعشرات من الشقق السكنية والمحال التجارية.

وأضاف: أن المنطقة مكتظة على غير العادة بسبب تواجد سكان من مناطق أخرى تركوا بيوتهم وجاءوا تجنبًا للقصف.

تواصل طواقم الإنقاذ عملها ما بين انتشال ضحايا إطفاء النار أو إزاحة قطع الخراسان الضخمة بـ"بلدوزر" أو إزاحة السيارات المدمرة من وسط الطريق.

وقال إياد سعد من بيت حانون: "سمعت إنفجارين كبيرين هرعت لأرى ماذا حدث فشاهدت جثثًا لرجال وأطفال مبعثرة في كل مكان".

وأضاف سعد: أنه هرب من مدينته تجنبا للموت وخرج للتسوق ليلقى الموت أمامه.

وأشار إلى أنه حاول اللجوء لإحدى المدارس لكنها مكتظة "لم يعد هناك مكان آمن في غزة".

وتتعرض مدينة بيت حانون منذ أمس، لغارات مكثفة واستهداف لمنازل مأهولة ما أدى لاستشهاد العشرات، ونزوح الآلاف قصرًا.

وتأوي مدارس الأونروا في غزة 74 ألف مواطن نزحوا من مناطق مختلفة بحثا عن الأمان.

وتمعن قوات الاحتلال في استهداف المنازل المأهولة في قطاع غزة ما أدى لاستشهاد عائلات بأكملها بمجموع 70 مواطنًا على الأقل، وفقًا لمصادر طبية.

وأعلنت وزارة الصحة، صباح اليوم، عن ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي الشامل على أبناء شعبنا في قطاع غزة والضفة الغربية، إلى 508 شهداء و2800 جريح.

وأوضحت الصحة، أن من بين الشهداء، 493 شهيدًا، و2751 جريحًا في المحافظات الجنوبية حتى الآن، بينهم 91 طفلاً و61 سيدة، فيما بلغت الحصيلة في المحافظات الشمالية 15 شهيدًا بينهم طفلان، ونحو 80 جريحًا.