بقلم: بسام أبو الرب
في العادة، كانت الحجارة وحدها ما يجمعها المواطن عوض عودة (30 عامًا)، هو وعائلته للدفاع عن أنفسهم في صد هجمات المستعمرين، عن منزله في الجهة الجنوبية من بلدة قصرة جنوب نابلس.
هذه الحجارة لم تسعف عائلة عودة، اليوم الأربعاء، أمام رصاص المستعمرين، ولم تنقذ العائلة كما كل مرة.
تعرضت قصرة وهي قرية فلسطينية تقع جنوب شرق نابلس، إلى أحدث هجوم من متطرفين يهود، وصلوا إلى القرية بهدف القتل، وهو أمر مشابه لهجمات سابقة تعرضت لها القرية وقرى أخرى مجاورة.
عوض أصيب اليوم برصاص المستعمرين ووصفت إصابته بالخطيرة، خلال تصديه لهجوم نفذه العشرات من المستعمرين في جولتهم الثانية، بعد أن طردوا من المكان ليعودوا محملين بالأسحلة والذخائر بحماية جيش الاحتلال.
عوض هو نجل الشهيد محمود أحمد زعل عودة الذي استشهد في الثلاثين من تشرين الثاني/ نوفمبر 2017 عندما باغته مستعمر بالرصاص خلال عمله بأرضه.
وغالبًا ما تشهد المنطقة الجنوبية الشرقية في بلدة قصرة هجمات للمستعمرين، يتسللون من المستعمرات القريبة وهي "عيليه"، ويش كودش"، و"احيا"، و"وكيدا"، التي تضم مجموعات متطرفة تطلق على نفسها "فتية التلال" وتستهدف المواطنين ومنازلهم وتحرق كل ما تطاله أيديهم.
يحاول الشاب سامر عودة توجيه أهالي بلدته قصرة، وتحذيرهم من إطلاق الرصاص الذي أصبح في كل مكان وفوق الرؤوس، وعبر وسائط التواصل الاجتماعي أمكن مشاهدة شبان آخرين كانوا يحاولون النأي بأنفسهم عن رصاص المستعمرين.
ويقول عودة: "أحاول توثيق اعتداءات المستعمرين وهجماتهم، منذ 15 عامًا، لكن هذه المرة الأولى التي أشعر بمدى خطورة وتصاعد حدة الهجوم، فالرصاص يطلق بشكل كثيف من قبل المستعمرين".
وتشهد قرى جنوب نابلس، حالة مرعبة منذ أيام، يطلق جنود الاحتلال النار على المركبات والمواطنين المدنيين العزل لمجرد محاولتهم التنقل بين القرى.
ويضيف عودة: "كان الهجوم الأول اليوم قرابة الساعة الثانية والنصف، وتصدى لهم الأهالي وطردوهم من المنطقة الجنوبية، ليعودوا إلى إحدى المستعمرات القريبة، ومنها مرة أخرى إلى القرية وهم يركبون دراجات نارية، ومعهم المزيد من السلاح وبحماية جيش الاحتلال، ويطلقون الرصاص بشكل عشوائي، ما أدى لاستشهاد أربعة مواطنين بينهم ثلاثة أطفال وإصابة آخرين".
ويتابع: "عادة يطلق جيش الاحتلال الرصاص الحي والمطاطي وقنابل الغاز المسيل على الشبان خلال التصدي للمستعمرين، لكن هذه المرة بشكل مباغت أطلقوا الرصاص الحي وعلى المناطق العلوية من الأجساد، بهدف القتل".
ويؤكد عودة أن المواجهات أصبحت في كل منطقة من البلدة، بعد تدخل جيش الاحتلال واقتحام المنطقة الغربية وبين منازل المواطنين، وهي بعيدة كليا عن المناطق التي يهاجمها المستعمرون عادة، كأنه يحاول تشتيت الجهود".
ولبلدة قصرة خاصة وبلدات الضفة الغربية قصة من الماضي القريب مع المستعمرين، عندما احتجز الأهالي العشرات منهم عام 2014، ولقنوهم درسًا وأخرجوهم من البلدة مضرجين بالدماء.
ويقول مدير عام النشر والتوثيق في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان أمير داوود: "إنه منذ بداية العام الحالي استشهد 15 مواطنًا على يد المستعمرين في الضفة الغربية بما فيها القدس، وبينهم الشاب الذي قتل برصاص مستعمرين قرب صندلة داخل أراضي الـ48، وشهداء قصرة اليوم".
ويضيف: أنه حتى اللحظة سجلت الهيئة 1600 اعتداء من قبل المستعمرين بحق المواطنين وممتلكاتهم، في حين شهد العام الماضي 2022 نحو 1148 اعتداء، وتركزت غالبية الاعتداءات في ريف نابلس الجنوبي وشمال شرق رام الله، ومسافر يطا بالخليل.
ويؤكد داوود أن ما تشهده الأراضي الفلسطينية من تصاعد اعتداءات المستوطنين، والتغيير في النمطية وأساليبها، جاء نتيجة الرافعة القانونية التي يوفرها المستوى الرسمي في حكومة الاحتلال المتطرفة، إضافة إلى تقديم عشرات الآلاف قطع السلاح للمستعمرين، واصدار القرارات بتخفيف صلاحيات إطلاق النار، ومحاولة استغلال ما يحدث من عدوان على غزة، وانشغال الاعلام العالمي بما يحدث فيها ليصبح غطاء على جرائم المستعمرين في الضفة.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها