ألقى سيادة الرئيس محمود عباس خطابه السنوي أمام الدورة ال78 للجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الخميس أول أمس (21/9/2023) جالَ فيه على الثوابت الوطنية، وتحدث عن الملفات الأساسية لإنهاء وإزالة الاستعمار الإسرائيلي الاجلائي الاحلالي عن أراضي دولة فلسطين المحتلة في الخامس من حزيران / يونيو 1967. وأول واهم نقطة نطق بها أبو مازن قوله، "وأهم من يظن أن السلام سيتحقق في الشرق الأوسط دون حصول الشعب الفلسطيني على كامل حقوقه الوطنية المشروعة". والتي لخصت وكثفت الموقف الفلسطيني، وقالت الكلمة الفصل أمام العالم أجمع، وإسرائيل ومن خلفها الولايات المتحدة والغرب الرأسمالي عمومًا. 

ولا أريد إعادة ما جاء في كلمة عباس أمام المنبر الأممي الأهم، ولكن بودي مناقشة الرافضين والمعترضين والمتحفظين على خطاب رئيس منظمة التحرير، الذين يكررون مواقفهم ذاتها كل عام لتحقيق اكثر من غاية، منها: أولاً التحريض على شخص الرجل؛ ثانيًا ومن خلاله التحريض على السلطة الوطنية عمومًا وحكومتها وأجهزتها الأمنية؛ ثالثًا تأليب الرأي العام الفلسطيني على القيادة الشرعية؛ رابعًا تعميق وتوسيع دوامة الفتنة في أوساط الشعب؛ خامسًا ارسال رسالة للقوى الإقليمية والدولية والرأي العام الدولي، مفادها أن خطاب رئيس الشعب الفلسطيني، "لا يمثل" الكل الفلسطيني؛ سادسًا وكل ذلك لخدمة العدو الصهيو أميركي ل"اضعاف مكانة" عباس الشرعية، وصب الزيت على النار المتقدة في مخيم عين الحلوة في الجنوب اللبناني وجنين ومخيمها لذات الهدف. 

وأسأل كل الفرق المجدفة عكس التيار الوطني المركزي، هل محمود عباس إدعى يومًا، أنه فقد الأمل بخيار التسوية السياسية. رغم كل ما ترتكبه دولة الاستعمار الصهيوني من جرائم حرب؟ ألم يأتي إلى الرئاسة عام 2005 استنادًا إلى برنامجه السياسي المحدد والواضح، والذي أكد فيه تمسكه بخيار المفاوضات وصولاً لتحقيق السلام، ومستعينًا بالمقاومة الشعبية السلمية، ورفض خيار استخدام السلاح؟ وهل يجهل أبو مازن من هي إسرائيل اللقيطة والفاشية، أو عنده تشوش فكري سياسي حول ممارساتها وانتهاكاتها وإرهابها المنفلت من عقاله؟ وهل غابت عن ذاكرته طبيعة العلاقات الأميركية الإسرائيلية، ونسي أو تناسى ما فعلته الإدارات الأميركية المتعاقبة منذ 1653 لخلق دولة إسرائيل، أو هل سقطت من حساباته السياسية صفقة القرن الترامبية والاستسلام الإبراهيمي؟ وهل تمسكه بالمقاومة الشعبية السلمية جاء عبثًا، أو جهلاً بواقع الصراع وكل عمليات القتل والتدمير والتخريب من قبل الحكومات المتعاقبة، وكل المكونات الإسرائيلية الجيش وأجهزة الأمن، وقطعان المستعمرين ومنظماتهم الارهابية؟ وهل تمسكه بخيار السلام ناتج عن ضعف واسترضاء للمستعمرين الفاشيين، أم عن حكمة ومسؤولية تجاه الأهداف الوطنية والشعب بكل نخبه وقطاعاته؟ وهل في ظل الواقع الراهن الفلسطيني والعربي الإقليمي والعالمي يمكن اعتماد أساليب كفاحية اكثر راديكالية؟ وهل أنصار ما يسمى ب"تيار المقاومة" يريدون المقاومة فعلاً، أم أنهم يتاجرون بالشعار، كما يفعلون الآن في الشريط المحاذي بين قطاع غزة وإسرائيل الخارجة على القانون؟ وأليس الهدف الضغط من أجل وصول الشنط المعبأة بالمال من الدوحة وغيرها؟ وهل إدعى يوما بوجود شريك إسرائيلي مستعد لصناعة السلام، ومع ذلك لم ينفض يده من الرهان على إمكانية إحداث اختراق في جدار الاستعصاء الإسرائيلي نتاج التحولات الجارية في العالم؟ وهل تخلى رئيس المنظمة عن ثابت من الثوابت الوطنية؟ وأخلص لسؤال هام ورئيس، هل ادعى الرئيس محمود عباس أنه معصوم من الخطأ؟ هل ادعى يومًا، أنه وحده يملك الحقيقة؟ 

كم الأسئلة التي تحمل في طياتها الرد على المجدفين عكس التيار، والساعون لحرف بوصلة النضال الوطني، والهادفون لإشعال الفتن في أوساط الشعب كثيرة وواسعة. ولكن لو دقق المواطن الموضوعي والعقلاني في ذرائع المجدفين، سيرى أنهم منافقين وتجار دين ودنيا، والسمة العامة لهذه الأصوات القاء الأكاذيب وتزوير الحقائق بهدف تعميق الإنقسام، والتحريض على الفتنة، وتنفيذ دورهم الوظيفي الموكل لهم، وأترك الباقي عند القارىء ليرد عليهم بموضوعية.