صحيح أن قاعة الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورة اجتماعاتها الثامنة والسبعين، كانت شبه فارغة تمامًا، حينما كان رئيس الحكومة الإسرائيلية "بنيامين نتنياهو" يلقي كلمته المحمولة على التزوير العنصري المفضوح، ما يعني أن الرواية الإسرائيلية لم يعد لها جمهورًا في باحة الأمم المتحدة، غير أن الصحيح أيضًا أنه من المعيب أن يظل المجتمع الدولي،  صامتًا بعد هذه الكلمة التي كشف "نتنياهو" خلالها، وعلى نحو لا لبس فيه، غايات الحرب الفاشية التي تواصلها إسرائيل ضد القضية الفلسطينية لتصفيتها، تاريخًا، وجغرافيًا، وحقوقًا مشروعة، وتطلعات إنسانية عادلة لشعبها..!!

من المعيب حقًا أن يظل المجتمع الدولي صامتًا بعد هذه الكلمة، التي أطبق فيها نتنياهو بتزوير ما بعده تزوير، على خارطة فلسطين، وهو يلبسها عنوة ثوبه الأزرق الإسرائيلي، ويحيط إقليمها باللون الأخضر، كناية عن تطبيع، يتوهم بأنه سيديم لونه الأزرق على البلاد التي يحتلها، وهذا الأزرق قطعًا ليس هو أزرق السماء، ولا أزرق البحار، وإنما أزرق لوكيميا الدم، الذي هو أزرق الموت.

وفي إشهاره هذا لتفاصيل وغايات حربه الفاشية ضد فلسطين، وقضيتها، ومستقبلها، من على منبر الأمم المتحدة، كان نتنياهو يشهر أيضًا، سياسة التنمر والبلطجة الإسرائيلية، على المجتمع الدولي بأسره، الذي إذا ما ظل صامتا تجاهها، سلم بهذه السياسة، وبات خانعًا لها خنوع العبد ليس إلا..!!!.

لهذا نشدد أنه لأمر معيب، أن يظل المجتمع الدولي صامتًا، لا يحرك ساكنًا، تجاه هذه السياسة، وحربها الفاشية التي في محصلتها ليست حربًا على القضية الفلسطينية فقط، وإنما هي كذلك حرب على المجتمع الدولي، على هيبته، وسيادة سياساته، وعلى ما أقر من قانون دولي، وشرعة حقوق الإنسان، حرب على هيئته الدولية، وهو يريد منها أن تقبل بتزويره للتاريخ والجغرافيا، لعلها تسانده في حربه الفاشية، ضد فلسطين، وشعبها وقضيتها العادلة..!!!

لا نريد للمجتمع الدولي حال العبد أبدًا، ولا نعتقد أن هذه الحال ممكنة مع قوى الحق والحرية والعدل والسلام، وهذه القوى بوسعها اليوم أن تتحرك دفاعًا عن معنى المجتمع الدولي، وقيمته، ودوره في إقرار السلم والاستقرار، أينما كان العالم يحتاج إلى ذلك من أجل تنمية مثمرة للمجتمع البشري، ومن أجل أن يكون العالم قرية واحدة حقًا، قرية بلا حروب وصراعات دموية، قرية تبني، ولا تهدم، وتعطي بعدل، وتأخذ بحق.

وفي هذا السياق على المجتمع الدولي أن يراجع جيدًا خطاب سيادة الرئيس أبو مازن، ففي دعواته أن ينهض المجتمع الدولي، من أجل التصدي للتزوير الإسرائيلي، وحربه الفاشية ضد شعبنا الفلسطيني، وقضيته الوطنية، وتجريم إنكار النكبة، والسعي لعقد مؤتمر دولي للسلام إنما هي دعوات لجعل العالم في المحصلة تلك القرية الوادعة، ولا شك أن هذه الحقيقة جلية تمامًا في خطاب سيادة الرئيس أبو مازن، ولقد بات واضحًا بكامل الوضح، أنه خطاب الحق، ضد كلمة الباطل، كلمة إسرائيل العدوان، والفاشية، فمتى يعلن المجتمع الدولي انحيازه العملي لخطاب الحق، لتسقط كلمة الباطل، فيكون أمنًا ويكون استقرارًا ويكون ازدهارًا، يكون عالمًا بسلام عادل، حين هو عالم دولة فلسطين الحرة المستقلة، بعاصمتها القدس الشرقية.