بقلم: ريم سويسي
الرسم بالخيوط والمسامير أو فن الفيلوغرافيا، هو أحد الفنون التي ظهرت في العهد العثماني، وتعتبر أحد فروع الرسم، وفيه تستخدم الخيوط والمسامير بدلاً عن الأقلام والأوراق، حيث تثبت المسامير على قطعة خشب ثم يتم العمل على مشابكة الخيوط بالمسامير لإنتاج اللوحة المطلوبة.
الجريح أسامة الرملاوي (36 عاماً) من قطاع غزة، أصيب عام 2018 في قدمه بطلق ناري متفجر أدى إلى تعطيل مفصل "رمانة القدم"، ومن هنا بدأت الحكاية مع فن الرسم بالمسامير أو "فيلوغرافيا".
يقول أسامة: "ذهبت إلى مسيرات العودة لإنقاذ أخي الذي اتصل بي وأخبرني بأن علي القدوم لمساعدته، وما أن وصلت المكان حتى أصبت أنا الآخر بطلق ناري".
ويضيف: "خضعت لـ39 عملية كانت نتيجتها خلل كامل في مفصل القدم، وقصر 5 سم في الرجل، والآن أرتدي حذاءً طبياً خاصاً ولولا عناية الله لتم بتر القدم كاملة".
لا تقف التفاصيل هنا، بل تبدأ، فالإصابة التي أدت إلى إعاقة دائمة عند أسامة خلقت وقتاً كبيراً من الفراغ وشحنت الذاكرة بصور من وراء السياج لأراضينا المحتلة.
يقول الرملاوي: "نسيت كل شيء يتعلق بإصابتي، لكنني لم أنس ما شاهدته من وراء السياج الفاصل الذي يفصلنا عن أراضينا المحتلة، وعدت من المكان وذاكرتي مليئة بشوق وحنين لم أعهده، فقررت المقاومة رغم إعاقتي بشكل آخر، وهو الرسم بالمسامير والخيطان، فبدأت أرسم خريطة فلسطين وحنضلة وما وراء السياج والحمامة التي تحمل غصناً من الزيتون ومفتاح العودة".
ويضيف، وقد تغيرت ملامح وجهه وكأنه يرى شيئاً: "من وراء السياج رأيت أراضي خضراء بمساحات شاسعة، رأيت أجدادي هناك وهم يفلحون الأرض ويزرعونها، رأيت بيوتهم، وقررت أن أرسم كل شيء بالمسامير والخيطان".
ويؤكد الرملاوي بأن فلسطين ستبقى ذكرى محفورة في وجدانه، فهو يحن لبلاده وبلاد أجداده التي اغتصبت، يحن للشجر الأخضر هناك والتي كانت تناديه من وراء السياج.
ويرسم الجريح الرملاوي لوحاته الخشبية باستخدام المسامير والخيطان الملونة ولاصق ودهان وشاكوش حديدي لدق المسامير التي يربطها بطريقة معينة بالخيطان، لتبدو في النهاية لوحة جميلة فيها روح.
تستغرق بعض اللوحات ساعات ليتم إنجازها، بينما تستغرق لوحات أخرى أياماً لإنجازها.
يقول أسامة: "اللوحة هي مصدر دخلي ويتراوح سعرها ما بين 20 إلى 100 شيقل حسب ما هو مشغول في اللوحة والتعب الذي استغرقته".
شارك الرملاوي في معارض فنية محلية حاز فيها على إعجاب الجمهور بفنه وأدائه، لكنه يطمح للمشاركة في الخارج لتمثيل فلسطين.
يختم الرملاوي "رغم الإصابة فأنا أقاوم بطريقتي، بالرسم، ولولا الإعاقة التي سببتها المسيرات لما أبدعت في هذا الفن ولما عشت الحنين لوطني المغتصب وراء السياج".
والرملاوي متزوج ولديه بنتان وأصيب عام 2018 برصاص الاحتلال.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها