عُلا موقدي
منذ مطلع العام الحالي، والمؤشرات تنذر بخطر حقيقي يضرب أراضي قرى محافظة سلفيت وبلداتها، كسياسة ترحيل قسري وتطهير عرقي للفلسطينيين من أجل إحلال مشاريع وبؤر استيطانية جديدة.
وبشكل ممنهج وخطير للغاية، شهدت أراضي بلدة قراوة بني حسان الواقعة إلى الغرب من محافظة سلفيت في الآونة الأخيرة، هجمات استيطانية رامية إلى سلب المزيد من الأراضي بقوة السلاح وذلك لصالح إقامة بؤر استيطانية جديدة في المنطقة.
وبدعم وحماية من قوات الاحتلال الإسرائيلي، يقوم المستوطنون برعي المواشي على أطراف البلدة، ويحاولون منع المواطنين من الوصول إلى أراضيهم وسرقة الأشجار وتكسيرها، ومؤخراً حاولوا الاستيلاء على منطقة "بئر أبو عمار"، وهي منطقة سياحية وأثرية تقع في المنطقة الغربية الشمالية من البلدة.
رئيس بلدية قراوة بني حسان إبراهيم عاصي قال:إن "هذه المنطقة هي أحد مطامع الاحتلال، كونها تحتوي نبع مياه يُستخدم للشرب والزراعة، وعلى الجوانب تم تخصيص قنوات مياه بسيطة لسقاية المواشي".
وذكر أن البلدية قامت ببناء جدران وسقف، وعمل قنوات للمياه حول النبع، يمر بجانبها طريق ترابي عام يخدم الأراضي المحيطة كافة، وذلك بعد محاولات الاحتلال السيطرة عليه، وحولت المكان إلى ما بات يشبه المتنزه.
ويمارس الشبان في هذه المنطقة هواياتهم الرياضية المختلفة مثل لعب كرة الطائرة والتنس والفروسية، ويشكلون لجان حراسة ليلية لحمايته، ويقومون بأعمال تطوعية وبيئية في المكان متمثلة في تنظيف المتنزه وزراعة الأشجار وإنارته وتزيينه.
لم يرق هذا العمل الاحتلال، الذي اقتحمت قواته المدججة بالسلاح خلال الأسابيع الماضية المكان وهدمت المتنزه واقتلعت "العشب الصناعي"، وكسرت أعمدة الإضاءة، والمقاعد، وطاولة التنس، وخلايا الطاقة الشمسية، وحطمت الأشجار الحرجية، وصُنفت المنطقة على أنها "محمية طبيعية" يُمنع العمل فيها، إلّا أن أهالي البلدة قاموا بإعادة إعماره خلال ساعة واحدة فقط بعد الهدم.
وأشار عاصي إلى أن قوات الاحتلال عملت على تضييق الخناق على أهالي البلدة كافة، والبلدات والقرى المجاورة، عبر إغلاق البوابة الحديدية الواقعة على الشارع المؤدي إلى القرى الغربية لمحافظة سلفيت قرب بلدة قراوة بني حسان، والاستيلاء على الجرافات التي تعمل في المنازل قيد الإنشاء، ومطاردة العاملين في مجال البناء، وتسليم المواطنين إخطارات هدم ووقف عمل وبناء، وتنفيذ اعتقالات.
منسق حملة مسارات رباط وثبات في قراوة بني حسان نادي عاصي قال: "إن الاحتلال الإسرائيلي قطع منذ عام 2022 ما يقارب 1000شجرة من أراضي بلدة قراوة بني حسان، تتراوح أعمارها بين 15-20 عاما، بينما وضع المستوطنون الخيام في المنطقة المعروفة بـ"خربة شحادة" بالقرب من بئر أبو عمار تمهيداً للاستيلاء عليه".
وأضاف: قام الشبان بحرق هذه الخيام عدة مرات، حتى أُجبر الاحتلال على إزالتها بشكل نهائي من المنطقة وإعادة الأرض كما كانت.
وأكمل عاصي أن هناك أكثر من منطقة في بلدة قراوة بني حسان مهددة بالمصادرة، ومنها (دار الضرب، والرأس، والنويطف، وبئر أبو عمار)، وفي رد مستمر للمواطنين على هذه الانتهاكات قام شبان البلدة بتأسيس مجموعة عبر مواقع التواصل الاجتماعي تحت اسم: "مسارات في ربوع بلادي"، من أجل تفعيل دور المسارات البيئية الداخلية لهذه المنطقة، وقامت البلدية بمساندتهم ومد خطوط الكهرباء إلى هذه المناطق وترميمها وإقامة ملاعب كرة السلة والطائرة ومتنزهات للعائلات والأطفال.
محافظ سلفيت عبد الله كميل أوضح أن السياسة المتبعة في محافظة سلفيت تهدف إلى توسيع المستوطنات القائمة وإنشاء المزيد من البؤر الاستيطانية، التي تمثلت في الفترة الأخيرة في ما يسمى "البؤر الرعوية" التي تقودها عصابات "فتية التلال" الإرهابية بتمويلات مادية ومعنوية هائلة.
وأضاف: أن "المزارعين الفلسطينيين يعملون بكل إمكانياتهم من أجل الحفاظ على أراضيهم والدفاع عنها، كما تعمل الحكومة على مساندتهم من أجل تعزيز صمودهم قدر المستطاع، من خلال الإجراءات والمتابعة القانونية بشكل أساسي، وتوثيق كل اعتداءات المستوطنين بحق الأهالي، وذلك في ظل وجود مجتمع دولي صامت لم يصدر قرارًا عقابياً واحدا بحق اعتداءاتهم المتكررة.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها