أسيل الأخرس
يزيد انقطاع مياه الشرب منذ بداية فصل الصيف الاستياء العام لدى المواطنين، ويتكرر ذات السناريو مع حلول كل صيف، لتعصف هذه الأزمة بحياة المواطنين وتضاعف من معاناة الفصل الحار.
ورغم اختلاف ساعات وأيام انقطاع المياه بين مختلف القرى والمدن، والتي تتراوح بين أسبوع وعشرة أيام، إلا أن معظم المواطنين يواجهون خطر وجودي يتمثل في ندرة المياه من جهة، ومخاطر صحية قد تنجم عن شراء مياه من مصادر غير آمنة من جهة أخرى، إضافة إلى عبء اقتصادي إضافي يثقل كاهل المواطن المنهك.
"إن أزمة المياه المتصاعدة في فصل الصيف والتي تشهدها عدد من المدن والقرى الفلسطينية، هو نتاج سياسة التميز العنصري التي تنتهجها حكومة الاحتلال، وفي مقدمتها السيطرة على أكثر من 85% من المصادر المائية في الضفة الغربية، الأمر الذي يعتبر السبب الرئيسي في العجز المائي الكبير والمستمر في معظم محافظات الوطن". هذا ما أكده رئيس سلطة المياه مازن غنيم.
وأضاف غنيم: "التحدي السياسي المتمثل في سيطرة الاحتلال على مصادر المياه، يعتبر أبرز التحديات التي يواجهها قطاع المياه وتنعكس سلبا على تحقيق الأمن المائي، وتهدد جميع القطاعات وبشكل خاص قطاع الزراعة وهو ما يهدد الامن الغذائي".
وتابع: "الانتهاكات الإسرائيلية المتمثلة في تخفيض الضغط وتقليص الكميات تأتي تنفيذا للنهج التصعيدي ضد أبناء شعبنا من قبل حكومة الاحتلال المتطرفة ويتضح ذلك من خلال ما قامت به شركة "ميكروت" الإسرائيلية الشهر الماضي بتقليص كمية التزود اليومي المتفق عليها إلى ما يزيد عن 25% تقريبا من الكمية اليومية في محافظة الخليل، تضاف إلى الوضع المائي الصعب أصلا في هذه المحافظة والمحافظات الأخرى، لافتا إلى أن التقليص أثر بشكل كبير على أهالي المنطقة وصعب عملية إدارة التوزيع لمزودي الخدمة جراء تفاوت الكميات وعدم انتظام ضخها من الجانب الإسرائيلي، عدا عن التعديات التي تتم على خطوط المياه في المناطق والفاقد من الشبكات، في الوقت الذي يقومفيه الاحتلال يقوم باقتطاع أثمان المياه كاملة بما فيها التعديات والسرقات التي تحصل على خطوط شركة "ميكروت".
وأوضح أن مجموع المياه التي تصل إلى الضفة الغربية هي 135 مليون متر مكعب سنويا، موزعة على 57 مليون متر مكعب من المياه الجوفية، و76 مليون متر مكعب من شركة المياه الإسرائيلية "ميكروت"، إضافة إلى 40 مليون متر مكعب من الآبار الزراعية، مبينا أن معدل استهلاك الفرد الفلسطيني اليومي من المياه 83 لترا، وهو أقل من الحد الأدنى الموصى به من منظمة الصحة العالمية، والذي يتراوح ما بين 100 إلى 120 لترا.
وحول أزمة المياه في قطاع غزة، قال غنيم: "إن أزمة المياه تتعلق بجودتها، حيث أن ما نسبته 97% من مياه الخزان الجوفي تكون غير صالحة للاستخدام الآدمي، كما أن نسب التلوث تعدت بأضعاف المعايير الدولية للمياه وفق منظمة الصحة العالمية، إضافة إلى زيادة الطلب نتيجة ارتفاع عدد السكان، وعدم وجود مصادر كافية، عدا عن الاستخراج المفرط من المياه الجوفية".
وأضاف: "سلطة المياه عملت على تنفيذ مشاريع استراتيجية هامة، تم من خلالها العمل على تنفيذ المشاريع الطارئة والاستراتيجية للمضي في التخفيف من حدة الأزمة القائمة ومعالجة وضع الخزان الجوفي، بالتوازي مع العمل على ايجاد حلول جذرية من خلال انشاء محطات تحلية لمياه البحر ومحطات معالجة لمياه الصرف الصحي وجميع الأعمال الملحقة بها".
وأكد غنيم أن ملف المياه يعتبر أحد ملفات الحل الدائم، وأن الاحتلال يعيق الجهود الفلسطينية الرامية إلى إنشاء نظام فلسطيني مائي متكامل لتحقيق توزيع عادل للمياه، وإدارة الأزمة المائية بين جميع المناطق الفلسطينية بالشكل الأمثل، مع التأكيد على أن عملية توزيع المياه على المدن والقرى تتم من خلال المعيار الرئيسي وهو عدد السكان، لضمان تحقيق العدالة في التوزيع.
وحول جهود سلطة المياه للتخفيف من حدة الأزمة، قال: "تقوم سلطة المياه بالأعمال الدورية اللازمة لمحطاتها لضمان استمرار ضخ المياه، إضافة إلى ما تعمل عليه حسب خطتها الاستراتيجية من تنفيذ مشاريع بنية تحتية من خلال إنشاء وتأهيل شبكات المياه، وإنشاء محطات الصرف الصحي وإعادة استخدام المياه المعالجة للأغراض الزراعية". مشيرا إلى أن السنوات الأخيرة شهدت العديد من المشاريع الخاصة بقطاع المياه حيث أصبحت جميع المناطق الفلسطينية مخدومة بشبكات مياه وآخرها مشروع شمال شرق جنين الجاري العمل على تنفيذه، مضيفا أن سلطة المياه ستستمر في تنفيذ خطتها الاستراتيجية لتطوير خدمات المياه والصرف الصحي رغم جميع المعيقات والتحديات للحد من الازمة المائية التي يعاني منها أبناء شعبنا.
وأكد أن أزمة المياه لن تنتهي إلا بنهاية الاحتلال، الذي لا يكتفي بسيطرته على مصادرنا المائية بل يعمد دوما إلى عرقلة إنشاء مشاريع للمياه في المناطق المصنفة "ج" وهي تمثل المساحة الأكبر في الأراضي الفلسطينية.
وفي ظل تنامي أزمة المياه يلجأ المواطنين إلى تعبئة المياه من خلال صهاريج خاصة تتفاوت في مصادرها وأسعارها التي تتراوح بين 30 -70 شيقل للصهريج الواحد.
من جهته، قال رئيس قسم مراقبة المياه في دائرة صحة البيئة بوزارة الصحة عزام شبيب: "إن الوزارة تراقب المياه في الشبكات والخطوط والمياه الصحية وفي مختلف أماكن تواجدها".
وأضاف: "وزارة الصحة وبالتنسيق مع البلديات وسلطة المياه تفحص نقاط محددة لتعبئة المياه، وأن هناك من يلجأ لتعبئة المياه من مصادر غير آمنة أو معروفة".
وأوضح أنه من الصعب مراقبة صهاريج المياه خاصة أن غالبيتها في مناطق "ج"، مشيرا إلى أن الوزارة بالتعاون مع سلطة المياه شكلت عام 2021 لجنة لترخيص الصهاريج، إلا أن الجهود تعذرت خاصة خارج حدود البلديات وتحديدا في مناطق "ج".
ولفت إلى أن وزارة الصحة تقوم بتزويد المواطنين مجانا بأقراص الكلور لتعقيم المياه، داعيا اياهم إلى تعقيم المياه بوضع الكلور.
ودعا المواطنين إلى التأكد من أن يكون الصهريج مخصص لمياه الشرب، ومرخص بوضع لاصق من سلطة المياه أو من خلال الصهاريج الخاصة بالبلديات، أو طلب إيصال يظهر مصدر تعبئة المياه.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها