في امتعاض حمساوي لافت، من زيارة الدولة الرسمية لسيادة الرئيس أبو مازن إلى جمهورية الصين الشعبية، وخشيتها أن تؤثر هذه الزيارة على ترتيباتها الخاصة بالهدنة طويلة الأمد، إذا ما تحركت الصين باتجاه إعادة إحياء عملية السلام وفق التطلعات الوطنية الفلسطينية، فهذا ما يبقي مشروع الدويلة الهزيلة التي تريدها حماس في غزة، في مهب الريح.


الامتعاض الحمساوي جاء في تقرير يشبه بيانًا سياسيًا لمراسل جريدة الأخبار اللبنانية من غزة الذي لا يفصح عن اسمه (..!!)  ويقال بأنه أحد أعضاء المكتب السياسي لحماس، وفي هذا التقرير ثمة سرد لتهيؤات رغبوية حمساوية محمولة على وهم أن سيادة الرئيس عباس في بكين لخشيته أن تفتح القيادة الصينية قنوات اتصال مع حركتي حماس والجهاد الإسلامي...!! تعرف حماس تحديدًا أن القيادة الفلسطينية لا تخشى أمرًا من هذا النوع، وهي الداعية باستمرار أن يكون الكل الوطني تحت راية الشرعية الفلسطينية، مع أي جهة كانت إتصالات  اطرافه. وكياستها في المحصلة، لا تسمح لها أن تطرح ما يشي، ولو من بعيد، بتدخل في شؤون السياسة  الصينية وعلاقاتها.  


الأهم، فات هذا التقرير أن زيارة الدولة، أرفع كثيرًا في مستوى ما تطرح، وما تبحث من قضايا واهتمامات، وأساسها ترسيخ العلاقات ودائمًا على قاعدة التفاهم والعمل المشترك، بما يخدم قضايا الطرفين الفلسطيني والصيني، وما يخدم فلسطين في المحصلة هو ترسيخ الدعم السياسي لقضيتها الوطنية على نحو ما يجعل هذا الدعم فاعلاً في تحقيق اهدافها العادلة، واستعادة حقوقها المشروعة.


بكين أعلنت مجددًا أمس ليس تأييدها للقضية العادلة للشعب الفلسطيني، لاستعادة حقوقه المشروعة، فقط وإنما طبقًا للرئيس الصيني "جين بينغ " عرضت رؤيتها للحل العادل للقضية الفلسطينية، بما يعني أن زيارة سيادة الرئيس أبو مازن كان مبحثها الاول هو تكريس هذا الموقف، وأن تؤيد بكين القضية الفلسطينية، بمثل هذه الكلمات بالغة الوضوح، يعني أن السلام يظل ممكنا مع المسعى الصيني الأصيل، الذي لن يقف عند حدود التأييد وعرض الرؤية.   


الجريدة اللبنانية التي هي شقيقة قناة "الميادين" التي أثلم سمعتها الأخلاقية، والمهنية معد البرامج فيها، الموقوف حاليًا بتهمة التخابر مع إسرائيل، نشرت تقرير المراسل الحمساوي تحت عنوان  "عباس يطلب السلام ولو في الصين" بعد أن وضعت علامة تعجب عند نهايته، موحية أن ذلك لا مضيعة للوقت فحسب وإنما للتشكيك بقدرة بكين على تحريك عملية السلام مجددًا..!! لن نناقش، ولن نشكك بقدرة بكين ونزاهتها في هذا السياق - وليس بوسع أحد أن يشكك بها وبنزاهتها -  وعلى جريدة الأخبار، ومراسلها الحمساوي، أن يعرف أن فلسطين بقيادتها الشرعية ستظل تطرق كل الأبواب الدولية، وغيرها، لأجل السلام العادل والممكن، أينما كانت هذه الأبواب، وكيفما كانت، وطلب السلام ولو في الصين، كمثل طلب العلم منها الذي أوصى به الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم منذ أربعة عشر قرنًا.