نظمت لجنة دعم الصحفيين وسفارة دولة فلسطين في لبنان اليوم الثلاثاء ٣-٥-٢٠٢٣ لقاءً إعلامياً تضامنيًا بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لاغتيال الصحفية الشهيدة شيرين أبو عاقلة على أيدي قوات الاحتلال الاسرائيلي.
حضر اللقاء وزير الإعلام اللبناني زياد المكاري ممثلاً بمستشاره مصباح العلي، وسفير دولة فلسطين لدى الجمهورية اللبنانية أشرف دبور، وأمين سر حركة "فتح" وفصائل منظمة التحرير الفلسطينية فتحي أبو العردات، ورئيس لجنة دعم الصحفيين حسن شعبان، وممثل نقابة الإعلام المرئي والمسموع رامي ضاهر، والمتخصص في العدالة الجنائية الدكتوة عمر نشابة، وعضو اللجنة التنفيذية للاتحاد الدولي للصحفيين علي يوسف، وممثلو الأحزاب اللبنانية والفصائل الفلسطينية، وممثلو وسائل الإعلام العاملة في لبنان وممثلو الهيئات والنقابات الحقوقية اللبنانية والفلسطينية.
افتتح اللقاء بالنشيدين اللبناني والفلسطيني ثم كانت كلمة لوزير الإعلام اللبناني ألقاها مستشاره مصباح العلي قال فيها: "سقوط شيرين لا يسقط الحق الفلسطيني في استرجاع الأرض وعودة اللاجئين وبقاء العلم الفلسطيني مرفرفاً في أرجاء السماء".
وأضاف: "تميزت شيرين أبو عاقلة بملاحقة القضايا شعبها ورصد ممارسات الاحتلال وكانت من طينة الصحفيين التي لا تهاب فوهة بندقية أو دنزير دبابة، فهي مقاتلة من نوع آخر وبسلاح مختلف، شيرين أبو عاقلة كانت الرمز الذي أراد الاحتلال محوها عن الشاشة ولو بالموت".

ورأى العلي بان استهداف الصحفي والاعتراف بمقتله عمداً هو جريمة حرب بامتياز بحسب كل المواثيق الدولية، مطالباً باجبار الاحتلال على احترام عمل الصحافيين وعدم استهداف المدنيين بصلافة غير معهودة.

وقال العلي: "الصهيوني يستعمل الأعلام لغسل عقول الشعوب"،، مضيفاً "تكمن على عاتقنا مهمة الوعي في الصراع مع العدو في الدفاع عن الحق المشروع."

بدوره، أكد شعبنا أن جريمة اغتيال الاعلامية الشهيدة شيرين أبو عاقلة شكلت حدثًا فارقًا لا يزال صداه مدويًا في عالم الصحافة وفضاء الحرية منذ عام إلى اليوم حيث لم يكتف الاحتلال باغتيالها عن سابق تصور وتصميم وبدم بارد بل أرفق الجريمة بتضليل إعلامي استند إلى كم هائل من الاخبار المفبركة التي حاولت من خلالها سلطات الاحتلال التملص من مسؤوليتها المباشرة عن هذه الجريمة وتماديًا في أفعالها الجرمية لجهة السعي الحثيث لإخفاء معالم الجريمة حيث أعلنت إسرائيل أنها لن تقوم بإجراء تحقيق في مقتل شيرين الأمر الذي يعتبر جريمة جديدة بحق الراحلة.

وأضاف: "إن لجنة دعم الصحفيين والتي تعتبر أن شأن الاعلام الفلسطيني يمثل محورًا رئيسًا لعملها واهتماماتها منذ انطلاقها في العام 2016، ترى أن الطريقة التي سيتعامل بها العالم لاسيما المنظمات الدولية والمنظومات الحقوقية المتنوعة هي بمثابة اختبار لجدية هذه المنظمات وتلك المنظومات في حماية الصحفي الفلسطيني والدفاع عن حياته وحقوقه كما تشكل قضية الشهيدة شيرين معيارًا لنزاهة وموضوعية كما جدية المجتمع الدولي في تحقيق سعيه لإنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين والتي اعتبرتها الأمم المتحدة من أكثر القضايا إلحاحًا لضمان حرية التعبير والوصول إلى المعلومات لجميع المواطنين."

ودعا شعبان إلى ضرورة القيام بكل الخطوات القانونية اللازمة لضمان محاكمة كل من حرض أو شارك أو نفذ فعلاً أو قام بالتغطية على قتلة الاعلامية شيرين أبو عاقلة، واعتبار قضيتها قضية حقوقية عامة تمس كل الإعلاميين والصحفيين على امتداد العالم أجمع.

كما دعا المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية للتحرك الفوري في النظر الى الشكوى المقدمة في قضية اغتيال الصحافية شرين أبو عاقلة، ومحاسبة الاحتلال على جرائمه بحق الصحفيين الفلسطينيين.

من جانبه قال نشابة "الصحافية المقدسية التي تميزت بمهنية عملها ودقة تقاريرها، استشهدت خلال تغطيتها اعتداء جيش الاحتلال الإسرائيلي على جنين. كانت تجمع أخباراً عن الجريمة الدولية المتمثلة بالهجوم العسكري المتكرّر على الضفة الغربية. وبلحظة، توسّع نطاق الجريمة ليشملها، فأصبحت هي الخبر."

وأكد أن أي تحقيق مهني في جريمة اغتيال شيرين أبو عاقلة يفترض أن يشمل الظرف الذي وقعت خلاله الجريمة، أي أنها اغتيلت فيما كان جيش الاحتلال الإسرائيلي يشنّ هجوماً عسكرياً على الضفة الغربية وأن نظام الابارتايد الذي ينتهجه العدو الإسرائيلي لا يسمح بإجراء تحقيق جنائي مهني في فلسطين المحتلة، لأن الابارتايد مبني على أساس عنصري يعدّ فئة من البشر (اليهود) أكثر قيمة من بقية البشر.

وأضاف: "ولا يمكن، بالتالي، أن ينظر المحقق أو قاضي التحقيق الإسرائيلي إلى المشتبه فيهم على قدم المساواة، وستكون الشبهة مضاعفة بحق الفدائيين الفلسطينيين، ومحصورة بالنسبة للجنود الإسرائيليين، بغض النظر عن القرائن والدلائل الجنائية المتوفرة. ولا بد من الإشارة إلى أن نظام الابارتايد الإسرائيلي يمنع قيام تحقيق دولي في فلسطين المحتلة. وقد أثبتت التجارب السابقة عجز المجتمع الدولي ومنظمة الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي عن التحقيق في العديد من الجرائم التي تبين أن مرتكبيها إسرائيليون. وبالتالي، فإن تعليق الآمال على المحكمة الجنائية الدولية يفترض أن يأتي فقط بعد إدانة نظام الابارتايد الإسرائيلي من قبل الدول الغربية، وكل ما هو غير ذلك مضيعة للوقت. لكن، هل يمكن أن تدين المجتمعات والدول الغربية التي يتفشى فيها التمييز العنصري والاسلاموفوبيا، خصوصاً بعد تزايد أعداد اللاجئين في أوروبا، التمييز العنصري والابارتايد الإسرائيلي؟".
وتابع: "من سيحاسب الاحتلال الاسرائيلي؟ فعلاً قد لا تكون المحكمة الجنائية الدولية او منظمة الأمم المتحدة لأن القانون الدولي لا يعمل وفق نظام محاسبة عادل، بل بحسب ميزان القوى الراجح دوماً لصالح الأقوى ودعمه الاقتصادي والعسكري. فحتى لو جاءت التحقيقات بنتائج تكشف الحقيقة، من الذي سيحاسب «إسرائيل»؟"

ومن جهته، أكد ضاهر على ضرورة إختيار المفردات والتعابير فيما يتعلق بالعدو الصهيوني لأنه لا وجود لدولة اسرائيل بل هي كيان غاصب وليست دولة معتمدة.

وأضاف: "نحن كإعلاميين علينا مسؤولية كبيرة ويجب أن لا يكون لشاشاتنا أي علاقة مع هذا الكيان الغاصب ومع المطبعين له".
وأكد أن شيرين شهيدة من بين مئات الشهداء الذين سقطوا في فلسطين ولبنان، وهنا لا بد من تقديم التحية لكل المقاومين الوطنيين في ذكرى التحرير.
وفي نهاية اللقاء، كانت كلمة للسفير دبور جاء فيها: "حاول الاحتلال إخفاء صوتها خلال السنوات الماضية إلا أنها استمرت وبالتأكيد هناك مئات الآلاف من شيرين سيكمل الطريق ويكشف حقيقة هذا الكيان الغاصب في وطننا المحتل. لقد عرفت شيرين عن قرب خلال الانتفاضة الفلسطينية الثانية وفي مدينة رام الله حيث كانت مراسلة لقناة الجزيرة تحرس ليلاً نهاراً بوابات المقاطعة المقر الذي كان يحاصر به الأخ القائد الرمز أبو عمار، تحرس بوابات المقاطعة بكاميراتها وبصوتها، هذه المناضلة كما أخوتها الصحافيين الآخرين الذين لم يفارقوا السور الموجود حول المقاطعة لسنوات طويلة وإن دل على شيء فهذا يدل على مدى التزامها بقضيتها ورمزها وشعبها ووطنها.
وتابع: "كانت شيرين تحمي من خلال صوتها وكاميرتها هي وإخوتها بوابات المقاطعة، كانت تقف في وجه أعتى جيش مدجج بالسلاح، وكان في المقاطعة رجل عظيم أوقد شعلة النضال الفلسطيني هو رمز القضية الفلسطينية القائد الرمز أبو عمار، ومارسوا عليه كل الضغوطات وحاولوا بكل السبل إلا أنه كان صاحب عزيمة لا تلين وكان صوتًا كالصخر متشبثاً بحق شعبه وحريته واستقلاله إلى أن نال ما كان يتمناه."
وأضاف: "عام مضى على الجريمة المُتعمِدة لإغماض ِالعين الساهرة شيرين أبو عاقلة، المؤمنة بعظمةِ قضيتها وعدالتها ودورها المتميز في فَضحِ الإرهاب المُنظم التي تمارسه دولة الاحتلال الصهيوني. الكيان الغاصب الذي ينتهك بممارساتهِ كافّةِ المواثيق والأعراف الدولية ويتجاوز بممارساتهِ باستباحةِ الدمِ الفلسطيني وانتهاكِ حرمةِ الأماكنِ المقدسَّة وتدميرِ المنازل، والتهجير الممنهج، والقتل المتعمّد كافّة حدودِ الإنسانية التي لا يعرفُها أصلاً، فصلاً جديداً يضاف إلى سجلاته الدموية في ارتكابِ المجازر بحقِ شعبنا منذ عشرات السنين واستهتاره بالقيم والعدالة الدولية وقوانينها مدعوماً بصمتٍ دولي مُريب بحقِ الشعب الفلسطيني ومقدساتهِ الإسلامية والمسيحية."
وختم دبور "لكِ المجد يا شيرين في حياتِك وأنتِ تحملين صوت وصورة أبناء شعبك الذي يتعرض للظلم من قِبل المحتَّل الغاصب، ولكِ الوفاء والعهد من كل فلسطين وأحرار العالم بأن تستمر المسيرة، مسيرة النضال في كافّة الوسائل لدحر الاحتلال."