تتكامل حلقات الموت الصهيونية على رقاب الشعب العربي الفلسطيني السياسية والأمنية العسكرية والاقتصادية المالية والاجتماعية والثقافية والبيئية يوميًا، ولا مجال لوقفها عبر سياسة الدفاع الناعمة، والاكتفاء بإصدار بيانات الإدانة والاستنكار، وتوجيه الرسائل المتشابهة لممثلي هيئة الأمم المتحدة، ولا بإصدار المزيد من القرارات الأممية لصالح القضية والحقوق والثوابت الوطنية، ولا بالمناشدات للدول والاقطاب الدولية، ولا بالتوجه للمنابر والمحاكم القانونية الدولية، ولا بدعوة برلمانات الدول وهيئاتها واتحاداتها الثقافية الفنية والإعلامية الصحفية لتحشيد الرأي العام العالمي ضد الطغمة الاستعمارية الفاشية الحاكمة في إسرائيل. لان المتنفذون عالميًا في ملف الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأميركية أطلقوا يد دولة التطهير العرقي الإسرائيلية لفرض أجندة النفي والفصل العنصري واستنزاف الدم الفلسطيني، وفرض مشروعها الكولونيالي رغمًا عن إرادة الشعب العربي الفلسطيني.
أمس الاثنين الموافق 22 أيار / مايو أغتالت القوات الإسرائيلية ثلاثة شبان، وجرحت 6 اشخاص في مخيم بلاطة، وأول أمس الأحد الموافق 21 أيار / مايو إقتحم بن غفير، وزير ما يسمى الأمن القومي المسجد الأقصى تحت حراسة مشددة، وأدى طقوسًا تلمودية في باحاته، وعقد نتنياهو وأركان حكومته إجتماعًا لمجلس الوزراء في الأنفاق تحت المسجد الأقصى المبارك، ليس هذا فحسب، بل إن رئيس حكومة الترويكا الفاشية، أعلن بملىء الفم، أن "القدس الموحدة هي عاصمة إسرائيل" وأضاف موجهًا حديثه لسيادة الرئيس أبو مازن ردًا على خطابه في ذكرى النكبة ال75 في الأمم المتحدة في 15 أيار / مايو الحالي "إن القدس الموحدة اقدم من عواصم دول الغرب الرأسمالي حليفته، أقدم من واشنطن وباريس ولندن وبون"، وأن الإسرائيليين باقون، ولن ينسحبوا منها، وقبل ذلك اتخذت الحكومة قرارا بالعودة عن قرار إخلاء مستعمرة حومش، الذي اتخذ في العام 2005، وكل يوم يستيقظ الشعب الفلسطيني على مذبحة أو اجتياحًا أو حربًا لهذا المخيم أو لتلك المدينة أو القرية حتى بلغ عدد الشهداء من بداية العام ما يقارب ال150 شهيدًا، ومئات الجرحى، وآلاف المعتقلين، وعشرات البيوت والورش المدمرة، ومئات وآلاف الدونمات المصادرة والمهودة. فضلاً عن عمليات القتل اليومية في مدن وبلدات الجليل والمثلث والنقب والمختلطة، حتى زاد عددهم عن 80 ضحية، وبالتزامن مع تشريع العديد من القوانين العنصرية ضد الكل العربي الفلسطيني داخل حدود فلسطين التاريخية.
وجاءت عمليات الاغتيالات والموت والتهويد والمصادرة ردًا على يد السلام الفلسطينية والعربية الممدودة، وفي ظل الاستعدادات لعقد قمة منتدى النقب الإسرائيلية الأميركية العربية في نهاية الشهر، وفي أعقاب عقد القمة العربية في جدة السعودية الدورة 32، وردًا على إعلانها المؤكد على التمسك بمبادرة السلام العربية، وعلى مركزية القضية الفلسطينية، ليس هذا فحسب، وانما بمواصلة الضغوط مع الإدارة الأميركية على بعض الدول العربية لمواصلة ما يسمى "السلام الابراهيمي"، واستقواءً بالدعم الأميركي والأوروبي الغربي، واعتقادًا منها (إسرائيل) أن العالم العربي في خبر كان، ولم يعد يأبه لما يجري في الأرض الفلسطينية، رغم كل البيانات المؤكدة على أولويتها ومركزيتها.
إذاً ما العمل؟ وهل يفترض أن نبقى مكتوفي اليدين؟ هل مطلوب منا الجلوس في محطة الترانزيت إلى ما شاء الله، وأطفال ونساء وأبناء الشعب يذبحون على مرآى ومسمع منا جميعًا؟ وهل ينسجم الواقع القائم مع روح وخيار أي حركة تحرر وطني في العالم؟ وهل علينا القبول بدورة الدم الفاشية الإسرائيلية استبيحنا من الوريد إلى الوريد دون تحرك، ودون دفاع منطقي ومقبول وطنيًا وقوميًا وإنسانيًا؟ وأين القيادة من مجمل قرارات المجلسين الوطني والمركزي التي اتخذت لمواجهة الغطرسة والإرهاب الإسرائيلي المنظم؟ ومتى يمكن الافراج عن تلك القرارات؟ لقد وصلت الموس إلى رقاب القيادات الأولى والشعب على حد سواء، ولم يعد نتنياهو واقرانه سموتيريش وبن غفير وكل الجوقة الفاشية الصهيونية يأبهون بأي من القرارات والمناشدات والدعوات العربية والعالمية للعودة لجادة السلام، وخيار حل الدولتين، وليسوا مستعدين من حيث المبدأ القبول بخيار حل الدولة الواحدة، وخيارهم الوحيد، هو المجزرة والتطهير العرقي والنفي للشعب كل الشعب الفلسطيني دون استثناء، أم أن هناك خيارات سرية لا نعرف بها؟
من موقع الانتماء والدفاع عن منظمة التحرير الفلسطينية وسلطتها الوطنية ادعوا كل القيادات المركزية للشعب وقادة الفصائل الوطنية وقيادات الاتحادات والمنظمات والنقابات الشعبية والقطاعات الثقافية والفنية والإعلامية والأكاديمية والاقتصادية لاعادة تنظيم وترتيب الأولويات الفلسطينية، وصياغة رؤية برنامجية سياسية وكفاحية جديدة تستجيب لطبيعة الصراع مع الصهيونية الفاشية، وقلب الطاولة رأسًا على عقب. وعدم الإصغاء لدعاة السياسة الانتظارية، ونفض اليد من كل الاتفاقات المبرمة مع إسرائيل، واسقاط الاعتراف بها، وشق طريق كل أشكال المقاومة دون استثناء، فإما الموت وقوفا، وإما النصر لإرادة الشعب وأهدافه وثوابته الوطنية.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها