مساء الرابع والعشرين من الشهر الجاري، تغيرت حياة الطفل عمر عاصي (17 عاما) من بلدة قراوة بني حسان غرب سلفيت، بعد أن فقد بصره في عينه اليمنى إثر إلقاء أحد جنود الاحتلال الإسرائيلي قنبلة صوت تجاهه من مسافة قريبة جداً.
حدث ذلك خلال مواجهات اندلعت مع قوات الاحتلال، أثناء اقتحامها البلدة، حيث أصيب عدد من المواطنين بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط، وآخرون بحالات اختناق بالغاز السام.
طلال عاصي والد الطفل يروي لـ"وفا" ما حدث مع نجله، يقول: كانت المواجهات تبعد عن المنزل مسافة لا تزيد على 300 متر، وكان ابني عمر في المكان، وحينما بدأ إطلاق النار اختبأ في مدرسة البلدة، ومن ثم قام أحد الجنود برمي قنبلة صوت تجاهه وتطايرت الشظايا وأصابت منطقة العينين إصابة بليغة.
وأضاف: بعد أن بدأ صوت صراخ عمر يملأ المكان، هبّ كل من حوله لمساعدته، حينها وجدوا الدماء تنزف من عينيه.
وبحسب والده، فقد نُقل عمر إلى مستشفى النجاح في مدينة نابلس مباشرة، وهناك أظهرت الفحوصات الطبية أن في عينه اليمنى عجزا في النظر بشكل كامل، وخضع لعملية جراحية مستعجلة في اليوم نفسه، بينما عينه اليسرى التي أصيبت أيضاً بالشظايا فهي بحاجة إلى رحلة علاجية طويلة الأمد بعد الانتهاء من المرحلة الأولى وهي تخفيف الانتفاخات والالتهاب حول العين، تخوفا من أي مضاعفات تسهم في جعل النظر فيها معدوماً.
عمر عاصي طالب في الصف الحادي عشر -الفرع العلمي-، كان حلم حياته أن يُكمل تعليمه ويلتحق بتخصص التخدير والإنعاش، قبل أن يقتل الاحتلال هذا الحلم في ثوانٍ معدودة.
وقال الوالد: لدينا عملنا الخاص، وكنت أعتمد عليه بشكل كبير، لكن الاحتلال دائما يحاول قتل كل حلم فلسطيني وتنغيص حياة الأطفال والكبار، وأن يتسبب لهم بأضرار مستدامة ترافقهم طيلة حياتهم.
مدير برنامج المساءلة في الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال عايد أبو قطيش يقول لـ"وفا"، إن انتهاكات الاحتلال بحق الأطفال الفلسطينيين في تزايد واضح، إذ تم خلال الأشهر الأربعة الأولى من هذا العام قتل 19 طفلا فلسطينيا، 18 طفلا في الضفة الغربية، وطفل في قطاع غزة استُشهد متأثراً بإصابته في العدوان الأخير في آب 2022 – بينما قُتل خلال العام الماضي 36 طفلاً.
ويضيف: السبب وراء ذلك هو غياب المساءلة الحقيقية لدولة الاحتلال الإسرائيلي ومعاقبة جنودها على ما ترتكبه بحق الفلسطينيين خاصة الأطفال، ففي الفترة الأخيرة، استخدم جنود الاحتلال الإسرائيلي قنابل الصوت والغاز السام المسيل للدموع والرصاص المعدني المغلف بالمطاط بطريقة جعلت منها أسلحة قاتلة كما الرصاص الحي، وتعمدت إطلاقها من مسافات قريبة جدا على الأجزاء العلوية من الجسم وخاصة منطقة الرأس، وبالتالي إذا لم تقتل الطفل فهي تسبب له إعاقة دائمة، وهذه تُعد جريمة إنسانية بكل المقاييس.
رئيس بلدية قراوة بني حسان إبراهيم عاصي قال لـ"وفا"، إن الاحتلال ومستوطنيه يحاولون التضييق على أهالي البلدة بجميع الوسائل والطرق بشكل مستمر، وتتعرض البلدة منذ أكثر من عام لتصعيد غير مسبوق، تمثل في الاقتحامات المتكررة، ومداهمة المنازل، وإخطارات بوقف العمل والبناء والهدم، والاستهداف المباشر للمعدات التي تعمل في مناطق "ج" واحتجازها.
وأضاف، أن قوات الاحتلال توفر الحماية الكاملة للمستوطنين في تصعيدهم ضد أبناء البلدة، ويفرضون سيطرتهم على الأرض والمناطق الرعوية بقوة السلاح والقتل العمد، إذ شهدت البلدة في شباط/فبراير حادثة استشهاد الشاب مثقال سليمان عبد الحليم ريان (27 عاما)، متأثرا بإصابته الحرجة برصاص مستوطنين بعد أن هاجموا المواطنين في المنطقة الشمالية من البلدة، وأطلقوا باتجاههم النار، ما أدى إلى إصابة الشاب ريان برصاصة في رأسه، وأُعلن عن استشهاده في وقت لاحق.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها