لا نعتقد -والله تعالى أدرى وأعلم- أن هتافات الافتراء عديمة التقوى، التي رددها البعض في ساحات الأقصى، ضد الوطنية الفلسطينية، إن كانت قد أبقت لهؤلاء صيامًا مقبولاً عند العزيز الحكيم، فليس الصيام إمساكًا عن الطعام والشراب فحسب، وإنما هو الصوم الذي يقتضي إمساكًا عن الكلام البذيء، كلام الغل والضغينة الذي لا يدعو لغير إيقاظ الفتنة التي لعن الله من يوقظها.
للوطنية الفلسطينية، في حركتها التحررية، التي أوقدت شعلتها "فتح" شهداء بررة، من أعلى الهرم، حتى قاعدته، أساء لهم هؤلاء السائرون خلف الشائعات، والفبركات الحمساوية، بهتافات مذعورة، التي ما زالت وسائل الإعلام الاخونجية، تضخها على نحو محموم، ليل نهار، بلا أي تحسب: أخلاقي، وديني، ووطني، فليس لخطاب الكراهية أية تحسبات ولا من أي نوع على الاطلاق…!! ولا شك أبدًا أن لأجهزة الاحتلال الاسرائيلي الأمنية عملاءها المندسين بين صفوف هؤلاء المخدوعين بشعارات حماس، وأكاذيبها، وهؤلاء العملاء تحديدًا هم من يصرخ أكثر من غيره بهذه الهتافات التي لا تريد سوى إحداث الوقيعة، بين أبناء الشعب الواحد، وإشعال نيران الفتنة حتى في بيوتهم…!!!
لن نغفر لأحد هذه الإساءة، ساعة الحساب آتية لا ريب فيها، ولن نغفر لا بمعنى اننا سنكون منتقمين بقلوب حاقدة، بل طيعين لأخلاقيات الوطنية الفلسطينية، التي لا تغبن حق أحد، ولا تسامح بحق الوطن، لأجل أن تكون ساعة الحساب ساعة عدل، وهدي، وتقويم، وهذه هي أخلاق الوطنية الفلسطينية، التي بها تواصل مسيرتها النضالية، لأجل الحرية والاستقلال.
ولأننا بعد قليل سنكون في باحة عيد الفطر السعيد لن يكون لنا دعاء غير دعاء الوحدة والتكاتف وأن يعيد الله عز وجل العيد علينا شعبًا، ورئيسًا، وقيادة، وفصائل، وقوى سياسية، واجتماعية، واقتصادية، باليمن والخير والبركة وقد تحققت أمانينا بالخلاص من الاحتلال خلاصًا تامًا، فنصلي صلاة الشكر للخالق العظيم في المسجد الأقصى بكامل الحرية وتمام الاستقلال.
نعرف طبعا أن بهجتنا في العيد، بهجة مجروحة، لأن الاحتلال الإسرائيلي ما زال جاثما على حياتنا، ولأن قلوبنا ما زالت تنزف دمعًا حارقًا، على أحبة وفلذات أكباد لنا، رحلوا شهداء بررة، وجرحى يتطلعون للشفاء العاجل، وأسرى يتضورون حرية، برؤوس مرفوعة، ونفوس عزيزة، وروح عصي على اليأس والاحباط، بقرار العقل والقلب معًا: صامدون حتى تتكسر قضبان الاحتلال، في معتقلاته، وخارجها تلك التي عند حواجزه العسكرية الصفيقة.
يعلم الواحد الأحد كل ذلك، وهو سبحانه من أرادنا المرابطين في هذه الأرض التي باركها وما حولها، ولقد كنا وما زلنا، وسنبقى طيعين لمشيئة الله، وأهْلًا لما أراده لنا ومنا، حتى يقضي أمرًا كان مفعولا. ودائمًا حسبنا الله، ونعم الوكيل.. وكل عام وفلسطين بخير الصمود والمرابطة حتى عيد النصر الأكيد.
المصدر: الحياة الجديدة
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها