كان من المفترض ان يكون وفد حركة حماس برئاسة إسماعيل هنية وعضوية كل من خالد مشعل وموسى أبو مرزوق وخليل الحية وزاهر جبارين وصل امس الأول الاحد الموافق 16 ابريل الحالي للديار السعودية لاداء مناسك العمرة، لكنهم لم يغادروا الدوحة، لان القيادة السعودية لم تسلمهم تـأشيرات الدخول، لاعتبارين، الأول حتى لا يحدث أي التباس لدى المراقبين لا سيما ان زيارة الرئيس محمود عباس تتوافق مع ما سربته قيادة حركة حماس لوكالة "الانضول" التركية، وللوكالة الألمانية، وكأنها شاءت لي ذراع الجهات المسؤولة من خلال تسريبها بشأن زيارتها للمملكة؛ الثاني حصر الزيارة في بعدها الديني، أي أداء مناسك العمرة. ومن المتوقع ان تتم الزيارة بعد عيد الفطر السعيد، وفي حال تمت ستكون الزيارة الأولى لوفد قيادي منذ عام 2015، لا سيما ان العلاقات مع المملكة شابها التوتر لأكثر من عامل، أولا الفتور الناشئ عن تقويض حركة الانقلاب اتفاق مكة للمصالحة الفلسطينية الموقع برعاية المغفور له الملك عبدالله بن عبد العزيز في شباط/ فبراير 2007؛ ثانيا حملة الاعتقالات التي طالت انصار الحركة وممثلهم في المملكة محمد الخضري عام 2019، الذي افرج عنه في أكتوبر من العام الماضي بعد اعتقال لمدة ثلاث سنوات؛ ثالثا انحياز فرع جماعة الاخوان المسلمين لما يسمى "محور المقاومة" بقيادة ايران؛ رابعا مهاجمة قيادات الحركة قيادة المملكة السعودية، خامسا تمركز قيادتها في الدوحة، وانحيازها العملي للسياسات القطرية، وهناك قضايا أخرى تعلمها أجهزة الأمن السعودية.
ورغم محاولات قيادة الجماعة في فلسطين ترطيب الأجواء مع المملكة، وارسالها وفدا في العام 2015 لكسر الجليد، وضخ الدفء في القنوات الباردة، الا ان الزيارة لم تحقق أي تقدم يذكر لقناعة الملك سلمان وولي عهده محمد بعدم مصداقية قيادات الاخوان المسلمين عموما وقيادة حماس خصوصا. لكن اركان قيادتها لم يتوقفوا للحظة بحثا عن أي نافذة يمكن التسلل من خلالها للبيت السعودي، لادراكها أهمية ثقل ومكانة العربية السعودية في المنظومة العربية والإسلامية والعالمية، وحرصها على التقرب التدريجي منها. لكن هناك فرق بين الرغبة الذاتوية وبين الواقع.
ولعل ما يعزز الموقف والقناعة السعودية بعدم جدوى فتح الباب ولو مواربا لحماس، ما ذكره واعلنه يحيى السنوار، قائد الحركة في قطاع غزة الجمعة الماضية الموافق 14 ابريل بملء الفم، عن ان حركته جزء لا يتجزأ من ما يسمى "محور المقاومة"، واطلق العنان لنفسه في التغزل بجمهورية الملالي، واكد المؤكد للقيادة السعودية. الا ان موسى أبو مرزوق دوّن تغريدة على صفحته في "تويتر" قبل يومين بان حماس ليست جزءا من أي محور من المحاور، وذلك بهدف التخفيف من الإعلان الصاخب للسنوار المنحاز لإيران، وسعيا منه ومن قيادة الحركة الاخوانية التمهيد لزيارة الوفد للمملكة، ومحاولة احداث اختراق ولو نسبيا في جدار الاستعصاء السعودي، لعل وعسى يعتبر ذلك، جسرا لمد التواصل مع القيادة السعودية.
لكن حسب المعطيات العليمة، فإن زيارة الوفد الحمساوي المرتقبة لمكة المكرمة، ستبقى في نطاق أداء مناسك العمرة، ولن تتوسع أكثر من ذلك، بتعبير ادق، ستقتصر زيارة وفد حماس في حال تمت على الجانب الديني فقط، مع ان قيادة حركة حماس كانت ترغب ان تتلازم زيارة وفدها مع زيارة الرئيس محمود عباس والوفد المرافق له بعضوية كل من حسين الشيخ وماجد فرج ومجدي الخالدي، التي بدأت امس الاثنين، والتي سيلتقي فيها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان والتداول في القضايا الثنائية المشتركة، الا ان جهات الاختصاص السعودية حالت دون التلازم مع زيارة الرئيس أبو مازن.
النتيجة الماثلة امام كل المراقبين تفيد ان طريق حركة حماس ما زالت غير سالكة مع القيادة السعودية، رغم الانفراجة في العلاقات السعودية الإيرانية، وعودة فتح السفارات في البلدين، وتنشيط العلاقات الثنائية على اكثر من مستوى وصعيد، ورغم ان العلاقات السعودية القطرية شهدت تحسنا ملحوظا، وباتت الخطوط الواصلة بين القيادتين دافئة، الا ان هذه التطورات لم تحمل تغيرا يذكر بين حركة حماس وقيادة المملكة، وما زال من المبكر الافتراض حدوث تطور نوعي على هذا المسار، والأساس في ذلك، عدم الثقة بوعود حماس الكاذبة، ولادراك القيادة السعودية وضع حماس معظم بيضها في السلة الإيرانية، وبالتالي مناوراتها مكشوفة، كما ان السعودية ليست متعجلة من امرها في العلاقة مع حركة تبيت الضغينة والإساءة لقيادة المملكة.
المصدر:الحياة الجديدة
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها