سأل أحد قادة الأجهزة الأمنية العربية في مؤتمر العقبة الإسرائيليين: هل يمكن تأمين مناخ ملائم خلال الشهور القادمة لتنشيط العملية السياسية لاحقًا؟ رد ممثلو الوفد الفلسطيني: بالنفي فورًا، وقالوا كما حدث في أعقاب سحب مشروع القرار من مجلس الأمن يوم الإثنين الموافق 20 فبراير الماضي، سيحدث الليلة في نابلس وقراها.
وصدقت تقديرات الوفد الفلسطيني، حيث قامت العصابات الصهيونية المنفلتة من عقالها في أعقاب عملية إطلاق النار على مستوطنين قرب بلدة حوارة باقتحام البلدة بشكل همجي غير مسبوق، وعاثوا فيها حرقًا وتخريبًا وقتلاً، ونشروا سمومهم وأحقادهم، وكراهيتهم المنفلتة من خزانهم العنصري الفاشي، ولم يتوقف الهجوم الصهيوني البربري عند حدود حوارة الأبية، بل تعرض العديد من قرى جنوب شرق نابلس لذات العملية الإجرامية، ومنها بورين وقريوت وزعترة وبيت فوريك وعصيرة القبلية، وتم اغتيال الشيخ سامح أقطش (37 عامًا) من زعترة، وإصابة حوالي 100 مواطن، وحرق 35 منزلاً بشكل كامل، وأكثر من 40 منزلاً حرق جزئي، وحرق 100 سيارة، وغيرها من المحال التجارية والورش المهنية، فضلاً عن إغلاق وتطويق البلدات والقرى للحؤول دون وصول سيارات الإطفاء والإسعاف.
وتمت عمليات الاقتحام والاستباحة من قبل زمر تدفيع الثمن الصهيونية للبلدات والقرى جنوب مدينة نابلس جبل النار تحت حماية قوات الجيش وأجهزة الاحتلال الأمنية، ما يكشف كذب ادعاء قائد الجيش غالانت ورئيس أركانه هليفي، بأنهم لم يسيطروا على المستعمرين، الأمر الذي يؤكد عن النية المسبقة لإطلاق زعران النازية الصهيونية في محاولة فاشلة لكي وعي أبناء الشعب العربي الفلسطيني، ولردع روح الدفاع عن الذات الوطنية، والتسليم بالأمر الصهيوني الإرهابي على الأرض الفلسطينية، ووفق أهدافهم ومراميهم الاستعمارية الإجلائية الإحلالية.
ولم يتوقف إرهاب حكومة نتنياهو السادسة الفاشية عند هذا الحد، بل حدث انفجار هائل من التحريض على الحرق والإبادة والتدمير للبلدات والقرى والمدن الفلسطينية من أقطاب الائتلاف الحاكم، فقال سموتريتش، إنه على الجيش مهاجمة حوارة بالدبابات والطائرات لإبادتها. وطالب عضو حزب القوة اليهودية تسفيكًا فوغل بحرق المزيد من القرى، عندما لا يفعل الجيش شيئًا، وتابع فوغل قائلاً "حوارة مغلقة ومحترقة هذا ما أريد رؤيته، فقط بهذه الطريقة نتمكن من استعادة الردع"، وقال نائب رئيس مجلس الاستيطان، دافيد بنزيون، يجب محو ومسح بلدة حوارة عن وجه الأرض، وأعجبت التغريدة والتصريح زعيم الصهيونية الدينية، وزير المالية والوزير في قيادة الجيش، بتسلئيل سموتريتش.
وفي السياق كتبت عضو الكنيست، ليمور سون هار ميلخ، من حزب القوة اليهودية، إنها ذهبت إلى حوارة من أجل "دعم الصرخة "العادلة" (الفاشية) لمئات "السكان" (قطعان المستعمرين)، الذين خرجوا من أجل الاحتجاج والمطالبة بالأمن". لنلاحظ كيف قلبت تلك الصهيونية المجرمة الأمور رأسًا على عقب. ووصفت رئيسة حركة "نحلا" التي تقيم البؤر الاستيطانية العشوائية، دانييلا فايس "هجوم المستوطنين الهمجي وإحراق البيوت في حوارة بأنه "احتجاج شرعي"، وطالب يوسي دغان، رئيس مجلس الاستيطان شمال الضفة الفلسطينية حكومة نتنياهو الفاشية بشن عملية عسكرية ضد السلطة الوطنية.
وبالتزامن ما بين العملية في حوارة، وانعقاد قمة العقبة يوم الأحد الماضي الموافق 26 فبراير الحالي، قال بن غفير: "إن ما تم في الأردن بقي في الأردن." وعمقه سوتريتش بالقول: "لا أعرف ما جرى، ولا أريد أن أعرف، ولا يهمني ما تم الاتفاق عليه، وأنا صاحب القرار في الاستيطان في الأراضي المحتلة، وكان رئيس الحكومة الفاسد عقب بتصريح في أثر العملية البطولية الدفاعية في حوارة، وقُتل فيها مستوطنان، قال فيه: "إن الاستيطان مستمر، وتشريع البؤر الاستيطانية لن يتوقف". وهذا رد مباشر وفوري على نتائج قمة العقبة، وهو ما يؤكد أن هذه الحكومة الإرهابية ليست بوارد الاستعداد لمبدأ التعامل والإقرار بالحقوق السياسية والقانونية الفلسطينية. وذهابها للقمة كان لمجرد ذر الرماد في عيون الراعي الأميركي للقمة، وللاستفادة من ذلك في مواصلة نهجها الإرهابي الاستعماري.
وبالمقابل لم نسمع من الولايات المتحدة وبريطانيا ودول الاتحاد الأوروبي سوى الاستياء والشجب لتغول قطعان المستعمرين في حوارة وقرى جنوب شرق نابلس، في حين أن الضرورة كانت وما زالت تملي على الإدارة الأميركية، التي رعت مع بعض الدول العربية قمة العقبة، أن تتخذ إجراء رادعا ضد الحكومة الإسرائيلية، التي أطلقت جيشها وأجهزتها الأمنية وقطعان مستعمريها على البلدات والقرى لحرقها وتدمير بيوتها، وقتل أبناء الشعب الفلسطيني، والتحريض على إرهاب الدولة المنظم ضدهم، وضد حقوقهم الوطنية، لأن الراعي الأميركي، هو ذاته الحامي الأول لتغول وبلطجة الدولة الصهيونية اللقيطة واللاشرعية.
ما جرى في حوارة ليس جديدًا، لكنه كان الأكثر وحشية ودونية وفاشية، الأمر الذي سيعمق من خيار الدفاع عن الذات الشخصية والوطنية الفلسطينية، ولن يقبل فلسطيني الاستسلام لمشيئة دولة التطهير العرقي الصهيونية، وسيرد على عصابات الجيش ومجموعات تدفيع الثمن، بتدفيعهم جميعًا الثمن غاليًا حتى تحقيق الأهداف الوطنية كاملة غير منقوصة.
المصدر: الحياة الجديدة
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها