دورة الدم والإرهاب الصهيونية في أراضي الدولة الفلسطينية المحتلة تدور بسرعة المتوالية الهندسية، لا تتوقف، وكل يوم تزداد شراسة ووحشية، وانفلاتًا من عقال القيم والمواثيق والقوانين الدولية مع صعود الفاشية الجديدة. ولم تترك مدينة أو قرية أو مخيمًا ولا حتى خربة فلسطينية إلا وتمارس بطشها وجرائمها عليها بشكل متواصل دون أي سبب، سوى مواصلة نزعة التطهير والكراهية والعنصرية والقتل أو الاعتقال أو الهدم للمنازل وحظائر المواشي والأبقار والأغنام ... إلخ.
وكأن دولة الاستعمار الإسرائيلية تريد أن تذكر الفلسطيني بشكل يومي وعلى مدار الساعة، بأنها موجودة، ولن توقف إرهابها المنظم إلا باستسلامه الكامل أمام روايتها المزورة، والتنازل عن حقوقه التاريخية في أرض وطنه الأم، والقبول بفاشيتها وعنصريتها على جلده وأرضه وحقوقه السياسية والقانونية. وهذا من سابع المستحيلات مهما طال أمد الصراع. لا سيما أن الشعب العربي الفلسطيني دافع عن حقوقه على مدار القرن الماضي، أي قبل إقامة إسرائيل الفاشية في عام النكبة، ولم يرفع الشعب ولا نخبه السياسية والثقافية الراية البيضاء، وما زالوا في خندق الدفاع عن الذات الوطنية والأهداف الفلسطينية كاملة غير منقوصة.
ومن عملياتها الوحشية الجديدة، جريمة الحرب فجر أمس الإثنين الموافق ٦ فبراير/ شباط الحالي، التي أعلن جيش الاحتلال فيها عن اغتيال خمسة شبان من أبناء الشعب الأعزل في مخيم عقبة جبر/ أريحا، بذريعة أن بينهم الشابين اللذين أطلقا الرصاص على أحد المطاعم الإسرائيلية الاستعمارية قبل أسبوع مضى، أضف لثلاث إصابات خطرة، ليس هذا فحسب، بل إن قوات وحدة المستعربين قامت باختطاف جثامين الشهداء والجرحى على حد سواء، وأبقت وراءها آثار دماء جريمة الحرب الجديدة.
وكانت قوات جيش الإرهاب والجريمة المنظمة الإسرائيلية فرضت خلال الأسبوع الماضي أشد الإجراءات التعسفية تمثلت بحصار مدينة القمر من مداخلها الأربعة، وضيقت الخناق على أبناء الشعب الفلسطيني في الدخول والخروج من وإلى المدينة، وأهدرت طاقة المواطنين على الحواجز التي نصبتها على بواباتها وخاصة من الأطفال والنساء والعمال والمسافرين، وقامت بامتهان كرامتهم. فضلا عن انتهاج انتهاكات أثناء تفتيش السيارات والركاب على حد سواء.
وهذه جريمة حرب جديدة يندى لها جبين العالم، ترتكب في وضح النهار، وبانتهاك صارخ للقانون الدولي، وحقوق الإنسان، ورغم بشاعتها ودونيتها لم تحرك وسائل الإعلام العربية والإقليمية والدولية ساكنا، وكأن الدم الفلسطيني المراق، ليس دما إنسانيا، ولا كأن القاتل المغتصب للأرض والحقوق خليفة النازية والفاشية الغربية عمومًا، والهتلرية الفرانكية خصوصًا ارتكب مجزرة بشعة بحق أبناء الشعب الفلسطيني، أو كأن العالم منح غلاة الصهيونية الاستعمارية صكوك براءة مسبقا من الدم والحقوق الفلسطينية، وهو ما يعكس سقوط المنظومة العالمية بقيادة الولايات المتحدة الأخلاقية والسياسية والقانونية، ويعمق ثقافة الغاب والجريمة المنظمة، ويغتال كل قيم العدالة الإنسانية، ويفتح شهية قطاع الطرق وقراصنة العصر، الفاشيون الجدد لارتكاب كل الموبقات اللاإنسانية والمتوحشة ضد أبناء الشعب العربي الفلسطيني، والشعوب الضعيفة.
ورغم هذاالصمت المريب، سيدافع أبناء الشعب الفلسطيني عن ذاتهم ومستقبلهم، وعن حقهم في الحياة الحرة والكريمة على أرض وطنهم الأم، ودولتهم المستقلة السيدة وعاصمتها القدس الشرقية وسيعملون على استرداد حقوقهم الوطنية في العودة وتقرير المصير والمساواة الكاملة غير المنقوصة، وسيبقى شهداء أريحا/ عقبة جبر أقمارا يضيئون سماء مدينة الإنسان الكنعاني الأول، التي بنوها قبل عشرة آلاف سنة.
آن الأوان لأن يدرك الصهاينة صناع المحرقة والمجزرة، أن حركة وصيرورة التاريخ ليست في صالح مشروعهم الكولونيالي الإجلائي الإحلالي، وسيحاكمون على جرائم حربهم فردا فردا حيا أو ميتا.
المصدر: الحياة الجديدة
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها