قرار رئيس الدولة ورئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية أبو مازن بتكليف بعثة فلسطين في نيويورك بالتحرك الفوري في الأمم المتحدة ومجلس الأمن لإدانة وإيقاف اعتداءات أعضاء في الحكومة الإسرائيلية ومجموعات متطرفة على المسجد الأقصى المبارك، نعتقد بأنه الرد العملي وفي الاتجاه الصحيح، على عدوان منظومة الاحتلال والإرهاب والعنصرية على التاريخ الإنساني والعربي والفلسطيني، والسبيل القانوني لمواجهة انتهاكات حكومة (إسرائيل) الفاشية للوضع التاريخي والقانوني في عاصمة دولة فلسطين (القدس) المحتلة.
لا نحتاج لبرهان أكثر من اقتحام ما يسمى وزير الأمن القومي بن غفير لحرم المسجد الأقصى، لإدراك الحقيقة وهي أن جذورنا العربية التاريخية والثقافية والدينية في فلسطين، قد باتت هدفًا استراتيجيًا لخطة السيطرة الأمنية والإدارية على الأماكن الدينية، ونعتقد بإصرار ائتلاف نتنياهو الفاشي على تحقيقها، لكن مصيبتنا الكبرى ستحل بنا إذا بقي البعض الفلسطيني والعربي في مدار التوصيف والتحليل والإدانة اللغوية، وإذا لم يدرك بعضنا الفلسطيني المنفجر بالبيانات والتصريحات، وكذلك أشقاؤنا العرب معنى إصرار وزير مصنف كإرهابي حتى في واشنطن على اقتحام أولى القبلتين، وثالث الحرمين، فالأقصى والحرم وحائط البراق، في المدى الأبعد من الرمزية الدينية الإسلامية تبقى رموزاً تاريخية مع مثيلاتها الكثيرة في العاصمة القدس وفي أنحاء فلسطين، وستبقى علامات بارزة لثقافة وحضارة الأمة العربية، ولا تحتاج المنظومة الاحتلالية العنصرية الفاشية الجديدة في (إسرائيل) لأكثر من التطبيع لتأمين استكمال تهويد القدس، ومشروع السيطرة بالاستيطان والاحتلال المباشر ومنع قيام دولة فلسطينية متواصلة جغرافيًا وسكانيًا... أما الهدف التالي فهو تفريغ الدول والشعوب العربية من مقومات شخصيتها العربية بالتتابع، إذا نجحت بإبعاد فلسطين عن مركز اهتمام الشعوب العربية، ويشجعها في ذلك إنجاحها في إبعاد فلسطين عمليًا عن مركز اهتمام دول أعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، فإخضاع المقدسات الفلسطينية العربية الإسلامية والمسيحية لسلطة "الصهيونية الدينية، والعظمة اليهودية" ونسف الوضع القائم فيها، وإلغاء ولاية ملك المملكة الاردنية الهاشمية عليها، يعني نجاح منظومة الاحتلال والعنصرية والإرهاب (إسرائيل) باختراق مركز عصب العروبة والسيطرة عليه والتحكم فيه تحت ضغط الخطر النووي الإيراني، خطر وهمي كما نعتقد ستسوقه حكومة نتنياهو الحالية بوتيرة أسرع وأعلى وأوسع للتمويه على جرائمها المرتكبة حتى اللحظة والجرائم الكارثية الآتية وفق مخططات وآليات تعاهد عليها نتنياهو مع أحزاب إرهابية يهودية صهيونية، تتخذ همجية القرون الغابرة كوسائل لتحقيق أهدافها، وتثبت للعالم سير هذه الإسرائيل المتمردة على الشرعية الدولية في الاتجاه المضاد للمواثيق والقوانين الدولية والشرائع الإنسانية.
هنا لا بد من الإشارة إلى كذب بنيامين نتنياهو رئيس حكومة منظومة الاحتلال الاستيطاني العنصري، ووزير الحرب الإسرائيلي الجديد (يوآف غالانت) بقولهما إن إيران العدو والتحدي الأول لإسرائيل، وأن المليارات الثلاثة التي طلبها غالانت كزيادة على موازنة جيش الاحتلال هي لتلبية متطلبات منع إيران من حيازة السلاح النووي، ذلك أن الحقيقة التي يعرفونها ويدركونها جيدا لكنهم يخفونها عن المجتمع الإسرائيلي أن إخضاع الشعب الفلسطيني صاحب الأرض والحق التاريخي والطبيعي كان وسيبقى الهدف الاستراتيجي الأول للمنظومة، لا يتقدم عليه أي هدف آخر، فإسرائيل تمتلك أسلحة نووية، وتحتمي بترسانة أسلحة أميركية جاهزة في قواعد متقدمة في منطقة الخليج، ما يعني أن الحديث عن موازنة جديدة هدفها منع إيران من حيازة سلاح نووي، وإرهاب دول الخليج العربي وأخرى في المنطقة عبر تضخيم خطر طهران النووي، ما هي إلا وسيلة المنظومة الأنجع لتسهيل رفع عدد الدول العربية المطبعة معها، كما وعد نتنياهو في خطاب حكومته الجديدة أمام الكنيست، مستغلاً تصديق بعض الحكومات العربية ما تنشره إسرائيل والإدارة الأميركية حول نووي إيران، ودعم واشنطن المستمر حتى بعد زوال حكم دونالد ترامب مبتدع الاتفاقات الإبراهيمية (التطبيع)، فتبدو العملية من وجهة نظرنا ضغوطًا هائلة من تل أبيب وواشنطن على دول عربية وتوجيه مصدر الخطر الاستراتيجي الأول على وجودها ناحية طهران، فيما الحقيقة أنه قائم وينمو ويتطور في القاعدة الاستعمارية الاحتلالية المسماة "إسرائيل"... فالمليارات المطلوبة ستتحول إلى عمليات عسكرية استيطانية مدمرة، إلى جرائم حرب ضد الإنسانية غير مسبوقة، فالفاشية الجديدة بقيادة نتنياهو ستضرب بقوة قبل فتوى محكمة العدل الدولية، مستفيدة من تراخي إرادة المجتمع الدولي، وازدواجية معاييره، وعودة اليمين وسيطرة أحزاب تعتقد بالتفوق العرقي على حكومات وبرلمانات في دول أوروبية مؤثرة. لذا علينا البقاء في يقظة بأعلى درجة والمضي في محاسبة المنظومة في المنظمات الدولية، وعرقلة مشاريعها هنا على الأرض بوحدة ميدانية وطنية خالصة.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها