حكومة الاحتلال الصهيوني ارتكبت فجر اليوم الثلاثاء 2022/10/25، جريمة حرب بخرقها لكافة القوانين والمواثيق الدولية، واستهدافها للمدنيين الفلسطينيين العزل وممتلكاتهم في نابلس من خلال القوة المفرطة وقصف أحياء ومنازل بالصواريخ والقنابل في ظل صمت دولي مطبق، وهذا العدوان يحمل دلالة على أن المجتمع الدولي يتعامل بسياسة الكيل بمكيالين حين يناصر أوكرانيا ضد روسيا، ضد ما يسميه العدوان الروسي على أوكرانيا، ويتجاهل جرائم إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني وما ترتكبه قوات الاحتلال من جرائم واستباحه للدم الفلسطيني.
نفذ جيش الاحتلال الإسرائيلي فجر اليوم الثلاثاء، عملية اجتياح لمدينة نابلس تحت حجة ومبرر استهداف قائد مجموعة "عرين الأسود" المسلحة في مدينة نابلس شمال الضفة الغربية، وبحسب قناة "كان" العبرية أن عملية الليلة في نابلس قام بإدارتها غرفة قيادة العمليات الخاصة للشاباك من وسط "البلاد"، بإشراف رئيس الشاباك رونين بار ورئيس أركان الجيش أفيف كوخافي.
وتعهد رئيس حكومة الاحتلال يائير لابيد، ووزير حربه بيني غانتس، صباح الثلاثاء، بمواصلة العمل ضد مجموعة "عرين الأسود" التي تنشط في نابلس، وذلك بعد عملية الليلة التي أدت لاستشهاد أحد قادة المجموعة "وديع الحوح" و4 مواطنين آخرين. وإصابة 22 من الفلسطينيين المدنيين.
وقال لابيد كما نقلت عنه قناة 12 العبرية، "لن تردع إسرائيل أبدًا عن العمل من أجل أمنها، جزء من هذه المجموعة هم أشخاص من الذين حاولوا إيذائنا، وفي اللحظ التي أضروا فيها بنا، كان يجب عليهم أن يعرفوا أنه ستأتي اللحظة التي سينتهون فيها".
سلطات الاحتلال الصهيوني ممعنة بجرائمها واستباحتها للدم الفلسطيني وغير عابئة بتعريض حياة المدنيين للخطر ومتناسيه في الوقت ذاته أنها سلطة احتلال غاشم على الأراضي الفلسطينية وقوة نافذة وعليها أن تتقيد بالاتفاقيات الدولية، وعلى المجتمع الدولي تقع مسؤولية محاسبتها ووضع حدود لعدوانها المستمر على الشعب الفلسطيني .
يدرك قادة الاحتلال الصهيوني أن فلسطين وعلى مر العصور تمردت على كل الغزاة، فإبان الغزو الفرنسي لمدينة عكا الفلسطينية، مرَّ جيش نابليون بونابرت من وادي قانا (غربي نابلس)، فأحرق المقاومون أحراشه الكثيفة لقطع الطريق عليه، فأُطلق عليها "جبل النار".
كما وصفها الإنجليز بعد ثورة عام "1936" هي ورفيقتيها جنين وطولكرم بـ"مثلث الرعب"، وقبل ذلك التاريخ وبعده، تدرجت نابلس في مقاومتها.
عام 1966 بعد "معركة السموع" قرب الخليل جنوب الضفة بين الاحتلال الإسرائيلي والجيش الأردني، خرجت مظاهرات على ضفتي النهر "الأردن وفلسطين" للتصدي للصهاينة، وكانت أقواها في نابلس.
عام 1967 كانت معركة "دار هواش" مع قوات الاحتلال، واستشهد فيها صدقي هواش خلال تغطيته على فرار الشهيد الرمز ياسر عرفات "أبو عمار" ورفاقه الذين كانوا في منزله.
عام 1968 استشهدت الفتاة شادية أبو غزالة (19 عامًا) بعد انفجار عبوة ناسفة بمنزلها، حيث كانت تعدها لتفجيرها بمدينة تل أبيب.
عام 1969 عقب حريق المسجد الأقصى، خرجت نابلس في مظاهرات حاشدة وتواجه الأهالي مع جيش الاحتلال.
عام 1974 شهد هبّة فلسطينية بالضفة الغربية تخللتها مظاهرات انطلقت رفضا لإقامة مستوطنات شمال نابلس، وتلتها انتفاضة عام 1976 واستشهاد لينا النابلسي وآخرين. وتميّزت نابلس حينها بعنفوانها وكسر أهلها العزل الذي فرضه الاحتلال على بلدتها القديمة عبر بوابات حديدية وإسمنتية.
ومع دخول انتفاضة الحجارة عام 1987، لم تنخرط نابلس فيها فحسب، بل قادتها، في حين لحقت بها عدة مدن بعد أشهر، وكانت تتعرض للإغلاق بأوامر الاحتلال وفرض منع التجول لأسبوعين متواصلين أحيانًا.
عام 1996 انعكست "هبة النفق" بالقدس على مدينة نابلس بشكل مباشر، إذ انتفض المواطنون بوجه جنود إسرائيليين في منطقة "قبر يوسف" بالمدينة، واحتجزوا أكثر من 40 جنديًا إسرائيليًا وقتلوا عددًا منهم.
عام 2000، تداعت أحداث انتفاضة الأقصى (الانتفاضة الثانية)، وشكّلت نابلس بين عامي 2001 و2002 تحديدًا "منبعًا" وحاضنة لقيادات المقاومة السياسية والعسكرية، وهو ما عرَّضها وبلدتها القديمة لاجتياح كبير وحصار شديد كلّفها العشرات من الشهداء.
المقاومة متجددة ومستمرة ما بقي الاحتلال جاثم على الصدور، ويسهم هذا الحصن (البلدة القديمة) في صقل شخصية المقاومين ونقل تجربتهم، وكان على الدوام نقطة ثابتة وقاسمًا مشتركًا في تجربة المقاومة بكل مراحلها التاريخية. وبفعل زخمها البشري المقاوم، أطلق الاحتلال على نابلس خلال انتفاضة الأقصى "دفيئة الإرهاب"، بعد أن تشكلت فيها خلايا مقاومة موحدة ومنسجمة عبر ما سُمي آنذاك "الجيش الشعبي".
وهذا الجيش الشعبي كما يقول عنه الباحث أحمد البيتاوي، يشبه إلى حد كبير ظاهرة "عرين الأسود" التي أعادت حالة الاشتباك لمدينة نابلس وأرجعتها إلى مكانتها الطبيعية، وهي "مقاومة الاحتلال، وأي شيء غير ذلك تجميد للواقع"، كما يضيف الباحث.
ومِثل المدينة، عاشت قرى نابلس حالة اشتباك دائم مع الاحتلال، فتعرضت ولا تزال للقمع والاقتحام والحصار الإسرائيلي الذي يُطوِّقها بعشرة حواجز ونقاط عسكرية ثابتة أو متحركة، وأكثر من 15 مستوطنة وبؤرة استيطانية ومعسكرين لجيش الاحتلال.
وإضافة لاعتداءات القوات الإسرائيلية، يتواصل عنف المستوطنين من الهجوم على الأهالي والقرى إلى العربدة وفرض الأمر الواقع، كما يحدث في بلدة حواره جنوبي نابلس، وفي برقة وسبسطية شمالها، وبيت دجن شرقًا.
ويصف العديد من الكتاب والمحللين تعامل إسرائيل مع الضفة الغربية خاطئ بشكل أساسي فقد....
نشرت صحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية الجمعة الماضي بتاريخ 14/10/2022 ، مقالاً للكاتبة الإسرائيلية "أريئيال رينغل هوفمان"، بعنوان "تعامل إسرائيل مع الضفة الغربية خاطئ بشكل أساسي".
وقالت الكاتبة الإسرائيلية في مقالها الذي نشر عبر موقع الصحيفة العبرية الإلكتروني، إنّ موجات الاشتباكات والاعتداءات في الأراضي الفلسطينية تحصل بين الفترة والأخرى منذ سنوات، وبغض النظر عن مرور الوقت، فإنها لن تخمد حتى يتم إيجاد حل دائم لها.
وتضيف، "في عام 1831، بعد عام من ضم الجزائر، كتب الفرنسي "بارون لاكي"، عن العواقب المحتملة لقرار فرنسا باحتلال الجزائر وضمها لها، مؤكدةً أنه "طالما أن الجزائر تحافظ على العاصمة، فستظل في حالة حرب باستمرار مع إفريقيا، وفي بعض الأحيان يبدو أن هذه الحرب تنتهي".
وشددت نقلاً عن الكاتب الفرنسي "المؤرخ أليستر هورن 1977" قائلاً، "هؤلاء الناس لن يكرهوك بعد، ولكن سيكون هناك حريقًا نصف مطفأ يشتعل تحت الرماد في أول فرصة لينفجر كالبركان".
في كتاب "حرب سلام وحشية" حول الجزائر من عام 1954-1962، يتصل الأحداث ببعضها حول الوضع السائد في الضفة الغربية، فهو أمر مفجع بأن ترى قتل الفلسطينيين في المواجهات الأخيرة.
وتشير الكاتبة، أنا لا أبرر العمليات المسلحة ولا أدعمها، ولكن على كل مسؤول إسرائيلي قراءة كتاب "هورن" ليفهم الوضع الذي نحن فيه حقًا.
عودة للوراء ....استقر قرابة مليون مواطن فرنسي في الجزائر خلال 130 عامًا تحت الحكم الفرنسي، حيثُ استثمرت باريس بكثافة في محاربة حركة التحرير الجزائرية، بمحاولة منها لمنع تهريب الأسلحة إلى الجزائر من خلال بناء سياج كهربائي بطول 300 كيلومتر على طول الحدود بين البلدين.
وتكمل الكاتبة الإسرائيلية مقالها، وفي عام 1956، عندما تصاعد الصراع، وافق الرئيس الفرنسي آنذاك "غي موليه" على استخدام الجيش كل الوسائل الضرورية لتهدئة الانتفاضة الجزائرية، ورفع عدد القوات الفرنسية إلى 500000.
ويقول "هورن" في كتابه عن مقابلة أجراها مع مواطن فرنسي جزائري كان موجوداً في الجزائر أثناء الاشتباكات، "قتلنا أيَّ شخص تمكنا من القبض عليه، لكن في اليوم التالي حدث نفس الشيء مرة أخرى."
وفي عام 1959، عرض الرئيس الفرنسي "شارل ديغول" على الجزائريين الحكم الذاتي، وهو ما قبلوه، وبعد ثلاث سنوات غادر الفرنسيون الجزائر.
وفي السنوات التي أعقبت الانسحاب، ظل الجيش الفرنسي في حالة تأهب قصوى، خوفاً من انتفاضة محتملة للجزائريين، في كل من فرنسا والجزائر، الدرس الذي يمكن تعلمه من سنوات الصراع بين الدول هو أن الجزائريين لم يهتموا بالعروض المالية الفرنسية لتهدئتهم، أو في الازدهار الاقتصادي الذي أعقب الاحتلال الفرنسي للجزائر، بل كان للجزائريين مصلحة واحدة فقط وهي مغادرة فرنسا وجيشها من أراضيهم.
فالجزائر ليست في الضفة الغربية، والمسافة بين رام الله والقدس أقرب بكثير من المسافة بين الجزائر وباريس، ولم يعتقد أحد من الجزائريين أن تحرير بلاده سيكون الخطوة الأولى لغزو باريس، بينما لم يجوب الفرنسيون الصحراء الجزائرية قبل آلاف السنين، على عكس اليهود وإسرائيل.
استمر النضال الفلسطيني في الضفة الغربية خلال الـ(55) عامًا الماضية، حتى عندما سُمح للعمال الفلسطينيين بدخول إسرائيل للعمل، وعندما غادر الجيش الإسرائيلي القرى الفلسطينية.
وتكمل الكاتبة، الكفاح الفلسطيني مستمر، والتكتيكات فقط تتغير، قبل أن يتجمع المسلحون في مجموعات، هم الآن يتصرفون بمفردهم؛ وبدون تنظيماتهم، المهم هو أنه لا يزال مستمراً.
ونوهت، أن فكرة تحقيق السلام من خلال إلقاء القبض على مسلح واحد فقط، أو تدمير منزل آخر، هي فكرة خاطئة بشكل أساسي، وستشعل حرائق قابلة للانفجار بشكل واسع النطاق.
ووفق تحليل ورؤية الكاتبة الاسرائيلية "أريئيال رينغل هوفمان"، ويشاركها الكثير ممن لهم خلفية تاريخية عن تاريخ الصراعات أن اجتياح المدن والبلدات الفلسطينية وممارسات القتل والاستيطان ومصادرة الأراضي هو الوقود الذي يفجر المقاومة التي لا يهدأ لها نار حتى تتحقق مطالب الشعوب بالتحرر وحق تقرير المصير.
لقد نصت كافة القوانين والمواثيق الدولية على حق الشعوب في مقاومة الاحتلال شرعياً وقانونيً، ونوّهت هذه القوانين بحق مقاومة الطغيان في المادة الثانية من إعلان حقوق الإنسان الصادر في فرنسا عام 1789، وأدرجته في عداد الحقوق الطبيعية التي لا ينال منها تقادم الزمن.
وورد في مقدمة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر في 10/12/1948 الفقرة التالية: «ولما كان من الضروري أن يتولى القانون حماية حقوق الإنسان، كي لا يضطر المرء آخر الأمر إلى التمرد على الاستبداد والظلم». وفي هذه الفقرة اعترافاً بحق المرء بمقاومة الطغيان وبالثورة عليه كوسيلة أخيرة هي آخر الدواء.
الجمعية العمومية للأمم المتحدة أكدت في العديد من قراراتها بشرعية نضال الشعوب الرازحة تحت الاحتلال من أجل تقرير مصيرها، وأدانت الحكومات التي لا تعترف بحق تقرير المصير ووجوب تطبيق الاتفاقات الدولية وتضمنتها اتفاقية جنيف الرابعة.
ولعل أبرز هذه القرارات القرار الرقـم 2852 الصادر عـن الجمعية العمومية بتاريخ 20/12/1971 الذي دعا إلى «ضرورة وضع مبادئ تهدف إلى تعزيز حماية الأفراد الذين يناضلون ضد السيطرة الاستعمارية والأجنبية وضد الاحتلال الأجنبي والأنظمة العنصرية»، وضرورة "تطوير القواعد المتعلقة بوضع المناضلين ورجال العصابات وحمايتهم ومعاملتهم معاملة إنسانية في إبان المنازعات المسلحة، الدولية وغير الدولية".
إن حرب التحرر الوطني التي يخوضها الشعب الفلسطيني ظاهرة قديمة تاريخياً، وهي تأتي في مواجهة العدوان والحرب الاستعمارية، ويمكن القول بأن الكرة الأرضية عرفت حروب التحرر الوطني منذ مدة طويلة، متى ما سلمنا بالمعنى الموسع لتلك الحرب وهي التي ليست فقط ضد المحتل الأجنبي، وإنما أيضاً الحرب التي تخوضها الشعوب ضد التدخل العسكري المسلح الهادف إلى تحقيق أهداف عدوانية محددة. واستنادًا إلى ما ذكر فان الفلسطينيون يستمدون شرعية وجودهم ومقاومتهم للاحتلال للقوانين والمواثيق الدولية التي أعطت وأضفت مشروعية على مقاومة المحتل وعدم الطاعة.
ما تقوم به قوات الاحتلال الصهيوني وقطعان مستوطنيه فاق كل التصور وحدود الاحتمال، وأصبح لزامًا على الجميع التحرك ضمن تحمل المسؤولية وفق مبادئ القانون الدولي وإعلان حقوق الإنسان والاتفاقات الدولية التي تؤمن الحماية للسكان تحت الاحتلال.
الفلسطينيون طلاب حق وهم يتطلعون للحرية كغيرهم من شعوب العالم، هم ليسوا قتلة أو مجرمين هم يدافعون عن أبسط حقوقهم وهو تطلعهم لأن يولي العالم اهتمامه بقضيتهم لأجل أن تتحرر فلسطين من الاحتلال.
ما أقدمت عليه قوات الاحتلال الصهيوني فجر اليوم من اجتياح لمدينة نابلس وبعض البلدات الفلسطينية واستهداف المدنيين الفلسطينيين بأسلحة فتاكة ترقى لمستوى جريمة حرب يقع على عاتق المجتمع الدولي وضع حد للاحتلال وضرورة تأمين الحماية للفلسطينيين مع ما يستتبع ذلك من ملاحقه لقادة الاحتلال بتهم ارتكاب جرائم حرب.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها