باعتراف صفيق، وبالعذر الذي هو أقبح من الذنب، قال جنود الاحتلال الإسرائيلي الذين أعدموا الشاب الشهيد أحمد الشحام في بيته برصاصة في الرأس، من مسافة صفر، قالوا إنهم قتلوه بالغلط ...!! عنوان جديد للجريمة تسجله دولة الاحتلال الإسرائيلية باسمها حصريًا وبصفاقة لا مثيل لها، دم الشهيد على يد القتلة، وبلا أي أسف ولا أي شعور بالذنب، وإنما بكلمة نرى أن على محكمة الجنايات الدولية أن تأخذها سببًا لتعظيم العقوبة على القتلة، لأن الغلط ممكن فقط في أشياء وأفعال يمكن تصحيحها فيما بعد، أما في القتل فلا يعدو الغلط سوى كلمة لا قيمة لها، ولا يمكن لها تبرئة  قاتل، ولا حتى أن تبرر جريمته.

وبذات الاعتراف الصفيق، أعلن جيش الاحتلال أن قواته هي من تقف وراء قصف مقبرة الفالوجة في جباليا، إبان عدوانه الأخير على قطاع غزة، ما أدى لاستشهاد خمسة أطفال حينها، من بينهم أربعة أطفال من عائلة واحدة، وكان سفير إسرائيل في الأمم المتحدة، ادعى أن دولته لم تقتل هؤلاء الأطفال بصواريخ طائراتها الحربية، لكن وباعتراف جيش الاحتلال، المغاير لهذا الادعاء، يبدو الغلط سياسة في دولة الاحتلال والعدوان، تقتل بالغلط، وتقصف بالغلط، والمجتمع الدولي على ما يبدو بالغلط أيضًا، يستنكر هذا السياسة (...!!) طالما أنه لا يفعل شيئًا إزاءها ...!!

إنها الصفاقة ذاتها حين يغض المجتمع الدولي البصر عن هذه الجرائم، ليست نيرانا صديقة هذه التي تقتل شبابنا، وأطفالنا ليقال إنها بالغلط قد أشعلت رصاصاتها ..!! إنها نيران العدو الطائشة، ومع الطيش، الجريمة أكبر، والذنب أعظم، ولا يكون الغلط فيها غير غلط مقصود ما لم يوضع القتلة أمام القضاء الدولي، ليضع حدًا لهذا الطيش المتباهي بمنجل القتل..!!

ما من جريمة بالغلط، وما من صمت إزاء هذه الجريمة بالغلط، سنفهم ذلك جيدا، ولن نتفهم ذلك أبدًا، على المجتمع الدولي أن يعرف ذلك وأن يدرك قبل فوات الأوان أن للصبر الفلسطيني حدودًا، وأن الغضب الفلسطيني إذا ما تفجر، تحرر من كل حسابات الصمت الدبلوماسية، وعلى العالم أن يعرف أننا لن نذهب لخيار شمشون "عليّ وعلى أعدائي يارب" وإنما سيظل خيارنا، خيار المقاومة، وخيار كلمة الحق والعدل، والنزاهة، والصواب، النار جيلاً بعد جيل، حتى لا يكون هناك أي استقرار ولا أي ازدهار في هذه المنطقة، ما لم تحظ فلسطين بسلامها، وتسترد كامل حقوقها المشروعة، لتقيم دولتها المستقلة ودائمًا بعاصمتها القدس الشرقية.

المصدر: الحياة الجديدة