حرب لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية "الأيباك" على أنصار السلام والتسامح والديمقراطية مفتوحة على مصاريعها، ولا يحول بينها وبين تحقيق أهدافها على مدار السبعين عامًا الماضية أية موانع أو معايير قيمية أو أخلاقية أو قانونية، وتستخدم أسلحة العصا والجزرة، ومنها المال والنساء والتهديد والوعيد لإيقاع المعارضين والرافضين لدعم دولة التطهير العرقي الإسرائيلية في شباكها، أو لإرغامهم بالتراجع عن مواقفهم المناصرة والداعمة للسلم الأهلي والسلام في العالم عمومًا وعلى جبهة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي خصوصًا.
وهذا ما اعترف به مؤيدون بارزون لإسرائيل هذا العام 2022، عندما قالوا إن منظمة "أيباك" بأنها "مفلسة أخلاقيًا"، وتقدم مصالح دولة المشروع الصهيوني الاستعمارية على الديمقراطية، ومصالح الشعب الأميركي، ومن دلائل ذلك، قيام "الأيباك" باطلاق لجنة عمل سياسي منفصلة أيدت 37 مرشحًا جمهوريًا صوتوا ضد التصديق على فوز بايدن في يناير 2021، ودعموا الرئيس المهزوم ترامب، الذي دفع أنصاره من العنصريين البيض لاقتحام مبنى الكابيتول.
وتعميقًا لفضح دور "الأيباك" الصهيوني التخريبي، وإماطة اللثام عن ممارساته اللاأخلاقية والدونية قامت صحيفة "الغارديان" البريطانية الأربعاء الموافق 18/5/2022 بنشر تقرير موسع وبالأسماء عن الكيفية التي تنتهجها "الأيباك" لشراء الذمم من أوساط الحزبين الديمقراطي والجمهوري أولا لدعم أنصار إسرائيل في المجلسين (الكونغرس والشيوخ)؛ ثانيًا اسقاط الداعمين للحقوق الفلسطينية؛ ثالثًا وفي السياق دعم قوى التطرف والعنصرية في الولايات المتحدة؛ رابعًا التماثل مع توجهات أباطرة رأس المال المالي، وتنفيذها على الأرض في مختلف بقاع الأرض ونموذجًا منها ما يجري في أوكرانيا، وتوسيع نطاق الحملة المعادية لروسيا الاتحادية.
وأشارت الصحيفة الإنكليزية إلى "أن منظمة "الأيباك" تضخ ملايين الدولارات سرًا وعلانية لتحقيق مجمل أهداف الحركة الصهيونية العالمية وقاعدتها المادية دولة الأبارتهايد الإسرائيلية. وأكدت "الغارديان" أن لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية "قامت باخفاء جهودها لهزيمة المرشحين المؤيدين للفلسطينيين" من خلال تأسيسها منظمات ومجموعات عمل تقوم بوظائفها دون أن تكون هي في الواجهة مثل مجموعة مشروع الديمقراطية المتحدة (UDP) التي تشكلت في ديسمبر 2020 بدعم من "الأيباك" كلجنة عمل سياسي فائقة، أو Super Pac، ومنحها تفويض بالانفاق دون حساب أو قيود لدعم المرشحين المؤيدين لإسرائيل عبر دفع فواتير الحملات الانتخابية الممولة باسمها. وأوضح المتحدث باسم المجموعة باتريك دورتون "إن المجموعة لا تفعل أكثر من إدارة إعلانات سياسية، والحديث عن السجل العام للمرشح وهذا شيء يستحق الناخبون معرفته". أي أنها تقوم بتلميع المؤيدين لإسرائيل. وهذا ما خلص إليه دورتون من تأسيس المجموعة، حيث أكد أن "هدفنا هو بناء أوسع تحالف في الكونغرس يدعم العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل" وأضاف "نحن فخورون بدعم "التقدميين" المؤيدين لإسرائيل بمن فيهم النساء ذوات البشرة الملونة." وتابع "نحن نبحث في (دعم من) 10 إلى 15 سباقًا (مرشحًا) مؤيد لإسرائيل لحماية العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل من التقويض" والزعزعة. وهنا المقصود المرشحون في الولايات الأميركية المؤثرة في نتائج الانتخابات ومنها على سبيل المثال لا الحصر بنسلفانيا، وللحؤول دون صعود أنصار القضية والشعب العربي الفلسطيني.
وبالعودة لـ"أيباك" الأم، فهي متصالحة مع ذاتها وبرنامجها الأيديولوجي والسياسي، وتعلن بصفاقة، أنها تدعم السياسيين من كلا الحزبين الذين "سيعملون على تعزيز العلاقات الأميركية الإسرائيلية". وهذا ما اكده بيان صادر عنها، بأن لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية "بالإضافة لدعم الجمهوريين، قدمنا مساهمات لاكثر من 120 من النواب الديمقراطيين، بما في ذلك نصف كتلة الكونغرس السوداء (...) وكبار القادة الديمقراطيين في المجلس" وهو يؤكد أن "الأيباك" لا يخشى الإعلان عن مواقفه الواضحة والصريحة في دعم أي نائب بغض النظر عن حزبه، أو خلفيته الاثنية أو لونه أو جنسه طالما لديه الاستعداد لتنفيذ سياساته الداعمة لإسرائيل.
ومن نماذج تمويل المرشحين وفقاً لصحيفة "الغارديان" حصل مرشح مؤيد لإسرائيل على مبلغ 2,3 مليون دولار للسباق التمهيدي الديمقراطي أول أمس الثلاثاء للحصول على مقعد مفتوح في الكونغرس في ولاية بنسلفانيا، لمنع مرشح مؤيد للفلسطينيين. وحسب الصحيفة، أنه تم إنفاق الأموال في الغالب لدعم عضو مجلس النواب الجمهوري السابق، الذي تحول إلى ديمقراطي، ستيف ايروين، في محاولة لعرقلة المرشحة التقدمية سمر لي، التي تتصدر استطلاعات الرأي في المنطقة القوية التي تضم بيتسبرغ.
وأنفقت مجموعة UDP 1,2 مليون دولار لحماية عضو الكونغرس الديمقراطي عن ولاية تكساس، هنري كوبلار، الذي سيواجه جولة إعادة في وقت لاحق من الأسبوع المقبل ضد جيسيكا سيسنبروس، محامية الهجرة، التي أعلنت عن دعمها للفلسطينيين، وتحظى بدعم الهان عمر ورشيدة طليب والكساندرا أوكاسيوكورتيز، وهناك العديد من الأمثلة على الحرب المفتوحة، التي يقودها اللوبي الصهيوني الداعم للإرهابيين والعنصريين والفاشيين الجدد في إسرائيل وأميركا ذاتها، ولا يتوانى عن ارتكاب أية أعمال فاسدة ومتناقضة مع القانون الأميركي لقاء بلوغ أهدافه المعادية للسلام والتعايش والعدالة السياسية والاجتماعية.
وهو ما يتوجب أولاً على الديمقراطيين والجمهوريين الذين يدعمون السلام بالتصدي المباشر ل"الأيباك" ومشتقاته المعروفة والافتراضية، وفضح وتعرية سياسة شراء الذمم؛ ثانيًا تكثيف حملات التوعية في أوساط انصار الحزبين من الشباب الأميركي عموما ومن اتباع الديانة اليهودية خصوصًا لحمايتهم وتحصينهم من أساليب لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية؛ ثالثًا على الجاليات الفلسطينية والعربية والإسلامية وأنصارهم من مختلف الاثنيات تعزيز حضورهم في مختلف الحملات الانتخابية لدعم أنصار القضية الفلسطينية والقضايا العربية والإسلامية والمناهضة للعنصرية، وكشف زيف ونفاق المرشحين الموالين للايباك وإسرائيل.
المصدر: الحياة الجديدة
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها