إسرائيل كما هي وكما يعرفها الفلسطينيون والعرب والمجتمع الدولي كله، تستمر في أكبر وأخطر الجرائم ممثلة بالاستيطان، وبالاستيلاء على الأرض الفلسطينية، وطرد أهلها منها، والقتل الميداني لمن يرفض، بادعاءات مزيفة وكاذبة بأنها تريد التهدئة، وحافزها في ذلك الذي تعتمد عليه هو الإدارة الأميركية التي تحدث رؤساؤها جمهوريين أو ديمقراطيين عن حل الدولتين، ولكنهم لا يقولون كلمة واحدة ضد الإسرائيليين الذين يجعلون هذا الحل حل الدولتين لا مكان له على الإطلاق، فالاستيطان فعل إجرامي شامل ضد الأرض الفلسطينية وضد الإنسان الفلسطيني.

ونحن عالقون مع إسرائيل في هذا الموضوع ليس الآن، بل منذ وقعنا مع رئيس الوزراء الإسرائيلي برعاية أميركية كاملة اتفاق السلام عام 1995، في حديقة البيت الأبيض، فقد حاولوا أن يغرقونا في ألاعيبهم الشيطانية بخصوص الاستيطان، ولكنهم لم يجدوا ولم يبذلوا أي مجهود يذكر، لجعل تجميد الاستيطان في تعابير غامضة ومصطلحات مبهمة، وكان اعتمادنا منذ 2010 مرتكزاً على أن الأميركيين إذا كانوا صادقين وجادين فعلاً بشأن وقف الاستيطان، ولكن السنوات تمضي، والجهود الفلسطينية المخلصة تتوالى من الفلسطينيين دون أن تتقدم أميركا خطوة واحدة باتجاه وقف الاستيطان، فما هي التهدئة التي تتحدث عنها إسرائيل، هل تعني أن الاستيلاء على وطن الفلسطيني أمر مشروع ما دامت تسكت عنه أميركا دون مبرر، وهي تعني إتاحة الفرصة لمستوطنيها الأشرار بأعلى مستوياتهم أن يعبثوا دون أن يواجهوا رداً، هذا مستحيل، كان في الماضي مستحيلاً، وسيكون في الحاضر مستحيلاً وفي المستقبل أشد استحالة، لأن شعبنا لا يطالب بمعجزة بل يطالب بحقه في الحياة، وبحقه في تقرير المصير، وتحقيق استقلاله مثلما صوت مجلس حقوق الإنسان  بأغلبية كبيرة في الأيام الأخيرة.

والتصعيد ضد شعبنا في جميع أنحاء فلسطين بما فيها القدس عاصمتنا الأبدية، لا يقوم به صغار المتطرفين والعنصريين، بل يقوم به أبرز القادة السياسيين الإسرائيليين حالياً، فقد اقتحم لابيد رئيس الائتلاف الإسرائيلي الحاكم مؤخراً باب العمود، وقال وزير القضاء الإسرائيلي الحالي ساعر إن الاستيطان لن يتوقف، وقال بينيت رئيس الوزراء الحالي عن قتل جنوده ثلاثة فلسطينيين في جنين قبل أيام، لو لم يحدث لحصلت أشياء رهيبة، وهذا معناه أن قتل الفلسطيني عند الإسرائيليين واجب يومي، وهم وحدهم يملكون مفاتيحه لأن حليفتهم أميركا تسكت عن الأمر كأنها لا تراه، بينما نحن الفلسطينيين نراه و نوقن أنه لن يمر مرور الكرام.

هل صحيح ما يشاع في العالم أن كل جرائم إسرائيل من وجهة نظر أميركا مبررة، القتل الميداني، والضغط الاقتصادي للاحتلال، ومهرجانات البكاء الزائف التي تقام عند قتل أحد الإسرائيليين، نحن شعب صغير ولكن حقوقنا كبيرة، وضمن هذه الرؤية فصمودنا معجزة تليق بنا، ولن تطمس قضيتنا التي يوجد فيها كل هذا الحق والعدل، وبشر الصابرين!!!

المصدر: الحياة الجديدة