الشعب عند اﻷحزاب والفصائل والقوى الوطنية الغاية الأسمى، ذلك أن الأفكار والنظريات والبرامج والخطط واﻻستراتيجيات والمشاريع وكل مسار عملي يصب في مصلحة الشعب، إﻻ عند الإخوان المسلمين فرع فلسطين المسمى حماس فإنه ليس أكثر من وسيلة، أداة تستخدم مرة واحدة، لتحقيق هدفهم، ثم يرمونه وراء ظهورهم، عند أول مأزق، أو بعد تحقيق مآربهم الخاصة على دمائه ومعاناته ومآسيه، وعندما يفشلون ينعتونه بأقذع وأبشع الصفات، أو يشتمونه أو يكفرونه، أو يقصفونه بقذائف الخيانة عشوائيا.
نحن أصحاب التجربة المريرة مع المتأسلمين مستخدمي الدين ﻷغراض دنيوية سلطوية استبدادية لم نكن بحاجة إلى رسائل صوتية أو فيديوية مرئية علنية أو مسربة، فنحن نعرفهم وندرك خطرهم على كيان شعبنا الفلسطيني الوطني وهويته وثقافته وقيمه اﻷخلاقية، وتجربته الديمقراطية، لكن الجديد الراشح إثر هزيمتهم في اﻻنتخابات المحلية ﻷعظم دليل وبينة على مستوى اﻻنحطاط، وعمق السقوط والتردي الذي سببوه ﻷنفسهم نتيجة ﻻرتكازهم على مفاهيم ظلامية جاهلية استبدادية عنصرية هشة تكاد تكون سيقان سنابل القمح أقوى وأمتن منها بمليون مرة، وهذا ما نتمنى على شعبنا الفلسطيني إدراكه، سواء المضلل والمنتظم في صفوفهم بلا علم ومعرفة عن أصول مراجعهم وارتباطاتها مع المشروعين اﻻستعماري والصهيوني، أو المرتبطون بمصالح معهم، أو المخدوعون بشعاراتهم النارية عن الجهاد والمقاومة وبأقنعة مزيفة استخدموا اسم الله تعالى كتيجان لتسهيل سبل مرورهم إلى نفوس الجمهور، والتمكن من السيطرة واقتياد الناس إلى حيث يشاءون غير عابئين بمشيئة وإرادة الشعب.
لم يعد على أجسادهم أوراق توت لتسقط، فقد باتوا عراة حتى الحياء اللفظي تجردوا منه، وحولوا ألسنتهم إلى آلة أتوماتيكية ﻻ تضاهيها أسرع بندقية لإطلاق اﻻتهامات وعبارات التخوين والقذف والقدح ليس بحق حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" وقيادات السلطة الوطنية الفلسطينية وحسب، بل لتنال عموم شعبنا الفلسطيني الذي صوروه كعدو لله !! جل وتعالى ﻷن الشعب لفظهم ولم يمنحهم الثقة في اﻻنتخابات كما كانوا يظنون!! وتمنوا للشعب مصيرا في الجحيم ﻷن هذا الشعب لم يمنحهم فرصة التسيد على مصيره في دوائر الحكم المحلي، وأفقدهم فرصة التنعم على حسابه، والتبجح بشعبيتهم وأغلبيتهم، التي لطالما اتخذوها سيفا وسلطوه على رقاب الشعب الفلسطيني الذي أخذ العبرة من انقلابهم منذ عام 2007 ومما حصل في أقطار عربية دمرتها جماعة الإخوان المسلمين ومشتقاتها وحولت إلى ركام إنجازات عقود بعد استقلالها.
يتساءل المواطنون اليوم، لماذا رفضت جماعة الإخوان المسلمين فرع فلسطين اﻻنتخابات في قطاع غزة، لكنها خاضتها بكل قوة، ودخلت تحالفات مع من تعتبرهم خصومها وأعداء الله وكفرة وملحدين فقط لإلحاق الهزيمة بحركة التحرر الوطنية، وجماهير الشعب الرافعة للمشروع الوطني الفلسطيني؟ فهم لم يخوضوا اﻻنتخابات للتنافس وفق مبادئ وأخلاقيات وأنظمة وقوانين منهج الديمقراطية، وإنما لإحباط الجماهير، وزرع اليأس في نفوس شعبنا الفلسطيني، من إمكانية المضي برفع قواعد الدولة الفلسطينية الديمقراطية الحرة والمستقلة، وذلك كخدمة للمستعمرين العنصريين المحتلين الصهاينة الإسرائيليين، خدمة ليست مجانية، وإنما لتمكينهم أكثر في مشروعهم اﻻنفصالي في قطاع غزة، والإمعان في مهمة منع قيام دولة فلسطينية.
شكرًا للشعب الفلسطيني الذي بفضل منحه الثقة لحركة التحرر الوطنية الفلسطينية، قد حمى مشروعه الوطني من اختراق لو تم لكانت منظومة اﻻحتلال - إسرائيل - في حالة احتفال ومهرجان، والبهجة على وجوه رؤوس حماس وحلفائهم ويغمرهم النعيم، فشعار هؤﻻء: إما نحن أو الشعب الفلسطيني في الجحيم.
المصدر:الحياة الجديدة
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها