معركة أسرى الحرية، هي معركة التحرير وإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية وعودة اللاجئين لديارهم على أساس القرار الدولي 194، وهي المساواة لابناء الشعب في الجليل والمثلث والنقب والمدن المختلطة، ومعركة الانتصار على العنصرية والفاشية الصهيونية. ولا يمكن فصلها عن أهداف وثوابت الشعب العربي الفلسطيني وكفاحه التحرري. وكما ذكرت غير مرة، جبهة الزنازين والباستيلات الصهيونية لا تقل ضراوة عن جبهة بيتا وبيت دجن وكفر قدوم والشيخ جراح وسلوان ومقبرة اليوسفية ومأمن الله ونعلين وبلعين والنبي صالح والخليل وبيت لحم وأريحا وجنين وطولكرم وقلقيلية وقطاع غزة، لا بل إنها أحيانًا أشد احتدامًا، لأنها تقوم على ركيزة صراع اليد التي تواجه المخرز الصهيوني الجبان، والمواجهة وجهًا لوجه بين الأسير البطل والجلاد الأمني، الذي يصارع لكسر الروح المعنوية، والانتصار لروايته المزورة القائمة على الخديعة والتضليل وقلب الحقائق رأسًا على عقب. سبعة من أبطال الحرية كل منهم له فصل من رواية الكل الوطني، يقارعون الجلاد بامعائهم الخاوية، لم يستسلموا لقوانين الغاب الجائرة، وخاصة قانون الطوارئ البريطاني للعام 1945، ولا لبطشه ووحشيته. سبعة فرسان امتشقوا سيف المواجهة المعلن للجلادين جميعًا من سلطات السجون الصهيونية، وأعلنوا بالتوالي إضرابهم عن الطعام، أسبقهم الأسير البطل كايد الفسفوس، الذي مضى على اضرابه 109 أيام، والأسير المقدام مقداد القواسمة 102 يومًا، والأسير عالي الهمة علاء سميح الأعرج 84 يومًا، والأسير الهمام هشام أبو هواش 75 يومًا، والأسير المناضل شادي أبو عكر 68 يومًا، والأسير العنيد عياد جمال الهريمي 39 يومًا، والأسير حامل لواء المواجهة لؤي ساطي الأشقر 22 يومًا.
نزفوا من أوزانهم وصحتهم، ويكاد بعضهم يفقد نظره وحياته، كما الأسيران البطلان الفسفوس والقواسمي، فضلاً عن الثلاثي هشام وعلاء وشادي، الذين يقبعون في عيادة سجن الرملة. ورغم كل المضاعفات الخطيرة، التي تهدد حياتهم، إلا أنهم لم يرفعوا الراية، ولم يستسلموا لمشيئة الجلاد الاستعماري الصهيوني، وبقيت روحهم المعنوية وإرادتهم أصلب من وحشية الجلاد، ورفضوا جميعهم اعتقالهم الإداري دون سبب يذكر، إلا لمجرد الاعتقال والاهانة والتعذيب والاذلال للروح الوطنية التي يمثلونها داخل وخارج السجن الصغير.
كما ذكرت كل منهم له فصل من الرواية الوطنية في المواجهة المباشرة مع سلطات السجون، وسبعتهم أبرياء، ولم يفعلوا شيئًا سوى أنهم أبناء للشعب العربي الفلسطيني، ولانتمائهم لهويتهم الوطنية والقومية، التي اعتقلوا على أساسها، وهو اعتقال عنصري قائم على الكراهية والحقد، والسعي لاستنزاف طاقة الشباب الفلسطيني، أو السعي لترويض بعضهم، أو استغلال ضعف أي منهم لتجنيده، لكنهم جميعًا، كما من سبقوهم من أبطال أسرى الحرية أكدوا صلابتهم واصرارهم على انتزاع حريتهم وعودتهم لذويهم وأبناء شعبهم، ورفضوا ويرفضون المساومة الرخيصة على حريتهم، التي هي جزء من حرية وكرامة الشعب. إن معركة الجنرالات السبعة في مواجهة الجلادين الصهاينة وكل مكونات دولة الاستعمار الإسرائيلية امتداد لكل معارك الاسر البطولية، وهي دفاع عن الأسرى جميعًا من النساء والأطفال والرجال والشيوخ، الذين قارب عددهم على الخمسة آلاف أسير، وهي تحدٍ للقوانين الجائرة وللرواية الصهيونية المزورة، وتأكيد على برنامج النضال الوطني، وهي تجسيد لوحدة الشعب العربي الفلسطيني، لأنهم يمثلون جميع أسرى الحرية بمختلف ألوان طيفهم الحزبي والحركي والفصائلي والسياسي، وهي تكريس لنماذج البطولة والفداء في تحدي جرائم المستعمر الصهيوني، والانتصار لارادة الشعب والقيادة في هزيمة مجرمي الحرب الصهاينة، وتعميق الوعي الوطني ودروس في أشكال الكفاح المجيدة عمومًا وداخل سجون ومعتقلات دولة جريمة والإرهاب المنظم الإسرائيلية خصوصًا بين الأجيال الجديدة، التي تشربت الكفاح من حليب أمهاتهم ومن مدارس البطولة والفداء على مدار تاريخ النضال الوطني.
نعم الأبطال السبعة الفسفوس والقواسمي والأعرج وأبو هواش وأبو عكر والهريمي والاشقر كرسوا في مسيرتهم، وصيرورة كفاح الحركة الاسيرة نموذجهم الشجاع، واظهروا قوة تحدٍ واحتمال في معركة الأمعاء الخاوية عالية وجديرة بان تسجل في السجل الذهبي للحركة الاسيرة الرائدة، رغم التفاوت في أيام اضرابهم، والتباين في فصول روايتهم، بيد إنهم موحدون في تحدي عدوهم عدو الشعب العربي الفلسطيني، والنصر بالضرورة سيكون لهم، رغم محاولات سلطات السجون التسويف والمماطلة في الإقرار بهزيمتها. لكنها بالضرورة سترفع الراية البيضاء أمام جبروت وقوة احتمالهم، فضلاً عن أنها ستتحمل كامل المسؤولية عن حياة أي بطل منهم تتعرض حياته للخطر والموت. لأن الشعب العربي الفلسطيني لن يغفر ولن يرحم، ولن ينسى قتلته ومرتكبي المجازر ضد أبنائه.
المصدر: الحياة الجديدة
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها