تقرير: معن الريماوي

أكد قانونيون أن قرار تشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة بشأن العدوان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية، وضمان احترام القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، يعد انتصارا للقضية الفلسطينية وشعبنا، وانحيازا للقانون الدولي في ترسيخ مبادئ العدالة، وملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين أمام القضاء الدولي والمحاكم الجنائية.

وشددوا على أن القرار الذي صوت له مجلس حقوق الإنسان مساء اليوم الخميس، بواقع 24 دولة، يؤكد جهوزية التحرك السياسي الدبلوماسي الحثيث الذي يقوده الرئيس محمود عباس للدفاع عن حقوق شعبنا، ومحاولة إعطاء صورة للعالم عن المأساة التي نعانيها، ووضع فلسطين على المحافل الدولية بكل قوة.

في هذا السياق، قال وزير العدل محمد الشلالدة إن القرار يعد انتصارا لصالح الضحايا المدنيين، وللقضية الفلسطينية ولأبناء شعبنا، لأن تشكيل لجنة تحقيق دولية هو تأكيد بأن هناك جرائم ارتكبت بحق شعبنا، وهذه اللجنة ستقوم بالتحقيق في كافة الانتهاكات الجسيمة وفقا للقانون الدولي الإنساني، خاصة اتفاقيات جنيف الأربعة، واتفاقيات حقوق الإنسان.

وأكد أن القرار هو انحياز للقانون الدولي أيضا، وترسيخ لمبادئ العدالة والإنصاف، ومساءلة وملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين أمام القضاء الدولي وأمام المحكمة الجنائية الدولية، لأن تقرير لجنة التحقيق والتي تستند بالدرجة الأولى لتقارير من منظمات حقوق الإنسان العاملة في الأرض الفلسطينية المحتلة، وكذلك تقارير المفوضين الساميين كلها تكون أدلة جنائية وإثبات قانوني أمام المحاكم الدولية.

وقال إن غالبية المندوبين وممثلي الدولي أكدوا في كلماتهم اليوم أن هناك انتهاكات جسيمة خالفت مبادئ وقواعد القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني بحق السكان المدنيين في كل الأراضي الفلسطينية.

وأضاف: لذلك تم تشكيل اللجنة والذي يمكن الاستناد والبناء عليها لتكون وثيقة ودليل واثبات أمام أي قضاء دولي، سواء محكمة الجنائية الدولية، أو أمام أي اختصاص قضائي عالمي آخر، أو يمكن الاستفادة منه وتوظيفه لدى أجهزة الأمم المتحدة سواء الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن من أجل تحويله الى آليات قانونية لتحميل السلطة القائمة بالاحتلال المسؤولية عن جرائمها.

وقال إن دولة الاحتلال عادة ترفض استقبال لجان التحقيق المشكلة سواء من مجلس حقوق الإنسان أو غيره، وكان لنا تجربة في تقرير غولدستون، وهذا بحد ذاته إدانة من قبل المجلس لإسرائيل، وتستطيع اللجنة الحصول على الأدلة والإثباتات بكافة الوسائل سواء من خلال الاجتماع مع عائلات الضحايا، أو من خلال تقارير مؤسسات حقوق الإنسان العاملة في فلسطين والمعتمدة لدى الجهات الدولية، أو العاملة لدى سلطات الاحتلال، كمنظمة "بيتسيلم"، إضافة لتقارير منظمة "هيومان رايتس ووتش" ومنظمة العفو الدولية، واللجنة الدولية للصليب الأحمر وغيرها.

وأردف: تستطيع اللجنة بذلك أن تبني تقريرها وتحمل إسرائيل المسؤولية الدولية والمدنية عن جرائمها، فهي تتمتع بقيمة قانونية هامة لصالح الشعب الفلسطيني، ومجلس حقوق الإنسان يرفع تقريره للجمعية العامة للأمم المتحدة والتي تمثل 193 دولة، ولمجلس الأمن من أجل اتخاذ الآليات القانونية لإجبار إسرائيل بتطبيق قرارات الشرعية الدولية وكافة القرارات الصادرة.

بدوره، قال مندوب دولة فلسطين لدى الأمم المتحدة إبراهيم خريشي إن القرار قد يكون الأول الذي وضع آلية أممية للرقابة الدولية على الانتهاكات التي تقوم بها إسرائيل، والتمييز العنصري والممارسات الإسرائيلية في هذا المجال، وهذه اللجنة لها صلاحيات أكبر باتجاه تحديد المسؤوليين عن هذه الانتهاكات،  مشيرا إلى أنه يمكن الاستفادة من هذه التقارير كوثائق أممية في المحطات القانونية المختلفة مثل محكمة الجنايات الدولية أو المحاكم ذات الولاية الشاملة في عديد الدول، وستؤسس لمسار قانوني جديد كنا في السابق غير قادرين على الوصول لها، وهذا القرار مهم جدا وقد يعيد جزءًا من الحقوق لشعبنا بما فيها التعويض وجبر الضرر، ونأمل أن يكون هناك تعاون لاحقا مع كل الجهات المعنية.

وأكد خريشي أن القيادة الفلسطينية ممثلة بالرئيس محمود عباس تعرضت لضغوط كبيرة لعدم الذهاب لمجلس حقوق الإنسان، ولكن أصرت على الدفاع عن حقوق شعبنا ومحاولة إعطاء صورة للعالم عن المأساة التي تقع ضد أبناء شعبنا، لذلك نجاحنا اليوم هو جراء استمرار عمل القيادة الحثيث للوصول لفعل حقيقي من أجل إنهاء الاحتلال وإنهاء هذه المعاناة، وممارسة شعبنا حقه في تقرير مصيره وإقامة الدولة المستقلة، إضافة لصمود شعبنا ونضاله.

وعن الدول التي امتنعت عن التصويت لصالح تشكيل اللجنة، قال خريشة إن كثيرا من الدول الأوروبية تؤيد تشكيل لجان تحقيق كما جرى في عديد الدول كفنزويلا وسوريا واليمن وغيرها، لكن عندما يصل الأمر لإسرائيل نرى ازدواجية في المعايير، وهذه تعد قاتلة لنظام القانون الدولي، وبالتالي فإن ما حصل من إنجاز رسالة للعالم أن الشعب الفلسطيني لن يستسلم وسيستمر في نضاله واستخدام كل أشكال المقاومة بما ينسجم وأحكام القانون الدولي.

من ناحيته، أوضح مدير مؤسسة الحق شعوان جبارين أن ما جرى يعد سابقة، حيث أنه ولأول مرة يتضمن شيء يتعلق بالمواطنين الفلسطينيين داخل أراضي الـ48، بالتالي فإن اختصاص اللجنة ليس الضفة والقدس وغزة، وإنما أضيف لها أراضي الـ 48، وهذا يتسق مع وحدة الشعب الفلسطيني.

وبين أن السنوات الأخيرة الماضية كانت عجاف على مستوى مجلس حقوق الإنسان، والمؤسسات الدولية، نتيجة إدارة ترمب والتهديدات والبلطجة، واليوم عاد الموضوع الفلسطيني بقوة في المحافل الدولية على كل المستويات.

وقال إن لجنة التحقيق هي لجنة مختصة ورفيعة المستوى في المجال القانوني والتحقيق، وستصل إلى ربط الجرائم بمسؤولين محددين، سواء من أعطى الأوامر أو من نفذ، بالتالي ستصل للمستوى السياسي، لأن هناك أشخاص كثر شاركوا بالجرائم، سواء بالقوانين التي شرعت ونظام الفصل العنصري، عدا عن قصف قطاع غزة، ونقل السكان القسري في حي الشيخ جراح، وغيرها.

وأكد أن القرار سيخدمنا من كل النواحي السياسية، والأخلاقية، والقانونية، فهي عبارة عن وثيقة دولية من جهات قانونية مختصة يشتمل تقريرها إلى توصيات محددة، وبالتالي سيصل إلى توصيات بإحالة التقرير كجزء من الوثائق الرسمية الى محكمة الجنايات الدولية.

وتابع: إسرائيل تحرص دائما على خلق اليأس لدى شعبنا بأنها لا يمكن أن تلاحق وتحاكم، وأنها فوق القانون، وأثبتت الأيام أن هذا الأمر غير دقيق وغير صحيح، فالضمير الإنساني ما يزال يختزل فلسطين بداخله.

من جهته، قال نائب مفوض العلاقات الدولية لحركة فتح عبد الله عبد الله إن ما جرى هو إنجاز وخطوة جديدة تضاف للنشاط الدبلوماسي الفلسطيني الحثيث، وما شاهدناه خلال الأسبوعين الماضيين من جلسات لمجلس الأمن، وجلسة للجمعية العامة للأمم المتحدة، وأخرى لمجلس حقوق الإنسان يعد نشاطًا غير معهود، وهو ما يؤكد جهوزية التحرك السياسي الفلسطيني الذي يقوده الرئيس وتنفذه الجهات المسؤولة سواء وزير الخارجية أو السفارات أو المندوبية الدائمة لفلسطين في كل من جنيف ونيويورك.

وأشار إلى أن القرار مهم من حيث أن اللجنة ستتابع أيضًا الأحداث التي ستقع، وهذا تقدم جديد في عمل اللجان.

وأضاف: الجهد الأكبر الذي تقوم به الدبلوماسية الفلسطينية هو العمل على دعوة اللجنة الرباعية على مستوى وزراء الخارجية لتستطيع العمل على توسيع إطارها، للبحث في كيفية إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وفق قرارات الشرعية ذات الصلة والقانون الدولي والاتفاقيات الموقعة، والتي يجب أن يكون لها سقف زمني محدد.