من المؤكد أن حكومة نتنياهو لم تحقق أي من اهدافها، وفشلت فشلا ذريعا على المستويات كافة، في المسجد الأقصى وفي ساحة باب العامود وفي حي الشيخ جراح وداخل اسرائيل نفسها وعلى جبهة قطاع غزة. رغم إدعاءات نتنياهو وغانتس وكوخافي أمس الجمعة الموافق 21 /5/2021 في مؤتمرهم الصحفي، والذي جاء بعد أكثر من 15 ساعة على قبول الكابنيت المصغر وقف إطلاق النار في العاشرة من مساء اول أمس الخميس. ولم تكن لدى رئيس حكومة تسيير الأعمال ولا وزير حربه ولا رئيس اركان الجيش "الذي لا يقهر" الشجاعة بالإعتراف بحجم الخسائر في الأرواح والمعدات وخاصة قبتهم الحديدية، وفي البنية التحتية وفي القطاعات الإقتصادية المختلفة، وفي الروح المعنوية لسكان دولة إسرائيل، ولم يشر للخسائر العظيمة، التي نجمت عن هبة الجماهير الفلسطينية في الجليل والمثلث والنقب والمدن المختلطة للدفاع عن كرامتها، وكرامة شعبها وابناء جلدتها في الضفة عموما والقدس خصوصًا والقطاع على حد سواء إلا من باب التهديد والوعيد لها بعظائم الأمور، وبمواصلة الحرب العنصرية الفاشية ضدها.

وعلى الصعيد الشخصي خسر نتنياهو، مع إنه مع دخول جبهة غزة المواجهة حقق في البداية نتائج اولية لصالحه، لكن سرعان ما إكتشف الإسرائيليون من مختلف المشارب والألوان الصهيونية، انه فاشل، ومهزوم، ودمر إسرائيل لحسابات أجندته الخاصة. وهذا ما أشار له وزير الحرب الصهيوني غانتس في المؤتمر الصحفي المشترك مع نتنياهو، عندما أشار إلى أن "إسرائيل بحاجة إلى تغييرات عميقة"، وهو يقصد بشكل واضح، ان فساد ولعنة بيبي تطارد مستقبل الدولة الإستعمارية الإسرائيلية، وبالتالي دعا ضمنًا كل النخب الصهيونية التخلص من شرور ونرجسية الرجل القابع في شارع بلفور دون تردد. حتى أقطاب اليمين لم يتمكن من لَّم شملهم، وكان كل هدفه إفشال تشكيل حكومة كتلة التغيير، والذهاب للانتخابات، وهو يعلم أن إسرائيل ذاهبة للانتخابات ال25، ولكن بعد شهور قليلة إذا أتيح لتلك الكتلة النجاح بتشكيل حكومة. بيد انه لا يريد أن يعطيهم ولا اي فرصة، ولو لأسبوع، لإنه يدرك أنه بمجرد خروجه من سدة الحكم، فإن مصيره الذهاب بقدمين ثابتتين إلى اقرب زنزانة من بيته.

والأهم إن الشعب العربي الفلسطيني نجح بكل مكوناته بتحشيد الرأي العام العالمي في الأميركيتين الشمالية والجنوبية وفي أوروبا بكل مكوناتها وفي أسيا وأفريقيا وأستراليا لصالح الدفاع عن حقوق ومصالح الشعب الفلسطيني، وأدان وفضح المتظاهرون في ارجاء الدنيا اكاذيب دولة الأبرتهايد الإسرائيلية، وقيادتها المارقة والمزورة لحقائق الصراع والتطورات الجارية في جبهة المواجهات. اضف إلى ان العالم واقطابه السياسيين، رغم تأخرهم في إقرار قرار اممي بوقف جرائم الحرب الإسرائيلية، نتاج مماطلة وتسويف إدارة بايدن، التي تساوقت مع رغبات نتنياهو وأركان حربه في الحؤول دون وصول مجلس الأمن الدولي لإصدار بيان واحد يدعو لوقف المجزرة على جبهة قطاع غزة، رغم عقد اربع اجتماعات متتالية. ومع ذلك كان العالم بقضه وقضيضه بما في ذلك الولايات المتحدة مع الشعب الفلسطيني، ومع وقف المذابح البربرية والفاشية، التي تنفذها قوات جيش الموت الإسرائيلي وطائراته الحربية وزوارقه البحرية.

فضلًا عن أن هبة القدس العظيمة الرمضانية حققت وجسدت وحدة وطنية غير مسبوقة منذ عام 1936، والذي تمثل منذ البدايات في صب الجهود الوطنية في هبة متعاظمة في كل التجمعات، والتي تجلت يوم الثلاثاء الموافق 18 من مايو الحالي حيث عم الإضراب والمظاهرات الشعبية العارمة، كما لم تشهدها فلسطين من قبل. وأكدت على تمسك الشعب الفلسطيني بهويته واهدافه وثوابته الوطنية، كما وأكد من مختلف منابر ومدن وقرى وخرب ومخيمات الشعب وقوفه بثبات خلف قيادته الوطنية، وخلف اهدافه في الحرية والإستقلال والعودة وتقرير المصير والمساواة.

هبة القدس أكدت وتؤكد، انها ماضية في كفاحها حتى تضع حدًا لهمجية ووحشية دولة التطهير العرقي الإسرائيلية، وأن المعركة، التي توقفت على جبهة غزة، مازالت مستمرة في القدس والشيخ جراح وفي نابلس ورام الله البيرة وجنين وطولكرم وأريحا وقلقيلية والخليل وبيت لحم والخضر وبيت جالا وداخل الداخل في اللد والرملة وحيفا ويافا وعكا وشفا عمرو وأم الفحم والناصرة وكل قرية ومدينة ومخيم حتى تحقيق كامل الأهداف الوطنية. وكرست الهبة القضية الفلسطينية كقضِِية مركزية للعالم وليس لفلسطين والعالم العربي، ووضعت كل المطبعين الإستسلاميين في مأزق خيارهم الرخيص، لإنهم أدركوا أن الدولة الإستعمارية وبيتها أوهن من بيت العنكبوت.ِ