بقلم/ موفق مطر

حسمت امم  الثقافة والتربية والعلم المتحدة بالأمس رؤيتها، فقررت أن فلسطين في قلب التاريخ الانساني، فلسطين دولة، شعبها حضاري، وان حرية هذا الشعب تعني حماية ثقافته، وتأمين الحرية والاستقلال والسيادة له على رموزه الثقافية والتاريخية تعني تعزيز اللقاء بين الثقافات وتكامل الحضارات. فرسالة  اليونسكو نراها اعظم واعمق من مجرد الاعتراف بدولة فلسطين،  كعضو كامل في هذه المنظمة الأهم  من منظمات الأمم المتحدة، فالاعتراف بدولة فلسطين كاملة العضوية  كانت رسالة بالغة من الأمم الحضارية المدنية  ذات الثقافة الانسانية بان الاستعباد، الاستكبار، الظلم، والاحتلال عار على الانسانية  يجب ان ينتهي والى الأبد وتبدأ دولة فلسطين بالقيام، فالاحتلال  والسطو والاستيلاء على تراث الأمم والشعوب ورموز هويتها مخالف لقيم المدنية وثقافة السلام التي اجمعت عليها العقائد السماوية والديانات والفلسفات والقوانين والمواثيق والأعراف الانسانية.

حقا انه ربيع فلسطين، يشق صخر الاحتلال ومشاريعه، الاستيطان واسمنته المسلح، ربيع عربي فلسطيني في زمن أراده المستبدون الظالمون الكبار خريف عمر، فظنوا أننا سنجلس على طاولتهم الى الأبد "نخرف" للزمهرير  والريح  حكايات قضيتنا وحقوقنا، فاثبتنا للعالم أن مقولاتهم  "تخريف" لم ولن تفلح في تحريف  او حرف مسار الزمان عن سكة الحقيقة ، فعلى هذه الأرض ما يستحق الحياة  هنا كنا وهنا مازلنا وهنا سنكون  ومنظمة الأمم  المتحدة  للتربية  والعلم  والثقافة  اليونسكو شاهدة على حقنا التاريخي والطبيعي في ارضنا ورموزنا الروحية والثقافية  فلوجهنا الحضاري الانساني على هذه الأرض جذور لمس العالم طيبتها  واصالة مكوناتها ومقوماتها  الانسانية  فاعتراف العالم بالحق الفلسطيني  رمية صائبة على كعب اخيل المشروع الاحتلالي الاستيطاني.

حرص أصحاب المشروع الصهيوني على اعدام الصلة بين تاريخنا، هويتنا، ثقافتنا، اسهامنا الحضاري العلمي، وحاضرنا، حاولوا اقتلاعنا من الوجود فلم يفلحوا، حاولوا طمس معالمنا التاريخية فأفشلتهم دراسات وابحاث الخبراء والعلماء الاسرائيليين قبل غيرهم من الباحثين عن الحقيقة من اجل الانسانية  المتحررين من النزعة السياسية.

 زيفوا، حرفوا، استغلوا كل ما لنا ما بين قبة السماء وباطن أرضنا  من ارث  وتراث ومعابد يسبح المؤمنون بها اسم الله  ومعالم تاريخية أخضعوها لعمليات تجريف وتجميل حسب طلب المزيفين الكبار ، اصحاب قانون الالغاء والاحلال، لكنهم لم يستطيعوا  التعتيم على عقول وارادة وقرار الأحرار في العالم .

 تنظر ادارة البيت الأبيض للقضايا بمنظار المال ، فهددت بقطع مساهمتها المالية ،فبدت الادارة كتاجر مستغل يتعامل مع  الثقافة والعلوم  الانسانية وقيم التربية كسلعة تباع وتشترى، وهذا ما يدفعنا للاعتقاد أن الدول التي  انتصرت لفلسطين في هذا المحفل الأممي انما انتصرت لمعاني الثقافة  والعلوم والتربية، انتصرت لفلسطين باعتبارها نموذجا للتحرر، فالدول التي ضاقت ذرعا باستهتار البيت الأبيض  وحكومة اسرائيل بالارادة الدولية، قد وضعت حدا بهذا القرار لتماديهما في التعدي على ثقافة السلام، واغفالهما المقصود لما تمثله فلسطين من قيمة روحية لمليارات من شعوب العالم المؤمنين، فالى القدس عاصمة فلسطين والى بقاع مقدسة ككنيسة القيامة والمهد والمسجد الأقصى والحرم الابراهيمي وجبل جرزيم يحجون، ويتطلعون ان تتظلل بالسلام لكن الاحتلال الذي هو سبب الصراع يمنعهم عن مقدساتهم، وعن استطلاع الوجه الحضاري الحقيقي لفلسطين  التاريخ والطبيعة.

بالأمس انتصرت أمم الثقافة والعلم لنفسها ورفعت علم فلسطين على صرحها   فالانتصار لفلسطين يعني الانتصار لثقافة السلام ، لكن القدس مدينة السلام  مازالت تنتظر اعترافا لأن تكون عاصمة دولة  الحرية و الثقافة السلام فلسطين ، فالأمل مازال قائما وصبح الدولة بدا يشرق  واوله النور المنبعث من اليونسكو.