بقلم/ عادل عبد الرحمن
كان يوم أمس الاثنين الموافق 31إكتوبر/ تشرين اول 2011، يوما تاريخيا فعلا في سجل النضال الوطني الفلسطيني بتصويت منظمة الامم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة لصالح قبول عضوية دولة فلسطين فيها، لتصبح الدولة العضو 195. إنتصرت منظمة اليونيسكو على إرهاب الدولة الاميركية والاسرائيلية. إنتصرت شعوب الارض التي صوتت لصالح عضوية فلسطين، لانها صوتت للسلام ولخيار حل الدولتين للشعبين على حدود الرابع من حزيران 67. ولانها صوتت للحرية والاستقلال، وإنهاء آخر الاحتلالات في العالم، الاحتلال الاسرائيلي للارض العربية الفلسطينية، وحرمان شعبها من بناء دولتة المستقلة وذات السيادة إسوة بباقي الشعوب.
ولا يفوت المرء، التقدير والشكر لكل الدول التي صوتت، والتي ساهمت في إقناع الاخرين بالتصويت لصالح فلسطين، وتقدير خاص للدول الاوروبية الغربية ، التي صوتت لصالح عضوية فلسطين، شكرا لفرنسا واسبانياوبلجيكا والنرويج والنمسا ولوكسمبرغ وايرلندا وايسلندا، هذه الدول ، التي تجاوزت عقدة التصويت الى جانب الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة. وتجاوزت في الوقت ذاته عصا الولايات المتحدة وبلطجتها، كما تجاوزت الاتهامات الاسرائيلية المسبقة لكل من يساند الموقف الفلسطيني او العربي العادل ببعبع "اللاسامية"، ولم تلجأ كالعادة للامتناع.
وحتى الشعوب التي إمتنعت (خشية العقوبات والعصا الاميركية) شكرا لها، لانها لم ترضخ تماما للقرار الاميركي - الاسرائيلي، فلجأت الى الامتناع عن التصويت، مع انها في قرارة نفسها تؤيد التصويت لصالح عضوية فلسطين.
إن عضوية دولة فلسطين في اليونيسكو، تعتبر خطوة للامام نحو الحصول على العضوية الكاملة في الامم المتحدة. لان حصول دولة فلسطين على (107) اصوات في مقابل إعتراض (14) دولة من بينها الولايات المتحدة ودولة الابرتهايد العنصرية الاسرائيلية، وإمتناع (52)، هو دليل على وقوف شعوب الارض الى جانب فلسطين، وحقوق الشعب العربي الفلسطيني، المهدورة منذ النكبة عام 1948، اي منذ اربعة وستين عاما، والرازح تحت الاحتلال الاسرائيلي منذ اربعة واربعين عاما، وهو تحدي للتهديد الاميركي بقطع ما تقدمه من مساعدات لموازنة اليونيسكو. وتهديد اسرائيل بعدم التعاون مع المنظمة الاممية.
من المعيب بحق اميركا ان تقف هذا الموقف، لانه بكل المعايير فيه إدانة لها ، ولمكانتها الدولية، ولدورها كراعي اساسي لعملية السلام. لا يجوز للولايات المتحدة، ان تسقط هذه السقطة، إذا كانت فعلا معنية بتحقيق السلام، عليها مراجعة ذاتها وموقفها من عملية التصويت، وتعلن وقوفها الى جانب الشعوب التي صوتت لصالح عضوية دولة فلسطين، وتوقف سياسة التهديد والوعيد والمطاردة للدول، التي تناصر الحق المشروع للشعب العربي الفلسطيني، الحق الذي كفلته الامم المتحدة ومواثيق واعراف وقوانين وقرارات الشرعية الدولية. اميركا اوباما والايباك والكونغرس وأصحاب الشركات العملاقة ورؤساء الجامعات والمراكز البحثية وعموم صناع القرار الموجودين على المسرح، او اللاعبون الحقيقيون خلف الستار، عليهم جميعا مراجعة حقيقية للسياسة الخاطئة التي تنتهجها الادارة الاميركية تجاه المسألة الفلسطينية، وتجاه عملية السلام، وتجاه المصالح الحيوية الاميركية والاسرائيلية على حد سواء. لان دعم خيار حل الدولتين للشعبين على حدود الرابع من حزيران 67، ودعم العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الامم المتحدة ومنظماتها المختلفة مكسب لاميركا واسرائيل والعالم وليس فقط للشعب العربي الفلسطيني.
إن عضوية دولة فلسطين الكاملة في منظمة اليونيسكو، عضوية نوعية، وإضافة مهمة للمنظمة الاممية المختصة بالتربية والعلوم والثقافة، حيث من المفترض ان تساهم الدولة الفلسطينية بدور نوعي على الصعد والمستويات المختلفة من خلال رفدها للثقافة والمعرفة والعلوم الانسانية، ومن خلال دعمها للنهوض بالمعرفة والمثقافة بين الشعوب والحضارات الانسانية المختلفة، ووقوفها الى جانب قضايا الشعوب العادلة.
مبروك لليونيسكو اولا لوقوفها في وجه التحدي الاميركي - الاسرائيلي، ومبروك لانتصارها لقضية عادلة، ومبرك كبيرة لفلسطين وشعبها الانجاز الكبير، ومبروك حقيقة للرئيس محمود عباس، الذي لم يتراجع امام كل التهديدات الاميركية - الاسرائيلية، وأصر على المضي قدما في الحصول على عضوية اليونيسكو الكاملة لدولة فلسطين. وهو بهذا القرار فضح وعرى مواقف القوى المعادية للسلام والحرية والاستقلال، القوى المتساوقة مع الاحتلال والدوان الاسرائيلي.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها