هنيئاً لفلسطين، ولديبلوماسيتها المثابرة، على الفوز بالعضوية الكاملة في اليونسكو. ففي هذا المنبر، ترتسم الحقائق المجردة، ويكون للأمم موقفها الوازن والحاسم، دون إعاقة ظالمة، من قوى الاستكبار التي تجافي العدالة!
فقبل أن تكون منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة، معنية بتعزيز العلاقات بين الأمم، في ميادين اختصاصها؛ فإنها أولاً وقبل شيىء، تكرس عملها من أجل تعزيز العدالة والتسامح، وتنبيه من استبد بهم الغرور، من القوى الرأسمالية، الى عظمة المآثر العلمية والمعرفية للشعوب الفقيرة، على امتداد تاريخ الحضارة. وفي ذلك السياق، كان للمنظمة الأممية للتربية والعلوم والثقافة، صولات وجولات مع حكومات أقطار الاستعمار القديم وقوى الهيمنة الإمبريالية المعاصرة، بالتالي لم يخلُ تاريخها، من اتهامات لها، مرة بالشيوعية، وأخرى بالبيروقراطية، وبهيمنة دول العالم الثالث عليها. وفي إطار المنطق الأمريكي خلال ثلث القرن الأخير، وأثناء انسحاب واشنطن ولندن من المنظمة، ومهاجمتهما لها، أحيلت القضية الفلسطينية في لغتهم، الى ملف الحرب الباردة أو بقاياها، إذ كانوا ينسبون التأييد الذي تحظى به قضيتنا الى دعم أقطار المعسكر الاشتراكي لمنظمة التحرير الفلسطينية. أما الآن فإن العالم الذي طوى زمن الحرب الباردة؛ يقف ضد محاولات القطب الأوحد، تغذية النزاعات وشن الحروب والحفاظ على بؤر التوتر. بالتالي فإن رؤية غالبية دول العالم للنزاع في المنطقة، تقضي بأن يكون الحل على قاعدة الحق والحقيقة وتعزيزاً للسلام. إن قرار الإرادة الدولية، من خلال منظمة التربية والعلوم والثقافة، لا يخضع لحق النقض، مثلما هو الحال في مجلس الأمن. لذا فإن شهادة الضمير العالمي، التي توافقت عليها غالبية الأمم، من شأنها أن تجعل 'الفيتو' الامريكي في مجلس الأمن أصعب وأكثر بذاءة أمام الأسرة الدولية. وإن أصرت واشنطن على استخدام 'الفيتو' فإن دولة فلسطين التي ما تزال تجافيها الأمم المتحدة، بجريرة 'حق نقض' يستخدم ضد السلام والعدالة؛ ستظل راسخة، وسيزداد وزنها في الضمائر، وستكون عضواً في نادي الأمم ومنظماتها، وعلى الخارطة السياسية.تحية لمن سعوا واجتهدوا على طريق رفعة فلسطين وعضويتها في اليونسكو. فقد كان الرئيس أبو مازن، في طليعة من ثابروا، على الرغم من كل الضغوط، وكان السفير البديع المثقف الياس صنبر، من بين هؤلاء الذين عبروا عن الوجه الحضاري والثقافي والإنساني للشعب الفلسطيني، كذلك فقد ثابر وزير الشؤون الخارجية رياض المالكي، وواكب، منذ عدة أشهر، عملية التهيؤ ليوم اليونسكو، وكانت الدبلوماسية الفلسطينية متفائلة وناشطة في التحضير لمحطتي مجلس الأمن واليونسكو. والامتنان للشعوب الصديقة والشقيقة، ممثلة في شعوبها. فقد كان دعم فلسطين، في هذا الزمن الرمادي، برهاناً على أهمية العناوين المحببة، كحركة عدم الانحياز، ومنظمة المؤتمر الإسلامي، وجامعة الدول العربية. فهنيئاً لهؤلاء وهم ينتصرون لضمائرهم، وهنيئاً لشعبنا فوزه بثقة الوجدان الإنساني قاطبة، على طريق حرية فلسطين واستقلالها!
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها