في كلمته يوم الأحد الماضي، في مؤتمر المنامة للأمن الأقليمي فجر الأمير السعودي، تركي الفيصل قنبلة سياسية فجعت الإسرائيليين الصهاينة، وأيقظتهم من حلم "وردي" روجه وبثه ملك الفساد بنيامين نتنياهو،  حلم التطبيع مع دول عربية.

وأذكر سريعًا جدًا ببعض ما ذكره رئيس جهاز المخابرات السعودي الأسبق، حيث أعاد تأكيد المؤكد عن طبيعة دولة المشروع الاستعماري الغربي، المزنرة بالأسلحة النووية والبيولوجية والكيميائية والتقليدية حتى الاختناق، والتي قامت على التزوير والكذب، والقتل والنهب والمصادرة لأراضي الشعب الفلسطيني، واعتقال مئات الآلاف من الأطفال والنساء والشيوخ والشباب ووفق المعايير العنصرية الفاشية، ومع ذلك تدعي أنها الدولة "الديمقراطية الوحيدة" في الشرق الأوسط، وقامت بقلب الحقائق رأسًا على عقب، مع ادعائها، أنها دولة "صغيرة" مهددة من محيطها العربي، ونصح الإسرائيليين إذا أرادوا السلام، أن ينفذوا مبادرة السلام العربية بدل مواصلة هدم عملية السلام، وقتل الفلسطينيين والعرب، وشن حملات إعلامية ديماغوجية كاذبة من جيش الإعلام المنتشر في أصقاع الأرض لترويج البضائع الفاسدة، وشن الحملات المغرضة والتحريضية على السعودية العربية وغيرها من الدول الشقيقة. وأكد الفيصل، أن ما يسمى الاتفاق الإبراهيمي "ليس اتفاقا إلهيا"...؟ إلخ من الحقائق الدامغة والمعروفة منذ اللحظة التي تشكلت فيها على أرض ووطن الشعب  الفلسطيني، ما أثار غضب وحنق الصهاينة جميعًا من أقصاهم إلى أقصاهم، ودفعت مواقف السفير السعودي الأسبق في واشنطن، وزير الخارجية الإسرائيلي غابي إشكنازي للرد الاستنكاري عليه، جاء فيه، أن مواقف الأمير "لا تعكس روح التغيير في الشرق الأوسط". وأعرب عن أمله، في أن تشكل عملية التطبيع نقلة إيجابية في العلاقات البينية. وهو أمل إبليس في الجنة، لأن الواقع في الحقيقة غير ذلك تمامًا.

كانت كلمات الأمير السعودي تعكس الحقيقة والمرارة في آن، لأن العرب تقدموا ألف خطوة للأمام تجاه دولة الصهاينة، وهي مع كل تقدم نحوهم لصناعة جسور السلام، كلما تراجعت أكثر، وتغطرست، وعمقت خيارها العنصري الفاشي ضد الفلسطينيين خصوصًا والعرب عموما، وبشكل سافر. ولم يلجأ للمداهنة والمهادنة الكاذبة، بل أصر على قول الحقيقة، وإطلاقها في لحظة سياسية مهمة، خاصة بعد عمليات التطبيع المذلة لبعض الدول العربية، ومع اقتراب غروب شمس إدارة ترامب غير المأسوف عليها. وكأن الأمير العربي شاء أن يوجه لطمة قوية للإسرائيليين الاستعماريين القتلة، وللرئيس ترامب، المنتهية ولايته، ولكل العرب المتهافتين للسقوط في متاهة ومستنقع التطبيع المذل في آن واحد، وشاء أن يوقظهم من زفة الغفلة، والحمل الكاذب لعملية التطبيع، ولما يسمى اتفاقات "ابراهام" أو "الإبراهيمية"، وردًا على من تجرأوا من العرب على الاساءة للشعب والقيادة الفلسطينية، ومحاولة لكي الوعي العربي عمومًا، وفي ذات الوقت دعمًا واضحًا لمواقف القيادة الفلسطينية، وتعزيزا لمكانة وأهمية قضية العرب المركزية، قضية فلسطين.

نعم الأمير تركي الفيصل تحدث باسمه الشخصي في المؤتمر، لأنه لا يحمل أيّة صفة رسمية. لكن الحقيقة المؤكدة والمعروفة لنا جميعًا، أن الفيصل، أولًا هو أمير من العائلة المالكة، وهذه صفة أساسية ومهمة؛ ثانيًا ليس مسموحا في العربية السعودية لأي شخص أميرًا أم مواطنًا عاديًا المشاركة وتقديم أوراق عمل في المنتديات العربية والإقليمية والعالمية ما لم يأخذ الضوء الأخضر من أولي الأمر الملكية، ومن الأجهزة الأمنية؛ ثالثًا الرجل تولى مهمات مركزية ذات شأن في تقرير السياسات السعودية، وبالتالي لا ينطق عن الهوى؛ رابعًا هو فعلًا وقولًا عكس خطاب ومواقف الملك السعودي، سلمان بن عبد العزيز.